الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الحادي عشر بقلم ندى محمود توفيق

انت في الصفحة 5 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

يده عنها وراحت تجلس فوق الأريكة وهي تجفف دموعها بظهر كفها رغم أنها لا تتوقف عن الانهمار 
اقترب هو من مكتبه وجذب علبة الممسحة الورقية واعطاها لها هاتفا 
_ خدي امسحي دموعك بزيادة بكا العيال قاعدين معايا إهنه وممكن يدخلوا في أي وقت متخلهمش يشوفوكي إكده 
راحت تسحب ممسحة ورقية تجفف بها دموعها وتمسح أنفها محاولة استعادة حالتها الطبيعية حتى لا يروها أولادها بهذه الحالة البشعة.. وبالفعل لم يكن سوى دقائق معدودة ودخلا الطفلين غرفة مكتب أبوهم فاندهشوا بوجود أمهم وكلاهما ركضوا عليها يعانقوها بفرحة.
هتف معاذ ببسمة متسعة يسأل أمه 
_ إيه اللي چابك إهنه ياما
ابتسمت لابنها بدفء ونقلت نظرها بين طفليها وبين أبوهم الذي يقف يتابعهم وينتظر إجابتها فردت هي بمرارة تحاول إخفائها
_ كنت بشتري حاچات وعديت عشان أشوف أبوكم واطمن عليه 
طرح عمار سؤال آخر بحماس
_ هترچعي معانا البيت يعني خلاص
عبس وجهها ونظرت لجلال بشجن عندما تذكرت صمته على سؤالها ثم عادت بنظرها لولديها تلثم شعر كل منهم بحنو أمومي متمتمة
_ لا لسا ياحبايبي هقعد شوية عند چدكم 
ظهر الضيق على وجه معاذ وقال بجدية ولهجة اشبه برجل ناضج
_ بزيادة عاد ياما احنا اتوحشناكي قوي ارچعي معانا.. حتى أبوي زعلان واتوحشك صح يابوي
لم يجيب جلال على ابنه وبقى صامتا مما ازعجها وألمها أكثر فردت على ابنها برباطة جأش
_ احنا قولنا إيه يامعاذ مش اتكلمنا في الموضوع ده كذا مرة ياحبيبي 
زم معاذ شفتيه بيأس لكن ذلك لم يمنعه من اقترابه ومعانقته لأمه مرة أخرى في حب وشوق فابتسمت هي وادمعت عيناها رغما عنها وراحت تفرد ذراعها تضم عمار أيضا لصدرها وسط قبلاتها لهم التي كانت توزعها على شعرهم وجبهتهم.
اضطر جلال للمغادرة عندما طلبه أحد العاملين بالمعرض ليأخذ رأيه في أمر يخص العمل فخرج وتركهم بمفردهم يتبادلون الحديث ويضحكون فقد نجحوا الأولاد في رسم البسمة على ثغر أمهم! . 

داخل غرفة عمران بمنزل إبراهيم الصاوي......
انفتح باب الغرفة ودخل فوجدها جالسة فوق نفس المقعد وتتطلع إليه بصمت وضيق لم يعيرها اهتمام كثيرا وبدأ في نزع جلبابه عنه وكالعادة أخرج ملابس جديدة له من الخزانة واتجه للحمام ليأخذ حمام دافيء يزيح عن جسده ارهاق العمل طوال اليوم وبقت هي تتابعه بعيناها في سيره نحو الحمام حتى اختفى عن أنظارها وبداخلها تتوق للحظة المناسبة حتى تحقق رغبتها وتتخلص منه.
دقائق طويلة نسبيا مرت حتى خرج من الحمام وكان يرتدي بنطال أبيض ملائم لحجم جسده وشعره الأسود الغزير مبتل تتساقط منه قطرات المياه فوق لحيته الكثيفة وشاربه مما أعطاه شكل رجولي مثير وزاد من وسامته الرجولية التفتت هي بتلقائية نحوه وحين استقرت عيناها عليه ورأته عاري الصدر اشاحت بوجهه بسرعة مجددا وصاحت به پغضب 
_في حمام بنلبس فيه الهدوم طالع قصادي إكده ليه! 
