رواية عقاپ إبن البادية الفصل الخامس والسادس بقلم ريناد يوسف
انت في الصفحة 1 من 4 صفحات
٥ و ٦
رواية عقاپ ابن الباديه الفصل الخامس بقلم ريناد يوسف
غادر قصير الخيمة تاركا الصبي يكتم ألمه من السم الذي يجتاح جسده الصغير الآن
والكفيل بجعله ېصرخ حتى يصل صراخه عنان السماء ولكن يال العجب إنه صامت تماما نعم ان قصير قد واجه هذه الحالة من الاستسلام للألم كثيرا قبل ذلك وهذة مرحلة متقدمة من القوة والجلد والصبر ولكن في مثل هذا السن الصغير لم تحدث قط فهذا سن الفزع والاستنجاد لا سن هذا النضج الجسدي الغريب
وصل الى خيمته فتناسى أمر آدم تماما ودلف وهو يشعر بانه لامس السماء فرحا فهاهي حياة جديدة بإنتظاره وللعروس فرحة لا تضاهيها أيه افراح أعاد الثعبان لسلته وتقدم اليها ورمقها بنظرات جعلتها تذوب خجلا ثم أمرها قائلا
نفذت سدينه أمره واقتربت منه بإناء فارغ وأبريق به ماء واخذت تسكب له الماء وبدأ يفرك يداه بالصابون جيدا وهو ينظر اليها متفحصا وهي تتبسم له بخجل اذابه وحطم كل دفاعاته مما جعله أجل العشاء لوقت لاحق
وقرر ان ينهي مهمته الاهم اولا ويجعل من سدينة زوجة له
في الصباح فاق قصير عند الفجر على صوت عمه عمران خارج الخيمة ينادي عليه فأطل له برأسه وأردف له وهو يتثائب
أبشر ياعمي راسك مرفوع
وبهذا الفعل علمت البادية كلها ما يود عمران إخبارهم به وصدحت أصوات الهلاهل من أفواه النساء المتوارية خلف الخيام
ووحدها مكاسب هي من تشعر بأن هذه الاصوات تعلن عن حربها القادم مع سدينة
وانتهاء الحړب لصالحها بإحتلالها لقصير بالكامل إن أنجبت له الذكور التي يرجوها
أما آدم فلم ينم ليستيقظ بل أمضى ليلته بكاملها يتقلب من ألم في جسده
مما جعله يختبر شعور المۏت للمرة الثانيه ومع كل هذا لم يكن ألمه
انفض الأولاد من حوله كل على عمله اليومي أما هو فبقي وحيدا ينتظر نوعا جديدا من عڈاب لا يعلمه ولكنه يعتقد أن قصير يتفنن له فيه
اما في القصر
ابتسم محمود وهو يرى إخوته يهلون من بوابة القصر وملامحهم يشوبها القهر فأخفى مابداخله من شماتة ممزوجة بۏجع لا يشعر به سواه
فكم هو شعور مقيت أن من يفترض بهم ان يكونوا لك امانا ووطنا ومسكنا ودفئا تقضي معظم وقتك في التفكير ماذا ستفعل لتنجوا من براثنهم
السلام عليكم ازيك يامحمود ياخويا عامل ايه وحشتني
ليرد عليه محمود بهدوئه المعتاد
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حمداله ع السلامه يايحيى حمداله عالسلامه يامديحه انتى وفريال ازيكم ياحبايب عموا عاملين إيه قربوا ياحبايبي سلموا عليا واقفين بعيد ليه
لينطلق نحوه الولدان فور ان قال ذلك ويرتميا في حضنه الحنون أما هو فكاد قلبه ينفجر بين ضلوعه وهو يشعر بعاطفة الابوة نحو اولاد اخيه
وفي المقابل ټقتل اطفاله هو على يد اخيه واخذ يتسائل أي قلب يقطن بين ضلوعه ليطاوعه علي هذا الفعل والذي لا تفعله الحيوانات مع من يجري في عروقهم نفس الډم وتربطهم بهم صلة قرابة
اقتربت فريال والقت التحية وكذلك مديحة
وخرجت عليهم عايده من المطبخ ويال العجب فقد تبدلت احوالها كليا منذ ان تركوها
