رواية صرخات انثى الفصل الرابع والاربعون بقلم ايه محمد رفعت
الذي احتفظ به نقيا عفيفا عن تشويهات جسده الذي طاله السوط والعصا!
زحف يونس بجلسته حتى وصل لطاقة ضوء صغيرة تتسلل من فوق شرفة مظلمة حديدية ضي النور البسيط التي تمنحه لغدافية الغرفة القاټلة.
استند على الحائط وأغلق فيروزته بتعب ليتجلى له رؤيتها فستانها الاسلامي الفضفاض خمارها المتلألأ من خلفها كوشاح الأميرات المتدلي حياء مشيتها التي يميزها من بين نساء العالم بأكمله ها هي تدخل لمحله الجديد تردد على استحياء
أجابها بعض العمال السلام فتابعت مشيتها للداخل حتى وصلت قبالة مكتبه الصغير الذي يتوسط المحل فانتصب بوقفته يستقبلها ببسمة هادئة
_أيه الزيارة الجميلة دي يا زينة البنات... مش تعرفيني إنك جايلي وأنا بنفسي كنت جيت أخدتك لحد هنا.
فركت أصابعها وهي تجيبه بخجل
_حبيت أعملهالك مفاجآة.
اتسعت ابتسامته حتى ظهرت غمازة خده الأيسر فاستشاطت ڠضبا واستدارت تتمعن بأعين الزبائن مشيرة له بالكيس البلاستيكي الذي تحمله
ضحك رغما عنه وهو يهمس لها
_المفروض إن أنا اللي أغير عليكي يا خديجة مش العكس.
تمردت غيرتها بشكل شرس
_ازاي يعني!! وبعدين متتفزلكش عليا.
نطقت كلمة تجعله يضحك دون مجهود منها فماذا يفعل الآن حاول الصمود وهو يسألها بقلة حيلة
_طيب أعمل أيه عشان أنول رضا زينة البنات
ابتسمت وهي تخبره بدلال
وزع نظراته المتحمسة بينها وبين الكيس البلاستيكي
_هدية أيه
فتحت الكيس وأخرجت منها تيشرت صنعته من الصوف وقد طرزت عليه أول حرف من إسمه وإسمها بشكل متقن حمل يونس التيشرت بين يديه يتطلع إليه بانبهار
_ما شاء الله عليك يا خديجة.
_عجبك
منحها نظرة عاشقة وأشار لها
_خليكي هنا راجعالك.
غاب دقائق بالداخل وعاد بعدما ارتداه فادمعت عينيها بفرحة جلس على مقعد مكتبه الصغير وغمز لها بمشاغبة
_حلو عليا
أشارت له عدة مرات وأردفت بضيق وهي تمسح دمعتها
_أووف بقى يعني أنا بحاول أخبي غمازاتك تطلع بالتيشرت اللي يجنن عليك ده قولي أعمل فيك أيه يا معلم يونس
_معلم يونس!! أيه يا ديجا واقف في وكالة البلح أنا!!
نهضت عن المقعد تخبره
_أنا هطلع بقى أحضر الغدا عشان ماما مش فوق.
سألها باستغراب_أمال فين
أجابته وهي تعلق حقيبتها على كتفها
_عند خالتي وهتيجي بليل.
لحق بها لخارج المحل قائلا بحب
_مترهقيش نفسك في شغل البيت ولو هتنضفي البسي كمامة عشان التراب بيقلب الحساسية عندك.
_حاضر... أنا حفظت تعليماتك وبنفذها عشان أنا بخاف الأزمة تجيني مش بتحمل أشوف خۏفك وحزنك عليا.. لكن أنا والله اتعودت.
مد يده على خمارها وهو يمررها بحنان
_لا يا خديجة عشان نفسك ولإن صحتك لازم تهمك إنت أولا...
وتابع ومازالت ابتسامته مرسومة بعشق
_يلا اطلعي ولو احتاجتي أي حاجة كلميني أبعتلك حد من الصيبان يجبلك اللي تعوزيه.
هزت رأسها بطاعه وقالت قبل مغادرتها
_لما أخلص الغدا هنزلك طبق.
ضحك وهو يشاكسها
_أطباقكم كلها عندي في المطبخ تحت كل يوم بغسل طبقين وبكمل تاني يوم... لو خالتي عرفت هتقولي تعالى خد مراتك من غير فرح أنا متنازلة.
اقتربت منه مجددا تتمعن بعينيه وهي تخبره بصدق
_راضية والله... من غير فرح ومن غير أي حاجة... كفايا وجودك جنبي يا يونس.
ابتلع ريقه بارتباك يهزم حصونه واحدا تلو الأخر فأشار لها
_اطلعي يلا ميصحش تقفي في الشارع كده.. وخدي بالك أنا مازلت مصر على موضوع النقاب ها
هزت رأسها تخبره
_أساسا وأنا بجهز عاملة حسابي وجايبة لبسي كله للنقاب.
استدار من حوله يتفحص المارة وانحنى يقبل يدها سريعا هاتفا بصوته الرخيم
_روح قلبي