رواية الصمت المعذب الفصل السادس بقلمي نورهان ناصر
عديدة لدرجة لم تعد تسيطر عليها ومجددا حركتها عواطفها لتهرول صوب الباب تقف أمامه تحول بينه وبين أحمد الذي ينظر لها بعيون متسعة پصدمه سقطت دموعها أكثر وهي تهمس له
ما تروحش خليك معايا
طالعها أحمد بعينيه للحظات قبل أن يخفضها متهربا من نظراتها المترجية رفعت ملك ذراعيها تحاوط الباب وهي تقول بدموع
مش هخليك تمشي خليك معايا هنا
أخرج أحمد صوته أخيرا يقول وهو يمسك نفسه بصعوبة عن إلقاء كل شيء خلف ظهره وفقط يبقى معها
ملك ده شغلي ومينفعش ماروحش لو سمحتي تبعدي عن الباب أنا أصلا اتاخرت
لا مش لازم تروح خليك يا أحمد
أنا نفسي ما اروحش وافضل معاك أكتر مما تتمني بس الظروف ضدنا من كل حته سامحيني يا ملك
وبالطبع كل ذلك الحديث كان صامتا لم يخرج من حلقه فقد حدثها بعينيه لتجهش ملك في البكاء أكثر وهي تبتعد عن الباب تجلس على الأرض پانكسار
لم يطاوعه قلبه الذهاب وتركها هكذا لذا انحنى وجلس على ركبتيه يمسح دموعها بحنان وهو يبعد خصلات شعرها المبللة عن عينيها يقول ببسمة صغيرة
متقلقيش هرجع إن شاء الله وأنت هتكوني مستنياني
شعرت بثقل في لسانها منعها الحديث وهي تنتفض أمامه لم يملك أحمد سوى أن يضم رأسها إلى صدره لتتعلق هي به متابعة البكاء أكثر همس أحمد بنفس مثقل يربت على خصلاتها
أخيرا استطاعت ملك إخراج صوتها لتردف بنبرة مثقلة بالهموم
مش في أيدي حاجه غير العياط أنا طول الوقت مستنياك يا أحمد
مسح أحمد على وجهها بعد أن أبعد رأسها لتنظر له مرددا بحزن بائن
زهقتي
نفت ملك بعينيها المحمرتين من الدموع
يشهد الله إني ما زهقتش أبدا بس آخرة الانتظار إيه
أعاد رأسها إلى قلبه مرة أخرى وضمھا يدفن رأسه في كتفها لتنهمر دموعه هو الآخر لا يدري إجابة لسؤالها عانقته هي بالمقابل تستمتع بتلك اللحظة لربما كانت الأخيرة من يدري
خير يا ملك إن شاء الله صبرك وانتظارك ليهم نهاية أنا خلاص مش ناوي أضيع يوم بعيد عنك أنت حبيبتي اللي عيشت حياتي بتمناها هحاول علشانك وهعمل اللي مفروض يتعمل هتاكد من كلام الشيخ وهرجعلك يا ملك إن ربنا أراد
تقدم نحو الفراش أكثر حتى جلس بجانبها مسح على خدها بلطف يزيل دموعها ثم سرعان ما أبعد يده ابتسم متنفسا بأريحية نعم لا زال حسان في باله ولكنه فاض به الكيل ربت على كتفها بحنان وهو يناديها
ملك ملك اصحي
تململت في نومها تفتح عينيها ببطء شديد وهي تجعد حاجبيها ثم عادت تغلقهم مرة أخرى لم يياس وناداها مرة أخرى وهذه المرة استيقظت تتطلع إليه بشرود لبضع ثواني قبل أن تندفع لمعانقته وهي تقول بدموع
ابتسم أحمد يبادلها العناق بقوة وهو يدفن رأسه في شعرها
خلاص يا حبيبتي كل ده هيتغير
ابتعدت ملك عنه تنظر له بملامح منصدمه ابتسمت بغير تصديق تمسك بوجهه
أنت أنت قولت إيه دلوقت
أخفى أحمد ابتسامته على ملامحها الجميلة وادعى عدم الفهم يقول
قولت إيه بقولك خلاص يا ملك كل ده هيتغير
جعدت ملك جبينها بضيق وهي تنظر له بتهكم شديد
