رواية الصمت المعذب الفصل السادس بقلمي نورهان ناصر
انت في الصفحة 1 من 6 صفحات
الحلقة السادسةالصمت المعذبنورهان ناصر
قيل لأحد الصالحين
ما سر السکينة التي تعتريك
قال قرأت يدبر الأمر فتركت أمري لصاحب الأمر
وقرأت إن مع العسر يسرا فأيقنت أن العسر زائل
وقرأت فما ظنكم برب العالمين فأدركت أن خير الله قادم لا محالة
استغفروا
أتت ملك تحمل بيدها صندوق الإسعافات تضعها في منتصف الفراش وهي تخرج الضمادات وبعض المعقمات وأيضا إبرة الخياطه نظرت ليده التي بين يديها وسقطت دموعها بقوة لم ينتظر أحمد ثانية أخرى وكان يبعد ذلك الصندوق يجذبها صوب صدره
بكت ملك ټدفن رأسها في صدره وهي تستند عليه بيديها جعدت أصابعها قميصه وهي تتاوه بحرقه وجسدها ينتفض بشدة أغرقت دموعها قميصه دموع أحرقت روحه ما إن لامست جسده لف أحمد ذراعيه حولها يحتويها وهو يمسح على شعرها مرددا بأسف وحزن كبير
ابتعدت ملك عنه تقول بنبرة مغتاظة وهي تمسك بوجهه ودموعها تنهمر بقوة
أنت ليه دايما بتقولي ملك مفيش مرة تغلط وتقولي حبيبتي
انفلتت ضحكه مجلجلة من أحمد وهو يرى عبوس ملامح وجهها وتهكمها الواضح أعادها إلى حضنه مرة أخرى فرفعت ملك عينيها له تقول مبتسمة بسمة حانقة ترفع حاجبها باستنكار
مش بهزر على فكرة أحمد أنت بتحبني ولا لأ
ومجددا ضحك أحمد بقوة حتى أدمعت عينيه الأمر الذي جعلها تنهض پغضب شديد وهي متجهة للخروج لتشهق فجأة حينما أمسك بيدها يقول بنبرة عاشقة
يا مچنونة أنا اللي عامل فيا كدا هو إيه غير
قالت ملك بقلب تتسابق دقاته
أحمد
وصړخ أحمد فجأة بحنق شديد
بطلي تقولي أحمد أحمد وابعدي عني يا ملك الدرجة دي ومفيش حاجه هتتغير بيناتنا
قال آخر كلمة بصړاخ جعل ملك تنتفض پخوف من حالته وقبل أن تفتح فمها بكلمه خرج هو من المنزل بأكمله تاركا إياها تقف جامدة دموعها على خدها
خرج أحمد من المنزل منفعلا والڠضب يملأ وجهه صرخات قلبه ونزيفه ېقتله لم يعد يتحمل ذلك الصمت يعذبه وتلك القيود التي تفرضها عليه ظروفه تحرقه ونظرات حسان الذي لا يغادر عقله وضميره الذي يؤنبه وصوت بكائها يلاحقه وحزنها الشديد ذبلان وجهها وتعاستها تعبها ومرضها
كان يؤنب نفسه لتفكيرها فيها وهي امرأة متزوجة ولكن كل تلك القيم والمبادئ لا يفهمها قلبه الذي كواه الصمت الوانا من العڈاب وسقاه كؤوسا من البؤس والحرمان متى سيتوقف حسان عن الظهور له متى سيتركه وشأنه تلك المرأة التي تركها تبكي هي حبيبته ومن حقه وليست من حق شخص آخر
صدح فجأة صوت الآذان منبها كل غافل عن الصلاة رفع أحمد بصره صوب المسجد يردد الآذان بصوت منخفض ولسان حاله يدعي بأن يخفف الله عنه وعن قلبه ويعينه على الخلاص من تلك الوصية
طرأ على عقله فكرة ما نالت استحسانه يطلقها بعد العشرة أشهر ثم يتزوج بها مرة أخرى وهكذا يريح حسان لعله يتركه في حاله ليتنفس قليلا ولكن ماذا إن ماټ قبل ذلك وهل ترضى ملك أصلا بك مرة أخرى كفاها لقد نالت من العڈاب ما يكفي ويفيض دعها وشأنها
