رواية الصمت المعذب الفصل الخامس بقلم نورهان ناصر
ينظر له بنظرات معاتبة حزينة مرة أخرى ليزفر بحزن وغامت نظراته بالهم والذنب .
رأت ملك نظراته تلك وكم اعتصر قلبها الألم لأنها أيضا تشعر بما يشعر به فقد شاهدت حسان يرمقها بنظرات غاضبه بها عتاب شديد لتفيق من فقاعتها وتخفض بصرها ارضا وهي تكبت دموعها .
تنحنح أحمد ثم سحب لها المقعد بتوتر جلست ملك على مضض وهي تصطنع الضيق الشديد ليخرجا من تلك الحالة تمتمت هي ببسمة مغتاظة وهي تنظر إلى الطعام
_ هو ده الفطار اللي جهزته زوج فاشل وقومي كلي يا ملك اللي يسمعك يقول محضر فطور ملوكي مش شوية بيض بالبسطرمه ومربى وايه ده كمان لانشون .
_ ابقي ورينا شطارتك أنت تلاقيك مبتعرفيش تسلقي بيضة .
ختم حديثه وهو يخفي ابتسامة كادت تظهر على شفتيه من ملامحها
_ كلي يا ملك الأكل مش على وشي كلي يا ماما يالا.
ارتفع طرف شفتيها في تشنج وهي ترفع حاجبها
_ رخم وبارد .
_ أشكرك يالا بقى كلي .
بعد مرور عدة أيام ....
انتهت من إعداد وجبة العشاء وهي تمسح دموعها التي لا ټفتا تغادر عيونها استندت بيديها على طاولة المطبخ الصغيرة تنظر لما أعدته برضا ثم ذهبت لتبدل ثيابها أخذت تقلب في ملابسها بفتور شديد حتى استقرت على شيء ارتدته سريعا وقفت أمام المرآة تنظر لملامح وجهها الحزينة .
مشت بخطوات غاضبه صوب الأريكة تجلس عليها وهي تمسك بجهاز التحكم الخاص بالشاشة التي تتوسط صالة منزلها تحاول الهاء نفسها وتمضية الوقت الذي لا يمضي بتاتا .
وقعت عينها على أحد أفلام الانيميشن المفضلة لديها مما جعل ابتسامة صغيرة تطفو على شفتيها أرخت جسدها على الأريكة وهي تتابع أحداث الفيلم بانتباه أخرجها منه صوت قرع جرس الشقة جعدت جبينها باستغراب من سيزورها في هذا الوقت .
_ آسفه إني جيت كدا فجأة من غير ميعاد .
ابتسمت ملك في وجهها تقول مرحبة
_ تيجي في أي وقت يا ماما تعالي .
دلفت حماتها _ السابقة _ إلى داخل الشقة أغلقت ملك الباب خلفها واستدارت تعانقها بمحبة كبيرة وهي تصطحبها إلى غرفة الإستقبال تقول ببسمة واسعه
ردت السيدة والدة حسان ببسمة صغيرة
_ بنورك يا حبيبتي امال فين أحمد .
غابت ملك لتحضر لها بعض المشروبات وأثناء ذلك اجابتها من داخل المطبخ
_ مش عارفه خرج من بدري ولسه مرجعش .
تحدثت السيدة والدة حسان باستغراب
_ في واحده متعرفش جوزها راح فين .
عادت لها ملك تحمل بيدها صينية موضوع عليها كوبان من عصير البرتقال وبعض الحلوى مردفة ببسمة متوترة
_ كنت نايمه لما خرج متقلقيش زمانه جاي اشربي العصير .
ناولتها الكوب وهي تبتسم في وجهها
_ أنا جهزت العشا خليك لما تتعشي معانا وهقوم اتصل عليه .
أخذته من يدها ثم اخفضت رأسها وهي تقول ببسمة محرجة وفي عينيها دمعه
_ تسلمي يا بنتي يجعله عامر بوجودكم .
لاحظت ملك نبرة صوتها لتنهض تجلس على ركبتيها أمامها ترفع رأسها وهي تقول
_ مالك يا أمي أنت تعبانه أو حاجه .
