رواية صرخات انثى الفصل الثالث والاربعون بقلم ايه محمد رفعت
برزانة
_آدهم بيتكلم صح يا أيوب وجودك هنا بالتوقيت ده خطړ عليك وعليها.
تسلل الحزن لملامح عمران فتنحنح بارتباك
_يعني مفيش حل تاني غير إنه يرجع مصر خليه هنا وانا هحاول أمن ليه مكان كويس.
ابتسم آدهم وهو يقرأ تعابيره الحزينة لمعرفته بسفر أيوب المحتمل وأجابه بثبات
_ونضمن منين إن اللي حصل ده ميتكررش تاني ده أمن حل صدقني وبعدين دي فترة مؤقتة وهيرجع تاني.
_احنا خايفين من الكام ساعة اللي هيقضيهم أيوب هنا لحد ما يركب الطيارة فما بالك لو قعد!!
وانتقلت نظراته لزوايا الشقة
_الشقة دي معتش أمان بعد ما اتعرف مكانها.
أسرع عمران بالحديث
_خلاص لحد معاد الطيارة أيوب هيجي عندي في الملحق اللي جنب القصر عمي أحمد لسه مكلمني من شوية وبلغني بأن الحرس اللي طلبهم وصلوا ومحاوطين البيت فكده هيكون في أمان لحد معاد سفره.
_خلاص يبقى أيوب يفضل عندك لحد ما نرتب للسفر.
رفع عينيه الدامعة إليهم وقال بصوت محتقن
_بس أنا مش عايز أسافر أنا عايز أقعد هنا... مش هقدر أبعد عن سيف وعمران.
واستدار برأسه تجاه الأخير يخبره على استحياء
_ولا عنك يا آدهم... أنا مش هسافر!
استولى الصمت على المجلس والحزن يصل لدرجة لا تطاق مزقه يوسف حينما قال بعقلانية
أزاح دمعة خائڼة كادت بأن تفضحه وهز رأسه بهدوء رغم تمزق قلبه من لوعة الفراق بينه وبين اصدقائه فحطم علي حزنهم ذلك حينما قال بسخرية تامة
اتجهت أعين الثلاثة إليه بترقب فاستكمل حديثه ببسمة واسعة
_آديرا هترجع مصر مع أيوب ازاي أو بالمعنى الأدق هتظهر قدام الشيخ مهران بأي صلة
لوى عمران شفتيه ساخطا
_هيأخده بالاحضان وهيقوله يا فرحة أمك بيك!!
ارتبكت معالمه وهو يتابعهم بنظرات صامته وردد بعد فترة طويلة من السكون
رد عليه الطاووس الوقح ساخرا
_وأيه هي الحقيقة يا ابن الشيخ مهران!! انك اتجوزت آديرا اليهوديه
هز رأسه ينفي مقصده المبطن وردد مصححا
_اتجوزت سدن المسلمة يا عمران!!
جحظت أعينهم من صدمة ما تفوه به فلم يستطيع أحد ربط ما يقول فسبقهم علي وسأله
_تقصد أيه إنت مخبي أيه تاني يا أيوب
وضعت أمامها أصنافا عديدة من الجبن وأخذت تبحث بين محتوياته بحيرة فتابعت تلك التي تقبع أمام شعلة النيران تنتظر ما ستحضره فنادتها بيأس
_شمس!
استدارت إليها تشير بيدها
_هااا... يالا اديني الجبنه!
أشارت لها فاطمة بتذمر
_في أنواع كتيرة قدامي عايزة أنهي نوع!
اتسعت بسمتها الخبيثة وأردفت
_هاتيهم كلهم يا فاطيما... هعمل صوص جبن مشكل للمكرونة هيبقى تحفة.
وأشارت على البراد قائلة
_طلعي انتي الاستربس واعمليه لحد ما أخلص.
ربعت يديها أمام صدرها وتابعت بدهشة ساخرة
_شمس الساعة داخلة على ١١ وانتي واقفة تعملي مكرونة وفراخ!!
وضعت الملعقة بفمها تستطعم مكونات الحليب الممزوج بالطحين وفور أن استمعت لصوتها الساخر هرولت إليها تصيح
_وطي صوتك فريدة هانم هتسمعنا دي ممكن تحرمني من الأكل اسبوع جاي عشان أخس الكام كيلو اللي هيزيدهم بعد الواجبة دي وبعدين يا فطوم فيها أيه لما نقوم نص الليل نضرب مكرونة واستربس وبانيه
جحظت عينيها صدمة
_كمان بانيه!! انت الجواز فتح نفسك على الأكل ولا أيه!
جذبت علبة الجبن واتجهت لتضع بالبشمل المخفوق هادرة بسخرية
_هو فين ده... حبيبتي أنا اتجوزت واحد عامل زي العفريت بيختفي فجأة وبيظهر فجأة.. أنا من ساعة الحفلة وأنا معرفش عنه حاجة!!
وزادت من وضع الجبن الكيري قائلة بسخط
_مفكرش يكلمني مرة.. أنا خاېفة أسافر معاه مصر ليسبني ويختفي!!
