رواية صرخات انثى الفصل الخامي بقلم ايه محمد رفعت
انت في الصفحة 1 من 6 صفحات
اندهش حينما لم يجده يتابعهما للداخل فبحث عنه حتى وجده يسرع لسيارته مجددا تعجب علي من خروج عمران بهذا الوقت فترك شمس تستكمل طريقها للخارج ثم عاد أدراجا ينادي
عمران.
كاد باجتياز البوابة الخارجية للمنزل حينما استمع لصوت أخيه اقبل إليه يتساءل
مش طالع ولا أيه
أحكم غلق جاكيت بذلته الآنيقة حينما داهمه التيار البارد وقال
دث يده بجيب بنطاله وهو يشمله بنظرة متفحصة
الشقة عند أصحابك يا عمران مش الفندق.
أكد له سريعا
علي أنا وعدتك مش هرجع للقرف ده تاني صدقني.
قال وهو يعود للداخل
أتمنى..بلغهم سلامي لحد ما أقابلهم.
رفع جسده عن الأرض ليحتل سيارته المكشوفة
قاد عمران سيارته ليصل بعد أقل من ثلاثون دقيقة للعمارة السكنية الراقية صفها بمحاذاة الطريق وصعد للأعلى يلهو بمفاتيحها وهو يدندن بصفارته الهادئة حتى وصل للطابق الخامس من المبنى دث مفتاحه وولج للداخل مبتسما متلهفا للقاء أصدقائه المقربون بحث بالغرف أولا وهو يتمنى لقاء أحدهما فانتبه للنور المضاء بالردهة أسرع إليها فتهللت أساريره وردد
استدار بمقعده القابل للحركة فمنحه نظرة خاطفة ثم عاد لجلسته يرتشف كوبه لأخره بجموح صعق عمران مما رآه فاجبر ساقيه على تتبعه رغما عن تثاقلها أصبح الآن قبالته لا يفصلهما سوى طاولة البار المطل على كورن مشروبات القهوة وغيرها فحمل الزجاجة الموضوعة أمامه بعدم استيعاب
إنت جبت دي منين
ابتسم من يحتضن رأسه الثائرة بصداع قاس وقال
جذبه عمران بقوة كادت باسقاط جسده المترنح
من أمته يا جمال وإنت بتشرب القرف ده ده إنت كنت لو بتشوفه معايا أيه جرالك
أزاح ذراعه عن قميصه وعاد يستند على البار ساكبا كوبا ويلتهمه غير عابئا بنظراته ولا بقميصه المبتل وكأنه ينتقم من نفسه هنا كز عمران على أسنانه پغضب فأبعد الزجاجة لأخر البار وصاح
ابتسم وهو يجيبه
من النهاردة ولو نساني اللي بواجهه هدوام عليه زي ما إنت بتداوم عليه عشان تنسى مشاكلك.
مرت يده بخصلات شعره بتعصب شديد فسحب مقعد مجاور له وجلس يخبره بهدوء
كنت بضحك على نفسي يا جمال السكر مش حل للي بنواجهه كفايا التقزز وكره النفس اللي هتحس بيه بعد ما تفوق ومفيش حاجه هتتسنى.
مش مصدق انك اللي بتتكلم ما ياما بذلنا أنا وأخوك مجهود كبير معاك عشان تبطل جاي دلوقتي توعظني!
اتجهت نظراته البنية لهاتفه الجانبي الذي يعاد للرنين مجددا فجذبه جمال وأغلقه نهائيا ثم عاد يرتشف الكوب ببرود وزع عمران نظراته بين حالة رفيقه والهاتف ثم تساءل
إنت اتخانقت مع صبا تاني
ضحك وهو يجيبه ساخرا
قصدك عاشر ومليون!
استمر بحديثه ليعلم ما به فقال
ليه حصل أيه
لف المقعد ليكون مقابل إليه
الست هانم من الفضى اللي بقى عندها هنا بقت بتشك فيا مفكرة إني بعرف واحدة عليها وكل يوم بتفتش في موبيلي.
وتابع ببسمة حملت حزنا وألما رغم تعمده الاستهزاء
ده غير اسطوانة كل يوم عن تضحيتها العظيمة إنها سابت أهلها ومصر وجت عاشت معايا هنا في انجلترا شايفة نفسها بطلة ولازم أقدر انجازاتها!
وتجرع ما بكوبه وهو يشير له
متعرفش إن لولا وجودي هنا وتعبي ليل نهار في الشغل مكنتش قدرت أحقق كل اللي وصلتله ولا كان باباها قبل بالجوازة دي من الأساس.
