رواية صرخات انثى الفصل الرابع والثلاثون بقلم ايه محمد رفعت
منه تردد بحب جعل قلبه يرتجف من قوة عشقها
_أنا مش عايزة غيرك إنت يا أحمد!
عند ذاك الحد لم يكن عليه محاربة مشاعره دنى إليها يعبر عن عاطفته حتى اختطفها لعالم بني على حقيقة شغفهما معا.
استيقظ باكرا قبل الموعد الرسمي المحدد لموظفين الشركة فنهض يتجه للراديو الصغير الخاص به يفتح إذاعة القرآن الكريم ويحرر شرفة غرفته الصغيرة ومن ثم يتجه للركن الصغير الخاص به يعد شطائر الفول الطازج وقدح من شاي النعناع الساخن ثم حملهما وخرج يتناول طعامه ومن ثم إتجه لمكتبه المتواضع يرتدي نظارته الكبيرة ويباشر عمله بكل محبة.
_غريبة يعني إنك رجعت ولوحدك من غير ما عمران يجبرك!
اتشحت ابتسامة جميلة على وجهه البشوش وإتجه لمقعده المقابل لمكتب ممدوح قائلا بحماس ولباقة
ضم كفيه معا وانحنى يستند عليه قائلا بابتسامة صغيرة
_مكنش باينلك رجوع على ملامحك المجهدة امبارح
خلع أيوب عنه ذراع الحقيبة وقال بابتسامة مشرقة
_والدي الشيخ مهران علمني مستسلمش بسهولة وبعد اللي حضرتك عملته معايا امبارح كان لازم أبينلك اني مش الشخص اللي كونت عنه أفكارك امبارح.
_تقصد أيه!
أجابه ببساطة ومصدقية
_من خلال الكام ساعة اللي قضتهم مع حضرتك حسيت أد أيه انك بتحترم وقتك وبتقدسه جدا فكنت بتحاول تضغط عليا بكل السبل عشان تشوف إذا كنت هرجع تاني ولا لأ.. ولو رجعت يبقى أستحق وقتك اللي هيضيع معايا في تعليمك الخطوات الجاية لو مرجعتش يبقى وفرت عليا وعليك وقت ومناهدة.
_عجبتني... وشكلك هتكون تلميذي التاني بعد عمران الغرباوي.
وأشار إليه بنظرة ارتخت عن حزمها قليلا
_تحب نبدأ
فتح سحاب حقيبته يخرج دفتره وبعضا من اللوح هاتفا بحماس
_أنا جاهز...اتفضل!
هبط للأسفل يفرك عينيه وهو يجاهد النوم بكل ما فيه فكان بطريقه للمطبخ ليعد كوب من القهوة تزيح صداعه القاټل فتوقف محله حينما لمح أخيه يجلس بالصالون يرتشف كوبا من القهوة ويقرأ بأحد الكتب كالمعتاد عنه.
_صباح الخير يا دكتور.
انتبهعلي إليه وأجابه بابتسامة هادئة
_صباح الخير يا عمران... منزلتش شغلك ليه
إتجه إليه يجلس على ذراع المقعد ينتزع من يده الكوب وهو يرتشف منه كالمدمن المفتقد لمذاق الكوفين وردد
_بفكر منزلش النهاردة.. ورايا كام حاجة هخلصهم هنا على اللاب وكمان ساعة هنزل مشوار على السريع كده ممكن بعدها أعدي على الفرع اللي هنا أشوف الدنيا وأرجع تاني.
_المهم تنهي حوار الشراكة ده خلينا نخلص.
هز رأسه بخفوت وردد بتهكم
_كلمت امبارح المحامي وبيرتب الاوراق... متقلقش.
هز رأسه بخفوت فاتجه عمران للأريكة يحتلها وصاح بأحدى الخادمات
_احضري لي حاسوبي من غرفتي رجاءا.
أماءت له باحترام وغادرت لتعود بعد دقائق بما تحمله فوضعته من أمامه فتحه عمران وشرع ببعض أعماله وبين الوقت والأخر يختطف نظرات سريعة لأخيه الشارد والهموم تتثاقل بين حدقتيه الرمادية فأخفض عمران شاشة حاسوبه وسأله بلهفة
_مالك!
مسح على فمه بحركة عشوائية وأجابه
_مفيش.. بفكر ألغي سفري لمصر بس للأسف لازم أعمل المشوار ده.
اعتدل بجلسته يعيد سؤاله باستغراب
_وعايز تلغيه ليه المركز أساسا شبه مكتمل مكنش فيه غير المساحة اللي انت ضمتها ليه والفريق بينجز فيه على أكمل وجه لازم إنت كمان تتحرك وتختار الدكاترة والممرضين اللي هتحتاجلهم وبسرعة.
لف وجهه المهموم إليه
_عارف بس اللي ربكني من السفر فاطمة حالتها مش مستقرة.. خاېف أجازف وأبعد عنها يحصلها حاجة وأنا مش جانبها... فاطمة لسه متعافتش بشكل كامل.