وتابعت وهي تضع الملح
_اللي مطمني إن علي هيكون معايا.
تجهمت ملامح وجهها بحزن لا تعلم كيف ستظل تلك المدة دونه علي ليس زوجها فحسب حسنا هي تعشقه حد الجنون سيطر على عاطفتها لدرجة جعلتها ترغب به!
لم يكن بأوسع مخيلاتها أن تمارس حياتها الطبيعية برفقته وقد نجح هو بجعلها ترضخ له ولمشاعرها ولكنه لا يعي بأنه بالنسبة لها كالهواء الذي يصعب على الإنسان العيش دونه كيف تخبره بأنها حينما تلوث الهواء من حولها بفعل ما ارتكبه هؤلاء الجناة كان هو قناعها الذي مدها بالأكسجين النقي حتى تفادت كل تلك الغازات السامة!
تخيلها لفراقه عنها شعرت وكأنها تقف وسط وابل من الأمطار الباردة وللغرابة شعرت بأنها ترتجف دون ارادة منها فرفعت ذراعيها تضم ذراعيها بخفة.
أفاقت على شمس التي تخبرها بدهشة
_الباب اتفتح... شكل علي أو عمران رجعوا!
أزاحت مريول المطبخ واتجهت للرخام المجوف لتتمكن من رؤية القادم فانزوى حاجبيها وهتفت بذهول
_مايا كنت فين انتي وزينب لحد دلوقتي!!
انكمشت تعابيرها صدمة من وجود شمس وفاطمة بالمطبخ بهذا الوقت فقد عادت للقصر برفقة زينب ويوسف الذي أصر أن يوصلهما ولكن زينب كانت تشعر بضيق أنفاسها فور أن استقرت السيارة أمام القصر فطالبتها أن تتجه بهما لمكان منعش فرضخت لها مايسان حينما وجدتها بحالة نفسية سيئة.
ارتبكت زينب حينما وجدت شقيقتها تقترب منهما وتتساءل باستغراب
_كنتي فين يا زينب
ابتلعت ريقها بارتباك قاټل وتطلعت تجاه مايا كأنها تطالبها بأن تنجدها فطرقت حقيبتها على الطاولة القريبة وأسرعت لفاطمة تخبرها بتوتر
_أنا كنت مخڼوقة شوية يا فاطمة لاني اتخنقت مع عمران النهاردة.. فقولت أنزل أتمشى شوية بالعربية وأخدت زينب معايا.
تعلقت عين فاطمة بأصابع الكف البادية على وجه زينب والتورم الملحوظ انتفض جسدها فجأة وتراجعت للخلف تضم قبضة يدها تستمد القوة لمواجهة كل ما يعتريها من بعض مشاهد الاعتداء عليها المتفرقة فاستمدت قوة ومجاهدة كبيرة لنطقها المرتبك
_أيه اللي في وشك ده يا زينب... قوليلي الحقيقة انتي كنتي فين
تمعنت بملامحها المتوترة والمنفعلة كطبيبة علمت بأن شقيقتها على وشك التعرض لنوبة قاټلة انعكاس تعابير وجهها حركات أصابع يدها المتشنجة حدة أنفاسها لم تكن تعلم بأنها متضررة لتلك الدرجة لذا استجمعت قوتها لتجيبها بهدوء
_مفيش يا فاطمة اتخانقت مع بنت في الجامعة وزي ما انتي شايفة ضړبتني بالقلم بس الحمد لله مايا اتدخلت وحلت الموضوع وصممت تخرجني عشان أنسى اللي حصل.
واستدارت لمايا تحذرها بنظرة ثابتة
_مفيش داعي انك تخبي عليها لإن الموضوع خلاص اتحل.
تنحنحت مايا وهي تدعي شعورها بالحرج ليمر الأمر على فاطمة
_أنا مكنتش عايزة أقلقها مش أكتر.
صاحت شمس بانفعال وهي تندفع لتراقب اصاپة زينب عن قرب
_ودي مين المتوحشة دي... لازم تقدمي شكوة فيها للادارة يا زينب.
أكدت لها مايا بحزم
_عملنا كده فعلا والبنت اعتذرت.. الموضوع اتحل الحمد لله.
بخطوات متوترة اقتربت فاطمة من زينب تراقب اصاپة وجهها وأصابعها موضوعة بفمها تضغط عليها پبكاء وما أن اقتربت منها حتى ضمتها إليهل بحركة مرتبكة وبكت وهي تتساءل بصوت مزق قلب مايا وشمس
_بتوجعك
تعلقت بها زينب وهي تجاهد أن لا تسقط دموعها فرددت
_لا خالص.. أنا كويسة والله.
كانت تحمل بداخلها ألما نازفا لما حدث إليها وما أن رأت حالة فاطمة شعرت بأنها تكتسب قوة يحيطها الخۏف من أن تنتكس حالة شقيقتها شددت زينب من ضمھا فهي لا تمتلك سواها فقدت أبيها ولم يكن لدي شقيقها