وتابع بغدافية جعلت دمعاته تبرز بحدقتيه
متعرفش أنا موجوع أد أيه وأنا عايش هنا بقالي سبع سنين متغرب عن أهلي عشان أقدر أكونلها الزوج المناسب والابن اللي يقدر يتحمل مسؤولية أبوه وأمه متعرفش إني بمۏت ألف مرة وأنا بعيد عن عيلتي ونفسي أكون معاهم بس السنة اللي هفكر فيها أنزل مصر هي اللي هقرر أخوض رحلة العجز قدام مصاريف علاج والدتي ودراسة أخويا الصغير وجهاز أختي وأكون عاجز عن طلبات بيتي وأنا مش جاهز أتحمل كل ده يا عمران.
تدفقت دمعة خانت صموده المزيف وهو يبتسم بتهكم
لما خلصت أوراقها من سنة كنت فاكرها جاية تشيل عني وتشاركني وحدتي فرحت وأنا بتخيل حياتي معاها وكنت متحمس أرجع شقتي ألقى حد مستنيني متحمس أرجع لحياة مريحة ألقى فيها أكل بيتي واهتمام بلبسي مقفش أنا أعمل أكلي لنفسي وأكل لوحدي.
واستدار برأسه إليه يخبره بضحكة مهزومة
مكنتش أعرف إني هفتح ۏجع جديد ليا فوق أوجاعي وإني هتمنى ساعات الشغل تطول عشان مرجعش البيت لنكدها.
تفحص كوبه الفارغ بضجر واستمر بحديثه
طلعت معاك حق يا عمران لما سبت مراتك وبصيت على واحدة تشوف مزاجك من غير ما تقلب حياتك نكد.
وناوله الكوب يشير إليه
فرغلي كأس.
جذب عنه عمران الكوب وألقاه أرضا بكل قوته ثم رفعه من تلباب قميصه صارخا بعصبية
فوق يا جمال القرف ده لو دخل حياتك هيدمرك أنا غلط وحياتي كلها غلط مش عايزك تكون زيي خليك نضيف زي ما أنت.
ترنح جسده بتعب فتمسك به عمران دون الافلات عن حديثه
مشاكلك مع مراتك تافهة وتتحل شاركها وجعك هتحس بيك.
ومنحه نظرة ساخطة وهو يتابع
ثم أنك اللي بتديها الفرصة لده أيه اللي مقعدك هنا لحد دلوقتي سيف قالي إنك بتبات هنا بقالك فترة ما طبيعي إنها تشك فيك!
مال برأسه على كتف عمران مغلق عينيه بارهاق
أنا تعبان أوي يا عمران.
عمران بحزن شديد لا يستوعب إن صديقه المثالي يترك طريقه المستقيم وينجرف للمحرمات فجأة بعدما كان يقضي يومه ينصحه بالابتعاد عن المشروب وعن ألكس اللعېنة كان ينفر من حديثه تارة ويحاول الاستماع له تارة أخرى.
يشعر دائما بأنه النسخة الشبيهة بأخيه علي لذا كان سببا منطقيا لحب علي لجمال ودوام صدقاتهما طوال تلك السنوات.
تحرر باب الشقة من جديد فاستمع عمران لخطوات تقترب منهما ألقى المفتاح جانبا ونزع عنه جاكيته وهو يتفحصهما بنظرة ساخطة اتبعت نبرته المرحة
جمال في عمران لأ قلبي الكبير مرحب بالأفكار المنحرفة.
وإتجه بقامته الممشقة للأريكة مضيفا
في البلد دي نتوقع أي حاجة حقېرة!
دفع عمران جسد جمال للمقعد مجددا ثم اتجه ليجلس جواره مرددا باستغراب
أيه جابك إنت كمان دلوقتي يا يوسف
سحب نفسا طويلا ورفع ساقيه ليستند بهما على الطاولة الزجاجية
مفيش رجعت البيت متأخر كالعادة فالمدام قالتلي هتلاقيك كنت عند صحابك المقاطيع ومن هنا لهنا قالتلي روح بات عندهم يا دكتور يا محترم.
حل وثاق قميصه وهو يتابع
بس كده فاتصلت بسيف أخويا أعرف منه مين من المقاطيع فيكم موجود عنده قالي إنه بره الشقة بيجيب شوية طلبات وميعرفش مين فثكم مشرف عنده النهاردة فجيت أبص وبيني وبينك زهقت من الخلقة اللي متعود أشوفها كل يوم.
قال كلماته وهو يشير على جمال الملقي رأسه على الطاولة.
رد عليه عمران بضيق
البيه سايب بيته بقاله فترة ومقضيها هنا.
هز رأسه قائلا
عارف عارف يا حبيبي ما أنا بجبله الأكل كل يوم وبتعاقب بتتضيف الشقة من سيف بيقولي ورايا امتحانات ومش فاضي لهلس صحابك.
اختنق عمران فحرر جرفاته ونظراته لا تغادر جمال بحزن بينما تركزت نظرات يوسف المتفحصة له فسأله
هو نام هنا ليه ما يقوم يدخل أوضته.
التقطت عينيه زجاجة الخمر الموضوعة جانبا فزفر بسخط
خمړة تاني يا عمران إنت مبتحرمش!
سدده بنظرة حادة فابتسم