فهي تبدو اكثر ارتياحا وملامحها تبدوا اكثر إشراقا وهذا ما أكد شكوك فريال وجعل الظنون تتحول لحقائق وتعلم أن ماخمنه عقلها هو الحقيقة بلا ريب
ابعد محمود الطفلين عن حضنه وتوجه بالحديث لاخيه يحيى قائلا
اه صحيح يا يحيى نسيت اديك الظرف ده قبل ما تسافر ده جواب جلنا من عميل في فرنسا كان اشترى مننا بضاعه وعجبته وقرر انه ياخذ مننا كميه كبيره
وبعت لنا كل التفاصيل والعنوان اللي هنبعت عليه الشحنه
وطلب مننا رقم حساب بنكي عشان يحول لنا عليه الفلوس
نظره يحيى الى الظرف الذي بيد اخيه وهو لا يعلم ان كان حديث اخيه صحيح ام ان هذه محاوله منه لتضليله وصرف نظره عن انه عرف بمخططاتهم وانهم سافروا للبحث عن ابنه
فالتقط الظرف من يد اخيه وفتحه وبدا بقراءه محتوى الرساله التي بداخله والعجب كل العجب ان ما اخبره به اخيه هو بالضبط ما جاء في الرساله فطوى الرساله مره اخرى واعادها داخل الظرف واعطاه لمحمود وقال له بهدوء
وماله نبعث له اللي هو عايزه
بعد اذنك يا ابو ادم انا طالع اوصتي اخذ شاور وارتاح شويه
المشوار طويل زي ما انت عارف والسفر متعب وتبعته زوجته فريال واختهم مديحه أيضا دلفت الى غرفتها لتستريح
اقترب يحيى من فريال وسألها بحيرة
ايه رايك يا فريال في الكلام اللي قاله محمود انا شفت الرساله وفعلا كل اللي قاله حقيقي احنا شكلنا اتسرعنا لما سافرنا ندور على الولد من قبل مانتأكد
ضحكت فريال بسخرية على سذاجة زوجها وهمست له
انت بجد عقلك صغير يايحيى وبينضحك عليك بسهوله وفعلا محمود بقى يعرف يلاعبك كويس
طيب محطتش ليه في حسبانك السريه اللي كان بيتعامل بيها مع الظرف وانه خباه طيب بلاش دي ملاحظتش الهدوء والراحه والفرحه اللي فعيون عايده وعلى وشها ولا السلام النفسي اللي حاسس بيه اخوك كل الحاجات دي ملفتتش نظرك لحاجه
مأكدتلكش إنهم نجحوا فى خطتهم وانهم بعدونا وشافوا ابنهم واطمنوا عليه وإن الولد فعلا في مصر يايحيى ومخرجش منها
نظر يحيى بعيدا وهو يحاول ربط جميع الخيوط التي اعطته زوجته اطرافها ببعضهم وفي النهاية ادرك انها على صواب فكم هو غبي إذ لم يلحظ ذلك الشيئ
مره يومان وبدأ آدم في التحسن من اثر السم وهذه المره لم تكن كالمره السابقه بالنسبه له
فقد كان الالم اقل بقليل عن سابقتها وعاد لممارسه كافه نشاطاته مع الاولاد
وتلقي الاوامر من قصير والتنفيذ دون اي اعتراض بدأ يحب الجلوس بجانب الحيوانات ويرتاح بجوارهم اصبح يشعر بانهم اكثر حنانا من البشر وخاصه وهو يرى الامهات منهم وهي ترضع صغارها وتجن عليهم ان ابتعدوا عنها وتنادي وتصيح حتى يعودوا اليها صغارها فتصمت وهي تتلمسهم بانفها وفمها بحنان
وكانها تخبرهم انها اشتاقت لهم وتطلب منهم عدم الابتعاد مره اخرى بعكس امه التي تركته هنا ولم تحاول ان تعود لأخذه
وكانها انتزعت من قلبها الرحمه ونست الأمومة
لم يكن يقطع عليه خلوته الا سالم صديقه المقرب والذي اصبح لا يفارقه الا نادرا او للضروره القصوى فقد وجد كلا منهما الراحه في شخص الاخر وكأن الله أرسلهم بعضهم لبعض مستقرا ومستودع