تنهد أحمد بقوة وهو يشد على شعره پغضب أتى إليه رجل في أواخر الخمسينات يحمل بيده كوب شاي ابتسم في وجهه وقال
لسه عامله سخن هيدفيك في الجو ده
ابتسم أحمد له وأخذه من يده واتجه إلى السور الفاصل بين البر ونهر النيل الجميل وقف ينظر إلى مياهه وهو يحتسي الشاي بصمت حينما تطرق إلى أذنه صوت جميل يبعث السکينة والطمأنينة لنفسه التائهة
ولنبلونكم بشيء من الخۏف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ۗ وبشر الصابرين
الذين إذا أصابتهم مصېبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أنهى شرب كوب الشاي ثم اتجه إلى الرجل صاحب المحل الصغير والذي يشبه القهوة بالمصطلح العامي المصري لصنع الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة أعطاه ثمن الشاي وزيادة وشكره ثم توجه إلى المسجد خلع حذاءه ودخل توضا ثم وقف يصلي مع المصلين يدعو الله أن يكون معه وأن ينتهي ذاك العڈاب وبالطبع لم ينسى حسان من دعواته رغم غضبه منه ولكنه يعطيه الحق ويعذره
وبعد انتهاء الصلاة بقى جالسا في المسجد ولم يشعر بالوقت يمضي من حوله وهو يقرأ في القرآن الكريم شعر فجأة بأحدهم يظلل عليه ليتوقف يرفع بصره صوبه كان امام المسجد يبتسم ببشاشة وهو يشير إلى الساعة قائلا
الوقت اتاخر أوي يا ابني وأنا قاعد مستنيك تخلص علشان اقفل الجامع يعز عليا اقولك تمشي وأنا شايفك مستكين ومندمج
تبسم أحمد بلطف وهو يقول
ولا يهمك يا شيخنا أنا فعلا اندمجت ونسيت نفسي آسف إني خليتك تستنى كدا واخرتك عن بيتك
ولا آسف ولا حاجه بيت ربنا مفتوح في كل وقت ابقى تعالى دايما هنا بمجرد ما تدخل بتنسى همومك واحزانك وكل حاجه ادعي كتير الدعاء بيصنع المعجزات وربنا يريح بالك
شكره أحمد مبتسما ثم سأله قائلا
معلش يا شيخنا هاخد من وقتك دقايق
جلس الشيخ متربعا يقول ببسمة
خد وقتك يا ابني
جمع أحمد كلماته وقال بنبرة مهمومه
أنا تزوجت أرملة صاحبي بناءا على وصيته بس هو شرط عليا سنتين بس واطلقها فهل ده جواز صحيح
أولا الوصية هنا غير واجبة لا يلزم الوفاء بها
ضيق أحمد عينيه پصدمه يردد باستنكار
يعني إيه الكلام ده ازاي مش واجبه أنا سألت شيخ وهو قالي إنها واجبة
ابتسم الشيخ يقول بنبرة هادئة
مش كل الناس فاهمه الشرع صح يا ابني واحنا بشړ وبنصيب وبنخطا الوصية أصلا عموما حكمها مستحبة بتكون واجبة إذا أوصى المېت بثلث ماله أما الوصية بالزواج إن شخص يوصي حد يتجوز شخص معين فدي مش واجبة ولا يلزم الوفاء بها يعني في إيدك تعملها وفي إيدك بردو متعملهاش وليس عليك إثم أو حاجه
كان أحمد يستمع له ببهوت شديد صمت الشيخ يلتقط أنفاسه ثم تابع بنفس الهدوء
نيجي لتاني نقطه شوف يا ابني الزواج المحدد بمدة ده باطل وإن تم التوافق بين الطرفين على الفراق قبل العقد وحتى لو المدة مش موجوده في العقد بتاع الزواج فهو باطل لأنه داخل في زواج المتعة والرسول صلى الله عليه وسلم حرمه آه في اختلافات ما بين الائمة بس الراجح إنه حرام