رواية صرخات انثى الفصل الثاني والخمسون بقلم ايه محمد رفعت
الطاولة
_ده نورك يا عم الشيخ.
واستطرد بحرج وهو يتأمل كمية الأسماك وأنواعها الباهظة
_مكنش له داعي التعب ده كله.
خلع مئزره البني المحاط بجلبابه الأبيض ووضع سبحته التي لا تفارقه على الطاولة المجاورة ليده
_تعب أيه بس يابني ده الموجود ومتعملش حاجة مخصوص.
واضاف بابتسامة مرحة
_دي الحاجة رقية بتحتفل بخروج ابنها يونس ولما آيوب اتصل وقال إنك جاي معاه بقت الفرحة مش سيعاها وإنت خارج هتشكرك بنفسها على اللي عملته مع آيوب ويونس.
هتف باحترام وعينيه موضوعة أرضا
_العفو يا عم الشيخ معملتش غير الواجب.
_خلاص نازل هو وإيثان أهو.
ردد وهو يراقبه يقرب مقعده من آدهم رافضا تلك المسافة المتفرقة بين كل مقعد والأخر لضمان الاسترخاء بجلستهم
_يابني متضايقش الضيف في قعدته اتحرك بكرسيك شوية!
زم شفتيه بضيق
_أنا مرتاح كده!! وبعدين انا نقلت كرسيي جنبه عشان هيتحرج يأكل فقربله أنا الأكل.
ضحك آدهم وتطلع للشيخ مهران
_سيبه يا عم الشيخ مش مضايقني.
اتسعت ابتسامة آيوب وأبعد عنه السمك المغموس بالصلصة الحمراء ثم وضع السمك السنغاري والجمبري الفخم من أمامهما قائلا بثقة
هز رأسه وابتسامته الجذابة مازالت مرسومة على وجهه فاستدار آيوب تجاه أبيه يخبره بحماس
_إنت عارف يا بابا آدهم شبهي في حاجات كتيرة اوي حتى معظم الأكل اللي مش بحبه وبيجبلي حساسية هو نفس الموضوع..
واستطرد بحب ينبع داخله لصديقه الذي بات مقربا إليه
_والنهاردة لما اتعرفت على والده حبيته جدا ومبقتش مستغرب آدهم طالع بالجدعنه دي لمين!
راقب الشيخ مهران تعلق صغيره بشخص عظيما كآدهم بفرحة وخاصة بعد سماع حديثه عنه وعن والده فقال وهو يوزع نظراته بينهما
اختزل الحزن حدقتيه من علاقة آيوب بأب كالشيخ مهران يصعب عليه تخيل معرفة الشيخ بالحقيقة ولكنه ممتن ويحمد الله عز وجل أن من قام بتربية أخيه هو الشيخ مهران.
انتبه آدهم لدخول يونس برفقة هذا الايثان الذي سبق أن رأه مرة اتجه يونس إليه يصافحه يترحاب وسرور
_أهلا يا باشا.
صافحه آدهم وقال بضيق
_باشا أيه يا يونس شايفني واقف قدامك بالميري!
واستطرد بابتسامة هادئة
_أنا آدهم أو عمر بس زي ما تحب نادي مع إني واثق إنك هتنضم لشق آدهم ودي مصلحة ليا لإن ظباط المخابرات من الأفضل هويتهم واسمهم الحقيقي يتخفى.
_خلاص يبقى آدهم.
دفع إيثان يونس بعيدا عن وجهه ووقف يتطلع لآدهم نظرة فضولية جابت جسده وبالأخص بأماكن العضلات التي يجيدها ككابتن متمارس فكان يمتاز جسده ببناء عضلي قويوبالأخص العضلات العضدية أعلى ذراعيه المفتولة فردد باعجاب شديد ومازالت نظراته تتفحصه
_يعني مطلعش عضلات ظباط المخابرات فيك وحوار فاكس!
ومرر إصبعيه على كتف آدهم مستهدفا أماكن العضلات ببراعة فهدر منصدما
_دي مش حقن دي حقيقية فعلا!!
صاح به يونس باحراج وهو يجذبه للخلف
_بتهبب أيه يا إيثان!
وتطلع لآدهم باحراج
_أنا آسف يا باشا بس صاحبي دماغه مفوتة حبتين.
_باشا تاني يا يونس!! عموما مفيش حاجة.
قالها آدهم بانزعاج من يونس الذي مصر يضع الحدود بينهما فتفاجئ بآيوب يطرق كتفه ويتفاخر بغرور
_شوفت صحابي عاملين ازاي يا إيثو امبارح عمران والنهاردة آدهم عشان لو فكرت تقل بعقلك وتحطني فيه هجبلك اللي يروقوا عليك!!
قهقه آدهم ضاحكا وتساءل بحدة مصطنعة
_وإنت بتضايقه ليه يا أستاذ إيثان ده آيوب شاب ملتزم وأخلاقه عالية مالوش في المشاكل!
زم إيثان شفتيه بضيق
_عشان خاطرك بس يا باشا مش هضايقه تاني.