فكان سالم هو من ياخذ بحمى ادم وېخاف عليه من كل شيء ويساعده ان إحتاج للمساعده ويعطيه من خبراته كل ما يعينه على التعلم بسرعه حتى يتخلص من هذا الشعور المقيت الذي يسيطر عليه دائما بانه عبدا مأمورا
وهو للان لم يدرك ان هذا شيء طبيعي عند اطفال البوادي
وان ما يفعله معه قصير هو العادي فمن هم في سنه او اكبر منه قليلا يكون بإمكانهم العيش بمفردهم تماما وتحمل مسؤولية انفسهم
هذا هو قانون القبائل وسكان الصحاري ولكن ادم لا يعلم هذا
وسالم يحاول ان يعينه بشتى الطرق على الفهم
مرت الايام وتوالت
كف ادم عن السؤال عن والديه او موعد رجوعهم فهو بات يعلم الان انهم لم يبتعدا وانهم في الجوار وعدم مجيئهم اليه هو بكامل ارادتهم واصبح يجتهد من تلقاء نفسه ليتعلم كل شيء
ويتفوق حتى على اطفال الباديه نفسهم دون انتظار كلمه شكر من أحد او عبارات تشجيع
فقد قرر ان يتعلم لنفسه اولا فهو على الارجح سيقضي بقيه عمره في هذه الصحراء ووسط رمالها
ولن يعود الى المكان الذي لفظه وتخلى عنه سكان
فانخرط مع الاطفال يتسابق معهم في إنجاز المهمات غير ابه لنظرات الفخر به في عيون قصير والشيخ منصور
وكانهم لا يخصونه بهذة النظرات وكان هذا يزيد من عجب قصير والشيخ منصور
ومن ضمن الايام التي لن تنسى في حياة آدم ذلك اليوم الذي تعرض فيه لاصعب إختبار مر عليه إختبار التمسك بالحياة
الاختبار الذي واجه فيه ادم المۏت للمره الثالثه وهذه المره كانت المواجهه بالڠرق وليس بالسم كسابقتيها
فقد استدعاه قصير وقام بربطه وطلب منه ان يقوم بحل قيده
وجعل احد الاطفال يريه الطريقه فقام امامه بحل قيود يديه بفمه ثم يقوم بحل قيود قدميه بيديه
وجعل ادم يفعلها عده مرات
وظن ادم ان هذا كل شيء
وان درس اليوم هو تعلم فك القيود ولم يكن يعلم ان الدرس أصعب من ذلك بكثير
فقد اخذه قصير هو ومجموعه من الاطفال في سنه الى بحيره وقام بربط جميع الاطفال وتقييد ايديهم وارجلهم
والقاهم في المياه واحدا تلو الاخر وكان ادم الاخير فيهم جالسا ينتظر دوره غير مصدق بما تراه عينه وكانه ضړبا من الجنون اصاب قصير
فهذا في نظره قتل لا محاله
وحين اتى الدور عليه وحمله قصير ليلقي به في الماء رأى آدم الطفل الأول الذي القاه قصير اول شيء يخرج من الماء وهو متحررا من قيوده
ثم خرج وراءه الثاني والثالث وقبل ان يفكر ادم في احتمال نجاته من هذا الاختبار ام لا كان يغوص في قاع المياه
فما كان منه الا ان يحاول بكل جهدة ولكن المحاوله الأولى اخذت منه وقتا اكثر من الازم
كاد ان يختنق تحت الماء ويغرق ولكن تدريبات كتم النفس التي كان يعلمها له قصير افادته كثيرا
وفي النهايه نجح وخرج من الماء وهو يلتقط انفاسه بصعوبه
وارتمى على الارض ونظر الى السماء طالبا الرحمه من ربه
فقد تأكد ان من حوله من البشر لا يوجد في قلوبهم اي ذره من رحمه
اقترب منه سالم وقام بتفحصه وطلب منه وضع إصبعه في حلقه والتقيؤ فمن الواضح انه شرب ماء كثيرا فانفاسه أصبحت ثقيله فنفذ آدم تعليمات سالم وفعل مثل ما قال له
وبالفعل شعر ببعض الراحه حين تقيأ ما في بطنه من مياه