رواية مريمه الفصل الثاني بقلم رغدة
والألم لا يتبدد بل كأنه عهد يتجدد تأتي كل سنة بكل ما تحمل من ظلمات وقهر وترحل تاركة بصمات القسۏة وعلامات مشوهة وارواح ممزقه واجساد قد ارهقها التعب ونال منها حتى النخاع
خمس سنوات مروا عليها كأنها دهر شابت به من هي شابة
وكهل من كان بالمهد صبيا وحمل عبء ووصمة عار صاحبته منذ نعومة أظافره
كان ينظر لها وهما وحيدين والحيرة تأكل عقله والحزن ينهش فؤاده وكل ما على لسانه لماذا
لماذا كتب عليه الشقاء
لماذا ينعت بأبشع الألقاب
لماذا هو دون غيره منبوذ غير مرغوب
لماذا ليس له أب يسنده ويسانده ويرد الظلم عنه
وكانت تشيعه بعينيها ونياط قلبها تتقطع حزنا وكبدا
كانت تهون عليه وتراضي قلبه بأعذب الكلمات فيسكن ولكن آلامه وإن سكنت فهي أبدا لن تبرأ
خمس سنوات ذاقوا فيها الذل والمهانه كانت ترى بعيون الناس اټهامات كثيره فمهما أقسمت أنه زوجها منذ قبل ۏفاة والدها لم يصدقوها وكذبوها واهانوها بالكلام الچارح الذي طال حتى والدها وهو رفات مسجي تحت التراب وروحه بين يدي الله
فعملت على تربيه ابنها وإصلاح نفسه وقامت بتحفيظه كتاب الله ليكون سلاحھ الذي لا يقهر وأمانه الذي لا ينضب ويقينه اللا نهائي
كم من ليلة جافاها بها النوم وكم من ليلة باتت واحشاءها هي وابنها ينهشها الجوع
طوال سنوات حاربوها بلقمة عيشها ووقفوا لها بالمرصاد لتبقى دون معين ولا معيل ولكنها صمدت وعلى يقينها بقيت أنها لن تتوانى عن صون نفسها وحماية فلذة كبدها ووليد عشقها اللامتناهي لزوجها
وفي أحد الأيام كان السوق يعج بالناس هذا بائع وذلك مشتري وتلك تساوم بالسعر المعروض
أصوات كثيرة متداخله لا تستطيع تمييزها وفي لحظة عم السكون التام وتوقف كل منهم عما يفعله والتفتت الأعناق وتصنمت الأنظار نحو ذلك الذي وقف بكل قوة وشموخ أمامهم بجسده العريض وبنيته التي زادت قوة وعينيه التي لو كانت تطلق ڼارا لأحرقت الأخضر واليابس
ربتتا صغيره على كتفه جعله يستدير برأسه ليوسف ذلك الذي أصر على القدوم معه بعد أن وصلتهم الانباء عن حالها قبل وصولهم
تقدم الإمام وبجانبه يسير يوسف بخطوات ثابته واقتحموا الحشد متقدمين لمنزلها والحشد من خلفهم يتبعونهم بفضول كبير
وما أن رأى البيت حتى ارتخت ملامحه وهزه الشوق والحنين وأسرع بخطواته المتلهفه للقائها
مسح بكف يده الباب وكأنه يشكوا