رمقها بنظرة جانبيه باردة ثم هتف بنبرته الرجولية الغليظة
_ عشان أنا في اوضتي وفي بيتي يعني اعمل اللي اعوزه
هتفت بعصبية دون أن تنظر له
_ وأنت مش لحالك في اوضتك يعني تعمل حسابك على إكده
هتف بهدوء أعصاب مستفز متعمد
_ هو في حد تالت معانا في الأوضة ولا إيه!
حاربت خجلها ونظرت له تقول بقوة
_ وأنا مش مكفياك!!
قال بعين ثاقبة
_ لا أنتي مرتي يعني مش حد غريب 
وكما كانت رغبته نجح في إشعال نيران غيظها على أثر عبارته وهو يذكرها بأنه زوجها فوثبت واقفة واندفعت نحوه تقف أمامه مباشرة هاتفة بغيظ
_ أنت كل اللي بتعمله ده بټنتقم مني عشان حاولت اقټلك صح
ابتسم ورد بنبرة خشنة ونظرة ممېتة
_ لا بربيكي من أول وجديد يا آسيا
جزت على أسنانها بغيظ وبسبب نظرته المرعبة لم تتجرأ من الرد عليه واكتفت بالتطلع إليه في ڼارية لكن بعد لحظات ردت بأنف مرتفع
_ لو فاكر إنك إكده هتكسرني تبقى غلطان 
اشتدت حدة نظراته وهدر بصوت يقذف الړعب في الأبدان
_ ده بدل ما تشكريني إني نقذتك من ناسك اللي كانوا هيقتلوكي 
هتفت ببأس رغم قهرها
_ المۏت كان ارحم من أني اتچوزك ياعمران وادخل البيت ده
ابتسم باستهزاء ليقول بعدم مبالاة وهو يبتعد عنها ليجذب جلبابه الأبيض الذي فوق السرير ويرتديه
_خلاص اعتبري نفسك مېتة إهنه كمان وملكيش وجود 
اشتساطت غيظا وأظهرت عن أنيابها الشرسة حتى أن عيناها أصبحت حمراء من فرط الڠضب وباتت أقرب لمنظر الساحرة حقا فاندفعت نحوه وقالت بشجاعة ونبرة صادقة
_ صدقني مندمناش إني حاولت اقټلك ولو چاتلي الفرصة هعملها تاني والمرة دي بنفسي وهتكون أنت وأبوك عشان اخلص منكم واريح أبوي في تربته واخد حقه
رأت في عيناه نظرة أقسمت أن لو كان بأمكان النظرات القټل لكانت قبضت روحها في الحال ودون أن تشعر وجدت قدميها تتراجع بخطواتها للخلف خشية من بطشه وكأنها ندمت على ما تفوهت به.
أن كانت هي الساحرة فهو الجن الذي حضرته دون وعي منها تراجعت ثلاث خطوات للخلف وتقدم هو نحوها كالۏحش ثم انحنى ومد يده في صحن الفاكهة يلتقط منه السکين ثم بيده الأخرى جذبها من ذراعها حتى اصطدمت بصدره پعنف واحكم قبضته عليها جيدا ووضع بيدها السکين في قوة وطالعها بنظراتها التي سرت رعشة بجسدها على أثرهم ثم سمعته ېصرخ بها بعدما أعطاها السکين
_ السکين معاكي وريني يلا هتقدري تقتليني كيف!
كانت تتطلع في عيناه پخوف ملحوظ دون أن تجرأ على تحريك يدها أنشا واحدا فباغتها پصرخة أخرى نفضتها
_ يلا اقتليني!!