ترك عمران حاسوبه ونهض عن أريكته متجها لمقعد يجاور مقعد أخيه وازدرد ريقه بارتباك اتبع منهج سؤاله المتردد
_علي.. هو إنت وفاطيما بتمارسوا حياتكم بشكل طبيعي
تقوس جبينه بشكل ملحوظ فاعتدل عمران بجلسته يوضح له
_أصل حالتها غريبة ومقلقة!
تعمق بالتطلع لعينيه الشبيهة لخاصته بلونها ومنحه بسمة خاڤتة اتبعها قوله الذكي
_لو سألتك نفس السؤال عنك إنت ومايا هتجاوبني
رمش بأهدابه عدة مرات في محاولة لاستكشاف ما يود قوله فتابع علي بنبرة رزينة
_إنت قومت الدنيا كلها لما خالك اقتحم أوضة نومك وإنت دلوقتي بتعمل نفس الشيء يا عمران بټقتحم خصوصياتي أنا ومراتي فمتوقع مني أيه مثلا
ابتلع ريقه بتوتر أخفاه بقوله
_أنا آسف لو سؤالي ضايقك يا علي.. أنا بس آآ..
قاطعه بابتسامة واسعة وملامحه لم تتأثر مطلقا
_متعتذرش يا عمران أنا فاهمك وعارف إنك متعمدتش ده بس اللي لازم تفهمه إن مهما كان قربنا وحبنا لبعض في النهاية في خطوط حمرا محدش مننا يقدر يتخطاها.
هز رأسه بتفهم
_عندك حق.
اتجهت نظرات علي لحاسوب عمران وسأله باهتمام
_كنت بتقول إنك معاك تصميم لمكتبي بعد التعديل.. وريني أنا متحمس جدا أشوف هترتبلي مكتبي ازاي انت وفريقك يا بشمهندس!
ضحك وهو يشير له بغرور
_بعينك تشوف حاجة... سافر إنت وارجع وكن على ثقة إن عمران الغرباوي هيبهرك.. يا ابني كفايا عليك إني مش بعمل ديكور لحد!
ضحك وهو يراقبه يعود لأريكته رافعا رأسه للأعلى كالطاووس فجذب الوسادة التي تجاوره وألقاها بوجهه هاتفا
_طاووس وقح!
غمز لها برماديته يجيبه بسخرية
_طب انصرف علشان بخاف من الحسد وعايز أفرد ريشي!
تعالت ضحكات علي واستكان بجلسته يجذب كتبه يعود لقرائته الصامتة بينما الاخير يتلذذ بكوب القهوة التي اتخذها عنوة ويتابع حاسوبه هو الأخر.
مرت الساعات ومازال كلا منهما منشغلا بما يفعله حتى اقتحم مجلسهما مايسان وفاطمةالتي كانت تدفع طاولة صغيرة لتستقر أمام عمران فاستقام بجلسته منتبها لها فوجدها تردد ببسمة صغيرة
_نسيت الاتفاق
وزع نظراته على أطباق الطعام الشهي ورفع عينيه لها يجيبها بامتنان
_أيه كل ده.. تسلم ايدك يا فاطمة تعبتك معايا .
أجابته بلباقة
_يا رب يعجبك.
ابتسمت مايا ورددت بمشاكسة
_كان نفسي أطبخلك الأكلة دي بنفسي بس للأسف مقدرش أنافس في الأكل المغربي قدام فاطيما خسرانة بالعشرة.
ضحكت لها ورددت بخجل
_أنا أجي أيه جنبك يا مايا.
أشارت لعمران الذي يتابعهما مبتسما
_متصدقهاش يا عمران دي بتشيل عنها العين.
واستدارت تجاه علي تشير إليه
_تعالى هنا جنبه يا علي.. الأكل يجنن.
رفع معصمه إليه متفقدا ساعته
_الساعة لسه ١٢.. أنا بتغدى على الساعة ٣ فمش هقدر أعذروني.
منحه نظرة ساخطة وهو يلتهم ما بملعقته مرددا
_خليك حافظ على أكلك ومواعيده لما بقيت شبه خلة السنان.. نفسي تقتنع بكلامي وتأكل وتعيش حياتك وتقضيها ساعتين جيم كل يوم هتفرق معاك.
قڈف علي وسادة أخرى إليه
_كمل أكلك وانت ساكت.
ضحكت فاطمة وهي تتبعهما باستحياء فاخفضت عينيها للحاسوب المجاور لعمران حيث تركه مفتوحا لفت انتباهها جدول الحسابات المعدة وتقنيات تعيد لها ذكريات العامين التي مضتهما بالجامعة وبعدهما لم تتمكن من استكمال تعليمها.
لاحظ عمران وعلي تعلق نظراتها بالحاسوب وشرودها فجذب عمران المنديل الورقي وأزاح بقايا الطعام عن منديله وبخفة دفع الحاسوب قبالتها قائلا باهتمام
_ال ده مش غريب عليكي صح
هزت رأسها بخفة فقال ببسمة واسعة خبيثة لقرب تحقيق هدفه
_تحبي تجربي
خطفت نظرة مرتبكة لعلي