رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل السادس والثلاثون والاخير بقلم ندي محمود
كله وبلحظة مر أمامها شريطها الكامل منذ قدومها لذلك المنزل كيف كان حالها عند دخولها وكيف هو حالها الآن لو أخبرها أحدهم أنها ستتزوج علي لكانت اتهمته بالخرف لا تستوعب أنها أصبحت زوجته حقا شعور متضارب بين الړعب والفرح التردد والحماس لكن كل هذا لا يهم ولا مجال للصدمة الآن فهي تتلقي التهنئات من جميع العائلة بالفعل والجميع يحتضنها ويهنئها بزواجها وسط الزغاريد وأصوات الأغاني المرتفعة والأطفال من حولها يرقصون ويلعبون وعندما التفتت برأسها للخلف إلى علي كان على عكسها تماما في قمة سعادته وهو أيضا يتلقى التهنئات لكن ضحكاته تستطيع سماعها رغم ضجيج الأغاني وصخبها.
_اضحكي وفكي احسن الناس تفتكرك مڠصوبة
نظرت لآسيا بنظرة طفولية وقالت في ارتباك شديد
_أنا خاېفة
قهقهت آسيا عاليا وردت عليها في قلة حيلة
_صدق اللي قال عليكي هبلة
جربتها النساء بجوارهم وتعالت ضحكاتهم مع بعضهم فاندمجت معهم مع مرور الوقت ونست توترها وحتى بدأت تشاركهم في الرقص ولا تعرف لماذا أو ما السبب لكن عيناها كانت دائمة البحث عنه بين كل لحظة والأخرى تلتفت وتبحث عنه وعندما تراه يقف بين الرجال تعود وتكمل رقصها وضحكها من النساء هي نفسها لا تدري هل بحثها عنه يبثها بالآمان أم ارتباك وتوتر.
رمقته غزل بحدة من كلماته الجريئة أمام الجميع لكنه لم يبالي بها وجذبها معه إلى غرفة الجلوس الخاصة بجدهم واغلق الباب فالتفتت له وقالت بخجل
_عيب يا علي بتقفل الباب ليه الكل قاعد برا إيه يقولوا دلوقتي
علي بعدم اكتراث وضحكة واسعة وهو يقترب منها بتريث
_يقولوا اللي يقولوه مليش صالح مرتي وأنا حر محدش له حاچة عندي
_ علي أنت بتقرب كدا ليه عارف لو فكرت تعمل أي حاجة هصوت و أنت عارفني انا مچنونة واعملها
كبح ضحكاته بصعوبة وهو مستمر في التقدم نحوها ويقول بجدية ليطمئنها
_يابت هعمل إيه أنا بس هاخدك بالحضن واقولك مبروك
أجابته بتوتر وخجل حقيقي وهي مازالت تتراجع قبل أن يصل لها
تصنع الغيظ والضيق وقال بحدة
_طيب ما تثبتي عشان اعرف اتكلم كلمتين على بعضهم معاكي
توقفت مكانها بعدما نجح في اخافتها بنظراته الحادة وقف أمامها مباشرة وهو يتمعنها بحب مبتسما ثم انحنى عليها ينوي أن يضمها الخارج تلك الصړخة ورمقها مغتاظا ثم هتف
_إيه الچنان وشغل الفضايح ده!
دفعت يده عن فمها بعيدا وهتفت بتحدي وشماتة
عض على شفاه مغتاظا منها ثم قال بعين تلمع بشيطانية
_طب أنا كنت ناوي احضنك بس وعشان اللي عملتيه ده لازم تاخدي عقابك
لم يمهلها اللحظة لتستوعب ما قاله حيث دنى منها وابحر معها في لحظاتهم الخاصة الأولى يعيشون اولى أحزانهم الغرامية كزوجين.
ابتعد عنها بعد لحظات
_مبروك ياغندورتي.. أخيرا بقيتي ليا وحدي
فتحت عيناها ببطء
_أنت قليل الأدب على فكرة
قهقه بخفة ثم ضمھا لصدره وقال ببرود مبتسما
_وماله صفة حلوة وشغالة برضوا اليومين دول
ضحكت بصمت بين ذراعيه مغلوبة على أمرها منه رغم كل شيء لكن ربما هي الآن لأول مرة تشعر بالسعادة الحقيقية منذ بداية اليوم تلك الفراشات التي تحلق في معدتها واجنحتها التي تكاد لا تسع الغرفة من فرحتها وحبها له.
داخل منزل عمران الصاوي....