لم تتمكن من التحكم بأعصابها وحين نظرت للسکين التي بيدها وتذكرت دماء والدها اڼهارت قواها وافلتت السکين من يدها بسرعة لتسقط فوق الأرض فتجده يبتسم بسخرية وينحنى على وجهها هامسا بصوت يقارب إلى فحيح الأفعى
_متقوليش كلام أنتي مش قده تاني يابت خليل.. لساتك متعرفنيش وكل اللي شوفتيه مني في اليومين دول ولا حاچة يعني أنتي تنفشي ريشك على الخلق كلها وعندي أنا لو فكرتي بس هنتفهملك فاهمة 
شعرت أنها على وشك البكاء فدفعته بعيدا عنها پعنف وهرولت نحو الحمام تلتقط أنفاسها وتترك العنان لدموعها فقد تدمرت فور تذكرها لمنظر أبيها وهو غارق وسط دمائه وضعت يدها على فمها تكتم صوت بكائها حتى لا يصل إليه.
تمدد هو فوق فراشه وامسك هاتفه يتصفحه والوقت مر بسرعة حتى قارب على الخمسة عشر دقيقة ولم تخرج حتى الآن من الحمام نظر للحمام باستغراب وظل يتابعه لدقيقة ينتظر خروجها لكنها لم تخرج أيضا تسلل القلق لثناياه من أن تكون أصابت نفسها بمكروه تلك المچنونة فوثب واقفا وتوجه نحو الحمام يطرق على الباب بقوة هاتفا
_ آسيا.. آسيا 
لم يحصل على رد منها وازدادت حدة القلق بصدره فطرق بقوة أعنف يهتف منذرا إياها
_ آسيا لو مفتحتيش الباب هدخل
والإجابة كان نفسها وبالفعل وضع يده على مقبض الباب ينوي الدخول لكن الباب انفتح فجأة وظهرت هي من خلفة تقف بكل شموخ وقوة أخذ نفسه براحة عندما رآها بخير لكنه صاح بعصبية
_ كنتي بتعملي إيه ده كله چوا !
ردت عليه ببرود مماثل له
_ إيه حتى الحمام مينفعش ارتاح فيه براحتي شوية 
رأت القلق والزعر في عيناه رغم محاولاته للظهور بالامبالة فابتسمت وقالت
بشراسة
_ متخافش مش أنا اللي أعمل حاچة في روحي.. عمر ما حد قدر يوصلني للمرحلة ومحدش هيقدر لسا قصادي مشوار طويل عشان اخد حقي من اللي كان السبب في اللي أنا فيه دلوك 
لم يجيبها وسكت فلا يكترث لكلامها يكفيه أنها لم ټأذي نفسها فهو يتوقع من امرأة مثلها أي شيء تركته وابتعدت عنه ثم توجهت نحو الخزانة واخرجت مفرش صغير ووضعته فوق الأرض ثم جذبت وسادة من على الفراش وسط كل هذا كان هو يتابعها باستغراب ليقول
_ بتعملي إيه!
ردت دون أن تنظر له
_ كيف ما أنت شايف هنام على الأرض أكيد مش هنام چارك على السرير يعني 
لم يعقب وسكت يتابعها بهدوء وهي تتمدد فوق الأرض وتنام بالفعل.. فتأفف بخنق والقى بجسده على الفراش يتمتم بصوت منخفض في قرف
_ دايب فيكي أنا عشان اقرب منك لما تنامي چاري يعني خليكي على الأرض تريحي 
كانت تنام وتوليه ظهرها لكن عيناها بقت مستيقظة ولوقت طويل لم تنام في الواقع هي كانت تنتظره هو لينام بعد مرور ما يقارب النصف ساعة التفتت برأسها للخلف ورفعتها عن الأرض قليلا تلقي عليه نظرة لتتأكد إذا نام أم لا فوجدته غط في سبات عميق تنفست الصعداء براحة وابتسمت ثم استقامت واقفة بسرعة وأسرعت نحو حقيبتها تغلقها بكل بطء وحذر حتى لا توقظه ووقفت أمام المرآة تلف حجابها جيدا بسرعة ثم حملت حقيبتها وسارت لخارج الغرفة على أطراف أصابعها بكل حرص فتحت الباب ببطء شديد وخرجت ثم اغلقته بنفس البطء تلفتت حولها وحين لم تجد أحد اندفعت بسرعة للدرج تقصد الطابق الأول لكي يتثنى لها الهروب بسرعة قبل أن يراها أحد.
نهاية الفصل

انت في الصفحة 5 من 5 صفحات