رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل الواحد والعشرون بقلم ندي محمود
فما فعلته به لا يغتفر ولن ينساه أبدا أبعد ذراعيها عنه برفق وتركها وأكمل طريقها لخارج المنزل فتسقط هي على الأرض جاثية على ركبتيها تبكي وتنوح على ابنها الذي فقدته وتهتف مرددة من وسط بكائها ونزلتها الهستيريا
_هتهملني لمين ياولدي هو أنا ليا حد غيرك.. ياعمران!
وصلت عفاف على صوت البكاء والصړاخ المرتفع من إخلاص وهرولت نحوها عندما وجدها جاثية على الأرض وتولول كالتي ماټ لها أبن أو زوج حاولت مساعدتها الوقوف على قدميها وهي تهتف لها
دفعت ذراع عفاف بعيدا عنها ورمقته بنظرة ڼارية صاړخة بها
_بعدي عني عاوزة تشمتي فيا عشان ولدي هملني وسابني خدتي مني چوزي ومكنش فاضلي إلا ولدي وأهو سابني هو كمان
لوت عفاف فمها بإشفاق وقالت لها بلين
_طيب قومي استهدي بالله هو تلاقيه متعصب دلوك ولما يهدي هيرچعلك اهدى وقومي عاد يلا من على الأرض
_هيرچعلي ياعفاف ويسامحني صح
آماءت لها بالإيجاب وقالت مؤكدة لتهدأ من حالتها المزرية
_أبوة طبعا هيرچع مټخافيش
داخل منزل جلال وفريال......
كانت تقف بالمطبخ تقوم بتحضير العشاء وعقلها مشغول بالتفكير في شقيقها وزوجته تحاول إيجاد حل لإصلاح العلاقة بينهم لكن كل الحلول ضعيفة أمام عنادهم وإصرار كل منهم على عدم الاعتراف بخطأه لاحت بسمة مغرمة عندما قڈف لعقلها مواقفها مع زوجها منذ صباح اليوم لقد تعمد البقاء في المنزل اليوم كله ولم يذهب
تحركت بخطواتها تجاه المبرد ولم تنتبه القطرات المياه المتناثرة على الأرض فانزلقت قدماها وكادت أن تسقط فأطلقت صړخة عالية دوت بأرجاء المنزل ولحسن الحظ أنها تمسكت بالحائط بسرعة قبل أن تسقط وتشبثت به سمعت ثيحته المڤزوعة من الخارج مناديا عليها
_إيه اللي حصل مالك
ابتسمت له بحب وتمتمت في هدوء وهي تلتقط أنفاسها وتربت على كتفه
_مفيش حاچة الحمدلله چت سليمة اتزحلقت وكنت هقع بس مسكت نفسي
طالعها جلال بحزم وقال موبخا إياها من فرط اهتمامه
_أنا مش نبهت عليكي مليون مرة تاخدي بالك اطلعي يافريال اقعدي برا وأنا هكمل العشا
رفعت حاجبها بعينان متسعة وظهرت البسمة المدهشة على ثغرها فورا وهي تجيبه
أخفى ابتسامته وتصرف بتعالي وبرود مستفز
_چلال أنت ده كل اللي هامك!
الټفت لها مستاءا وهتف بتلقائية غاضبا لكن سرعان ما تدارك الموقف وحاول تصحيحه خوفا من يزداد عنادها أكثر
_أيوة.. اقصد يعني أيوة مضايقني بس مش هو ده بس يعني كل اللي بتعمليه مضايقني أكيد
مطت شفتيها للأمام بنظرات دلع وهزت كتفيها في غنج مثير ثم قالت مبتسمة برقة وهي ترفع راية الاستسلام
تهللت اسايريه وقال بحماس وهو مستعد لينفذ لها كل شروطها في سبيل إنهائها لتلك السخافة التي تمارسها عليه
_ياسلام ده أنتي تؤمري يا أم العيال
اخذت نفسا عميقا وعبس وجهها لأنها تعرف ردة فعله عندما يسمع طلبها أطلقت زفيرا حارا وجمعت شجاعتها لتقول له بعين بائسة
_تبعد عن عمك وملكش صالح بيه أنا مش هقولك بلغ عليه بس أبعد عنه واصل
تقوست تعبيرات وجهه وظهر الانزعاج والضيق الشديد ثم هتف بنبرة مرتفعة بعض الشيء
_تاني يافريال الموضوع ده!
_ابوس يدك عشان خاطري ياچلال أنت شوفت بنفسك حصل إيه لما اتمسكت وكان ممكن متطلعش منها لولا أن ربنا سترها
جلال بنظرة حادة
_ده عشان أنتي بلغتي!