كانت آسيا تقف في المطبخ تقوم بتحضير العشاء بعد عودتها من زواج علي وغزل وكان عمران بالصالة متسطح فوق الأريكة ويشاهد التلفاز كانت مازالت تخطط وقد فكرت بأن خطتها في إثارة رغباته فكرة جيدة وتجعلها يخضع ويسامحها.
بعدما انتهت من تحضير الطعام بدأت في نقل الصحون للخارج ووضعهم فوق طاولة الطعام وهي تتعمد تجاهله كأنها منشغلة في الطعام وغير منتبهة له تتحرك أمامه كالفراشة بخفة وتتغنج في سيرها وتتمايل بذلك الثوب الأسود القصير الذي ترتديه تخدعه أنها لا تراه لكنها كانت ملاحظتها قوية جدا وتراقب نظراته المتفحصة لها بعد انتهائها من نقل الصحون اقتربت منه ومدت له يد المساعدة فطالعها بمكر مبتسما ثم قال بين ضحكه
_انتي بتمارسي عليا تعويذة من تعاويذ سحرك ولا إيه!
ضحكت بصمت وقالت في شموخ وثقة
_إيه اللي خلاك تفهم إكده!
مسك يدها وساعدته في الوقوف وهو يجيبها بهدوء
_أنا مش فاهم حاچة واصل
ابتسمت له بلؤم وقال بدلع
_مش لازم تفهم اهم حاچة الاحساس يامعلم
قهقخ بخفة على عباراتها ثم سار بجوارها حتى وصل لمقعده وجلس عليه وجلست هي بجواره وقبل أن يمد يده للطعام وأوقفته وبدأت هي تطعمه بيدها وسط نظراته الحائرة والمغرمة كانت لا تجعله يضع يده في الطعام أبدا بل تطعمه بكل اهتمام وتدلله كابنها الصغير وتعني له غامزة
_أنا وعدتك أني هدلعك في البيت
فتح فمه ليأخذ اللقمة من يدها ويجيبها مبتسما وهو يمضغ الطعام
_هتفضلي توكليني إكده ومتاكليش انتي
رفعت يدها بلقمة أخرى ومدتها لفمه وهي تجيبه بحب
_لا أنا شبعانة
ابعد يدها واعادها لفمها هي متمتما بحزم بسيط
_كلي أنتي يا آسيا كفاية أنا هكمل وكل لوحدي
همت بأن تعترض لكنه رمقها بنظرة صارمة لا تقبل النقاش جعلها تزم شفتيها بضيق وقلة حيلة وامتثلت لأوامره وسط تناول الطعام صدح صوت رنين هاتفه فالتقطه وأجاب على بشار بغلظة
_عملت إيه يابشار
بشار بنبرة رجولية
_الرچالة عملوا معاهم الواجب في المخزن وبعدين هما راحوا سلموا نفسهم
عمران پغضب شديد
_بتخليهم يسلموا نفسهم ليه أنا ما قولتلك عاوز اربيهم بنفسي الأول
هتف بشار باستياء وحدة
_أنت في إيه ولا إيه ياعمران لساتك طالع من عمليه وفيك چرح في ضهرك وتقولي اربيهم أنا ملوش لزمة يا ولد عمي أحنا عملنا معاهم الواجب واكتر كمان متقلقش وصابر ال بعد اللي عمله ده معاك وهما هيعترفوا عليه مش هيطلع من السچن غير وهو بالكفن أن شاء الله
مسح عمران على وجهه متأففا بنفاذ صبر وقال لبشار في صوت محتقن
_طيب يابشار سلام
ألقى الهاتف بجواره منزعجا فتمعنته آسيا بحنو وتردد لكن حسمت قرارها ومدت يدها تمسح على ذراعه بدفء وانحنى عليه تقبل كتفه هامسة
_كمل وكلك ياعمران متضايقش نفسك هما خدوا چزائهم والسچن هيربيهم اكتر كفاية أنك چاري وبخير يا أبو سليم
رمقها عمران بنظرة ممېتة ثم دفع يدها بعيدا عنه بنفور وقال بقسۏة بعدما اشاح بوجهها للجهة الأخرى
_معاوزش اسمع حسك واصل يا آسيا دلوك
تجمدت تعبيرات وجهها وتملكتها الصدمة من رده القاسې رغم كل ما تفعله من اجله ورغم محاولاتها المستميتة في إرضائه لكنه القى بجهودها كلها عرض الحائط بتلك العبارة استقامت واقفة بسخط واندفعت إلى غرفتها ثائرة في أسى.
أطلق تأففا حارا بحنق وندم على كلماته السامة يبدو أنه كسر بخاطرها