رواية دمعات قلب الفصل التاسع عشر والعشرون بقلم رباب فؤاد
سمر إلى عملها أم لا.
غير أنه حينما فتح باب شقته ودلف إليها تبخرت من عقله كل أحلام النوم.
فقد كان شكلها يبدو مختلفا...
ليس مختلفا بشكل كبير ولكنه مختلف بالنسبة لمن عاش فيها طيلة سبعة أشهر أو يزيد ويتمتع بقوة ملاحظة خارقة
فقد لفت إنتباهه تحرك أحد مقاعد الأنتريه الوثير عن موضعه أمام غرفة النوم مما يعني أنه كان يعوق خروج شيء من من بابها.
إلتفت برأسه إلى حيث المرآة ليلحظ إختفاء عطور زوجته ومستحضرات تجميلها...
وكأنما كان يحتاج إلى براهين أقوى على رحيلها فهرع إلى الحمام وفتحه ليكتشف إختفاء باقي متعلقاتها من شامبو وملطف و و و
وعلى غير هدوؤه المعتاد فوجئ بنفسه يهتف بوالدتها بعصبية أريد التحدث إلى سمر من فضلك.
أجابته والدتها بنفس الهدوء الذي يميزها قائلة طارق يا بني..لا داعي للإنفعال..فالأمر لا يستحق.
سألها في حنق إذا كان الأمر لا يستحق فما تفسير إختفاء كل متعلقات سمر من شقتها
لم يبد عليه الإقتناع بما قالت لكنه تنهد في عمق قائلا سأتظاهر بالإقتناع بمبرراتك..ولكن من فضلك صليني بسمر.
قالت بصدق أقسم لك يا بني أنها في المستشفى...ستعود في المساء...هاتفها حينها وتفاهما سويا.
قالها ثم أنهى المكالمة بود فآخر ما يريده الآن هو أن يفقد دعم أهلها لموقفه وإصراره على بقائهما معا.
وفي تكاسل نهض ليأخذ حماما سريعا قبل أن يستلقي على فراشه ويستغرق في نوم عميق.
لم يدر كم مضى من الوقت وهو نائم لكنه حينما إستيقظ كان الظلام يحيطه من كل جانب والجوع يقرص معدته...تذكر حينها أنه لم يتناول شيئا منذ مساء اليوم السابق فنهض إلى المطبخ وأعد لنفسه طعاما سريعا تناوله بدافع من الجوع فحسب.
كان يتوقع ترحيبها به لكنها على العكس إستقبلته ببرود وكأنه المسؤول عما بها...
والأدهى أنها لم تستمع إليه وهو يؤكد لها إستعداده وإصراره على مواصلة الحياة معها كأن شيئا لم يكن...
وفي النهاية فاجأته بطلب الطلاق ثانية.
حينها نهض من مقعده بهدوء يتناقض وغليان مشاعره الداخلي وتنهد في عمق قائلا سأتظاهر بأنني لم أسمع شيئا وسأنتظر عودتك في بيتنا.
تجول بسيارته قليلا في شوارع القاهرة المزدحمة قبل أن يجد نفسه بالقرب من النيل في منطقة هادئة.
فنزل من سيارته وإكتفى بالجلوس وهو ېدخن ساهما أمام صفحة النيل وهواء الليل المنعش يداعب شعره ويدغدغ أعصابه المتوترة حتى ما بعد منتصف الليل.
حينها شعر برجفة خفيفة تسري في أوصاله فخرج من شروده ووضع كفيه في جيبي سترته متحركا إلى حيث سيارته وأدارها متجها إلى شقته.
كان يتمنى الذهاب إلى هالة حتى يشعر ببعض الراحة ولكنه كان يشفق عليها من الدخول في دوامة مشاكله مع سمر لأنها ستلحظ توتره وضيق أعصابه ولن تهدأ حتى يخرج ما بداخله.
لذا وجه السيارة إلى شقته الخاصة وهرب من ضيقه إلى النوم