_ لا يا بنتي أنا .. أنا ...
حثتها ملك على الحديث وهي تقول
_ احكي يا ماما في إيه .
_ حسان واحشني أوي يا ملك ومن بعد ما مشيتي بقيت وحيدة بناتي بياجوا يشوفوني بس كل واحده مشغولة ببيتها بردو ....
قاطعتها ملك تردف بنبرة ضعيفة
_ أنا قولتلك يا ماما مش لازم ننفذها ..تعالي أنا هروح معاك .
شهقت بدهشة تقول
_ تروحي معايا فين ! اهدي يا ملك أنا بفضفض معاك عيب يا بنتي هاتسيبي بيتك و جوزك ده أنتم يدوب مكملتوش حتى شهر ...
_ المهم عندي راحتك أنت وأنا لو قولت لأحمد هايتفهم الموضوع ده بعدين كدا أفضل.
هكذا ردت ملك بكل هدوء رغم الحزن الذي في عينيها واخفته هي ببراعة صوت من داخلها وهي تنظر لها بعينين لامعتين
_ أهو أنا لو قضيت حياتي كلها خدامه تحت رجليك مش هيكفي علشان تسامحيني بس يمكن ياجي يوم وأقدر أسامح نفسي يا ماما ذنبك وذنب ابنك كل ليلة أحط رأسي على المخدة واعيط ولساني مش قادر ينطق ويقولك إن اللي مفتقداها دي ابنك بالحيا وعذبته.
أمسكت والدة حسان بيدها تقول ببسمة صغيرة مخرجة إياها من شرودها
_ لا يا ملك أنا بس جيت أودعك هروح بلدي عند أهلي أكمل معاهم الباقي من عمري بس وعايزه أوصيك تروحي تزوري ابني على طول ولما ربنا يكرمك تبقي تيجي وتوريني حفيدي أحمد ابني التاني مش بس صاحب حسان لأ ده أنا بعتبره ابني .
غمرت الدموع عينيها وهي ټحتضنها بحزن شديد يا الله الذنب يكاد لم تظلم حسان فقط بل وهذه السيدة المسكينة التي في كل مرة تراها فيها تكره ذاتها كثيرا ابتلعت ريقها ثم ردت عليها
_ حاضر يا ماما إن شاء الله أصلا من غير ما توصيني أنا كنت لسه عنده انبارح وبزوره على طول.
نعم فملك منذ يوم الۏفاة ولا تتخلف عن زيارته والدعاء له والبكاء على قپره لساعات طويلة تعتذر منه وتطلب السماح.
ابتعدت عنها وهي تمسح دموعها تقول ببسمة صغيرة
_ تعيشي يا بنتي وتفتكري ربنا يرحمه ويغفر له ويصبرنا على فراقه المهم شدي حيلك كدا وهاتيلي تؤام واحد اخده والتاني خدوه أنتم .
قالت آخرها حديثها وهي تضحك بخفوت عضت ملك على شفتها السفلية وهي تبتسم بسمة متكلفة توما برأسها بصمت ثم نهضت تخرج هاتفها للاتصال بزوجها وأثناء ذلك سمعت حماتها تقول لها
_ أنا كنت هستاذنكم ابات هنا انهارده لأن إن شاء الله من بكرا هخلي أحمد يوصلني لبيت أهلي والطريق من عندكم أقرب.
وضعت ملك الهاتف من يدها تنظر لها بعينين ضيقة تقول
_ يا خبر تستاذني ده إيه مش لسه بتقولي إنه ابنك في أم بقى تستأذن تبات في بيت ابنها .
_ معلش يا بنتي بس بردو ....
نظرت لها ملك بطرف عينها وهي تضع الهاتف على أذنها تنتظر رده
_ بس ولا كلمه قال تستأذن قال ده بيتك اقعدي زي ما تحبي .
_ تسلمي يا غاليه شوفي لي اوضة أنام فيها ....
زفرت ملك من عدم رده على الهاتف ثم قالت لها
_ تنامي إيه