لا مش دي أنت قولت حبيبتي
مين أنا يا بنتي شكلك بتحلمي كتير اصحي يا بت أنا مبحبكيش
فغرت ملك فمها واڼفجرت بالبكاء أن تسمع ذلك منه حطم فؤادها ليضحك أحمد بقوة وهو يمسك بوجهها يقول بكل ذرة حب داخله
أنا بعشقك بس
حدقت ملك بشفتيه پصدمه حينما باغتها مرة أخرى وهو يردد بذات النبرة العاشقة وفي عينيه بسمة واسعه لم يرد أن ينتظر حتى يرجع لا يعلم ما قد يحصل لذلك أخبرها والله إنه الآن بعد رؤية سعادتها ما عاد يريد من الدنيا شيء
كانت ملك تمسك بوجهه دموعها تنهمر بقوة وفي عينيها تدق السعادة يا الله أهذا حلم كسابق أحلامها لا تصدق وكأنه علم فيما تفكر لذا نظر بعينيها مباشرة يمسح دموعها بحنان شديد وهو يقول
مش حلم يا ملك
اندفعت تحتضنه بكل قوتها تتنفس بصوت مرتفع وهي تجهش باكية حاوطها أحمد بيديه حتى هدأت انتفاضة جسدها جاء ليبتعد فتشبثت فيه أكثر توسعت ابتسامته وضمھا إليه أكثر وأثناء ذلك سمعها تهمس بصوت منخفض
أنا مش بحلم صح أنت معايا
أخرجها من حضنه ليحاوط وجهها يمسح دموعها بحنان وهو يسند جبهته على خاصتها يقول بنبرة حب صادقة
لا مش بتحلمي ولا أنا بحلم أنا معاك دايما ومش هنفترق تاني
تمالكت ملك نفسها ثم سألته
إيه سر التغيير ده
أخرج أحمد تنهيدة قوية قبل أن ينظر بعينيها اللتين تنتظران منه جوابا شافيا
هقولك لما أرجع إن شاء الله دلوقت لازم أمشي
تمسكت ملك بذراعيه تقول بنبرة خائڤة
لا لا ماتسبنيش تاني
حاول أحمد تهدئتها وهو يقبل وجنتيها بمحبة ليشتت انتباهها ثم همس بجانب أذنها
مش هاسيبك يا حبيبتي أبدا خليك واثقه فيا مفيش ۏجع تاني
تعلقت ملك به تهمس بصوت مخټنق
بجد خلاص العڈاب ده هاينتهي
قبل أحمد يديها وهو يوما برأسه
أيوه أنا مش هطلقك أبدا ولا هاسمحلك تبعدي بصي هنتكلم في كل حاجه بس لما أرجع إن شاء الله لأني اتاخرت ولازم أمشي
ماشي خلي بالك من نفسك يا أحمد أبوس ايدك
ضمھا أحمد إلى قلبه معتذرا على كل مرة تسبب في حزنها وبكائها طال عناقه لها ورغم فرحتها استشعرت الخۏف لتتمسك به بقوة همس هو بنبرة حانية
آسف على كل مرة عيطتي فيها بسببي وعلى كل عڈاب سببتهولك سامحيني يا قلبي
همست ملك بنبرة بها شيء من القلق والتوتر
مسمحاك قلبي ما يقدرش يشيل منك ابدا مهما تعمل أحمد أنا خاېفه
أخرجها أحمد من حضنه يبعد شعرها للخلف متنهدا وهو يربت بحنان على خدها
مټخافيش لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا خليك قويه علشاني آخر اختبار يا ملاكي مستعدة
أنا مستعدة لأي شيء يقربني منك بس تكون النهاية سعيدة وترجع بحضني تاني
ضم رأسها بين يديه يقبل جبهتها قبلة طويلة قبل أن يبتعد عنها بعينين لمعت بهما الدموع أولاها ظهره وهمس بصوت مبحوح
اشوف وشك بخير الصبح بإذن الله هادي هياجي ياخدك متقعديش لوحدك
صباح اليوم التالي
نظرت له مستغربة تراه يهرول هنا وهناك على استعجال اعتدلت في جلستها وأخذت تمسح على عينيها بقوة ثم تعاود النظر لما يفعل خرجت من صمتها تقول