هزت راسها بالنفي محاولة إقناعه وهي تقول بتلهف
_لا أنا مبلغتش عنك أنا بلغت عنه بس.. وبعدين هما مش لو عرفوا مكانه وخدوه واكتشفوا أن ليك يد وكنت بتساعده على الهروب ومخبيه مش هياخدوك معاه يعني!!!
أطلق زفيرا ڼاري وهو يتألف بنفاذ صبر ويشرح بوجهه بعيدا عنها محاولا تمالك أعصابه ثم قال لها بصوت رجولي غليظ
_مش هيعرفوا يافريال ومش هياخدوني طلعي عاد الحوار ده من راسك
_چلال عشان خاطري ياحبيبي.. اسمع كلامي وشيل يدك من الموضوع ده.. أنا لو چرالك حاچة ولا خدوك مش هقدر اعيش من غيرك أنا وعيالك هتهملنا لمين احنا ملناش غيرك صدقني أنا ھموت من قهرتي لو خدوك مني سامعني هم....
_متخافيش يافريالي أنا مش هسيبك ابدا مفيش حاچة تقدر تفرقنا عن بعض ياحبيبة قلبي غير المۏت اهدى ومتبكيش عاد
_ده منيرة الحرباية بأعمالها واسحارها وعفاريتها مقدرتش تفرقنا السچن وعمي هيقدر!!
لم يغسل في اضحكاها حيث ابتسمت مغلوبة منه وقالت بجدية ووجه مازال غارق بدموعها
_أنا مش بهزر ياچلال
_ولا أنا.. وعشان خاطر عيونك موافق هحاول أبعد عن عمي على قد ما أقدر واقلل مقابلاتنا مبسوطة إكده
اختفى العبوس والحزن من على ملامحها بلحظة وتحول لسعادة غامرة وهي تبتسم باتساع وتهز رأسها له بالإيجاب ثم ارتمت عليه لتعانقه بحميمية وهي تهمس له
_أنا بحبك قوي ياچلالي
_وأنا بعشقك
بمكان آخر تحديدا بالطابق الرابع من بناية ضخمة مكونة من سبع طوابق وقف عمران أمام الباب وهو يطلق زفيرا حارا ثم دس يده في جيب عبائته وأخرج مفتاح يتدلي منه ميدالية حديدية على شكل غزال صغير فسرح بذكرياته في تلك الميدالية عندما اشتراها واختار خصيصا أن يدمجها بمفتاح تلك الشقة التي جهزها من كل شيء على ذوقها ليفاجئها بها بالوقت المناسب لكن شجاراتهم ومشاكلهم المستمرة انسته كل شيء حتى وعوده لقد كان على وشك أن ينسى عشقه لغزاله وينجرف مع طيار العواصف المجهولة التي عصفت بعلاقتهم واقسمت على تدميرها كلاهما الآن يعانيان بسبب استسلامهم لتلك الرياح منذ بداية الأمر هو سمح لعقله المشتت أن يتوه وسط الظلام وبمتاهة ممېتة لو كان حاول الإمساك بزمام الأمور في حكمة كان سيدرك أن تلك المتاهة ما كانت إلا سوى وهم اقنعه به عقله الضائع أما هي فسارت خلف تيار من التمرد والعصيان موهمة نفسها بأنها وحدها على حق استمعت لوساس الشيطان الذي أقنعها بأن زوجها لا يحبها وأن إعلان الحړب هو أسلم قرار يمكنها اتخاذه في حق كبريائها تناست تماما حقيقة أن عشقهم فاض بين وهج النيران مهما حاولت شن الحروب والمعارك القاټلة ضده لن تهزمه أبدا.
فاق من شروده الكئيب ووضع المفتاح في قفل الباب ليفتحه ويدخل ثم يغلق الباب خلفه البيت ممتلأ برائحة التراب التي أثبتت هجره لفترة طويلة لكن الأثاث كان بحالة جيدة نوعا ما فتنهد الصعداء بإرهاق واتجه نحو الأريكة المتوسطة يجلس عليها وهو يتذكر الحقيقة التي عرفها بعد فوات الآوان من جهة صډمته أن والدته حاولت قتل ابنه وفعلت كل تلك الافاعيل بزوجته لتتخلص منها وتنهي زواجهم كان يظن أن تصرفاتها البسيطة وجدالها الدائم مع زوجته بسبب عدم حبها لها وأن هذا أسوء ما يمكنها فعله لكنه اتضح أنه هو الساذج الوحيد بينهم ومن الجهة الأخرى حبيبته وزوجته وأم ابنه التي خسر ثقتها ورغبتها به وحبها له بسبب قسوته عليها وعدم تصديقه لها مرارا وتكرارا