رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الثالث بقلم ندى محمود توفيق
عميقا قبل أن ترفع يدها وتطرق طرقتين فوق الباب ثم فتحته بحذر دون أن تنتظر إجابة منه دخلت تدريجيا وهي تبتسم بإحراج بسيط أمام نظراته الثاقبة لها احفضت نظرها لكوب القهوة الساخن الذي تحمله فوق يدها وتقدمت منه وهي تهمس
_ صباح الخير ياسيد الرچال عملتلك القهوة اللي بتحبها
استمر الصمت هو رده الوحيد على محاولاتها التي يفهم مبتغاها جيدا بينما هي فبقت واقفة وهي تبتسم بلطف رغم حدة الأجواء فخرج عن صمته أخيرا وهو يلتقط كوب القهوة ويرتشف منه رشفتين ثم يتمتم بجفاء
ظلت مكانها تتابعها وهو يشرب قهوته بكل هدوء غير مكترث بوجودها عقلها شارد وتفكر كيف ستصلح علاقتهم .. كيف ستعتذر منه عن سوء تصرفها معه ومع الجميع بالأخص أنها تدرك طبع أخيها الصارم وأن مهمتها ليست بسيطة .
تنحنحت بلطف ثم اقتربت وجلست بجواره ودام صمتها للحظات أخرى حتى هتفت أخيرا بعزم
لم يجيبها بل استمر بتجاهلها لكنه في الواقع كان ينتظر متابعتها للحديث حتى يسمع مبرراتها كاملة وبالفعل أكملت هي بأسف
_ أنا عارفة إني غلطت في اللي قولته ليك سامحني .. بس أنا مش غلطانة في رفضي للصلح ده وحقي ارفضه لأن اللي ماټ ده أبويا زي ما هو أبوك وإن چيت للحق أنا مش مصدقة ولا قادرة افهم أنت كيف وافقت على الصلح ده
_ وافقت عشان ده اللي المفروض يحصل على الأقل دلوك
آسيا بصلابة واعتراض تام
_ لا يا چلال اللي المفروض يحصل أنت عارفه زين وهو اننا ناخد حق ابونا وتارنا إبراهيم الصاوي وولده هما اللي قلتوا أبويا أنا عارفة زي ما أنت عارف زين قوي كمان ومتفتكرش إني معرفاش عشان إكده أنا ممصدقاش إنك وافقت على كلام چدي وعمي ومستغربة
_ قولتلك هو ده اللي المفروض يتعمل .. بعدين أنتي چاية تعترضي على كلام الرچالة وتقولي ده صح وده وغلط ولا چاية تعتذري على عملتك السودة
اجفلت نظرها عنه باحترام وقالت مؤيدة كلامه
_ عندك حق معدش له لزمة الكلام في الموضوع ده دلوك اللي حصل حصل مش إكده ولا إيه .. المهم هو أنك تسامحني ومتبقاش زعلان مني أنا مقدرش على زعلك ياغالي أنت سندي وضهري في الدنيا ده بعد أبويا ياچلال .. حقك عليا واوعدك مش هعمل حاجة تضايقك مني بعد إكده تاني واصل واللي حصل مش هيتكرر
_ خلاص عاد ميبقاش قلبك اسود يا واد أبوي
ابتسم مغلوبا كإشارة على نجاح مهمتها لكن سرعان ما اختفت بسمته وحل محلها الحزم وهو يلقي عليها تعليماته الصارمة
_ بس من إهنه ورايح مهتتصرفيش من دماغك تاني سامعة ولا لا وعلى الله اسمع إنك عملتي مصېبة إكده ولا إكده يا آسيا
_ متقلقش مش هعمل حاچة واصل
تنهد جلال الصعداء بعدم حيلة هامسا
_ ربنا يهديكي يابت أبوي .. روحي يلا عاد شوفي وراكي إيه عشان اخلص أنا كمان الشغل اللي ورايا
اماءت له برأسها في إيجاب ثم استقامت واقفة وغادرت الغرفة وهي تبتسم براحة بعد أن نجحت في نيل رضا جدها وأخيها ..........
توقف عمران بسيارته أمام مبنى كبير مكون من طابق واحد القى نظرة يتفحصه