صاح الشيخ مهران من خلفهم
_يلا يا ولاد الأكل برد!
اتجهوا إليه فسحب إيثان المقعد القريب منه والذي كان يجاور آدهم فصړخ به آيوب
_ده مكاني!!
برق الشيخ لآيوب الذي يبدو اليوم كالطفل المشاكس فصاح بتحذير
_اقعد جنب ابن عمك وبطل تصغر عقلك يا آيوب.
هتف باصرار
_لا مش هأكل اللي جنب آدهم!
ضحك إيثان وقال مازحا
لكزه آيوب پغضب بينما وزع يونس نظراته بينهما باستغراب لما أصاب آيوب العاقل فنهض عن مقعده وأشار لآدهم
_تعالى إنت هنا يا آدهم مش عارف آيوب ماله النهاردة.
ابتسم آدهم وجلس جوار آيوب المبتسم بانتصار فبادله بابتسامة هادئة وشرع بتناول طعامه فجذب آيوب الجمبري يزيح طبقته الخارجية ويضعها بطبق آدهم والجميع يتابعهما بسعادة لفرحة آيوب البارزة من حدقتيه لوجود آدهم بينهما وللحق لم يتوقع أحد تعمق علاقتهما لهذا الحد ظنوه مجرد صديق والآن يثبت بأنه أكثر من ذلك ربما لهذا غامر بمساعدة آيوب مرة ويونس مرة أخرى!.
طرق الباب ومن ثم تحرر وولج صغيرا يحمل طبق وضع به الخبز الصغير ومن الخارج تراقبه الحاجة رقية بارتباك لما فعلته ولكنها تريد أن يقابل يونس طفله بأسرع وقت تريد رؤية رد فعله وتتمنى أن يحبه.
انتشر الارتباك والتوتر على ملامح الشيخ مهران وآيوب بشكل لاحظه آدهم والاندهاش على وجه يونس الذي يتابع ذلك الصغير بنظرات فضولية.
التقط آيوب الطبق من الصغير ومرر يده بحنان على شعره مشيرا على المقعد المجاور لأبيه
_اقعد يا فارس.
تحرر يونس عن صمته متسائلا بدهشة
_إنت اتجوزت ولا أيه يا آيوب!!!!
ارتبك من سؤاله لتذكره بزواجه من آديرا وقبل أن يجيبه أجابه الشيخ مهران بصوت عميق
_ده ابن ناس من اللي ساكنين في عمارتنا يابني والدته مريضة وأهل والدته مسافرين هو متعود علينا عشان كده قاعد عندنا الفترة دي لحد ما يرجعوا أهله بالسلامة.
انخفضت أعين يونس للصغير انتقلت عينيه الفضولية لكل أنحاء جسده فمنحه ابتسامة جذابة وقال
_إسمك أيه يا حبيبي
ابتسم الصغير وقال بمشاكسة اضحكت الجميع
_آيوب نادني بإسمي يا عمو!
ضحك يونس بصوت مسموع لمرته الاولى وهتف بحنان
_انا آسف يا عم فارس بس كنت بشد معاك حوار مش أكتر.
هز الصغير رأسه بخفة وسأله
_إنت بقى اسمك أيه
رد عليه بحب
_اسمي يونس.
وأشار على من يجاوره
_وده صاحبي إيثان.
قال ببراءة
_ماما بتحب اسم يونس أوي ودايما بسألها ليه مش سمتني الأسم ده عشان بتحبه بس مش بترد عليا وبتقعد ټعيط كتير.
اختنقت أنفاس يونس لا يعلم ما الذي أصابه بالتحديد فأسرع الشيخ مهران بفض الحديث
_كل يا فارس طبقك أهو يا حبيبي.
بدأ الصغير بتناول طعامه بينما توقف يونس عن ذلك وطوال جلسته عينيه لا تنحرفان عن فارس.
لا يعلم كم مضى هكذا الى ان انتبه لعمه يودع آدهم الذي أصر على الرحيل لعمله الهام فصافحه وودعه وعاد لمقعده.
اتبعه الشيخ مهران ليوصله لباب الشقة بينما هبط آيوب يوصله لسيارته بالاسفل.
نهض إيثان واتجه للمرحاض ينظف يده ولم يبقى الا يونس الشارد بالصغير وجده يحاول نزع لحم السمك عن الشوك فتناولها منه وبادر مبتسما
_خليني أساعدك.
انتقل يونس لمقعد الشيخ مهران وأخذ يضع اللحم بطبق الصغير وفارس يراقب ما يفعله باهتمام.
شرع فارس بتناول طعامه ويونس يتابعه بحب وجد يده تتجه لزجاجة المياه فجذب الكوب الفارغ وسكب له المياه ثم رفعها لفمه فشرب حتى ارتوى وقال بابتسامته التي راقت يونس كثيرا
_شكرا يا عمو يونس.
مرر يده بين خصلات شعره الطويل
_العفو يا استاذ فارس ولا أقولك يا دكتور!! إنت عايز تطلع أيه لما تكبر إن شاء الله
حزن الصغير وتوقف عن تناول طعامه