الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية سيدة الاوجاع السبعة الفصل العاشر بقلم رضوي جاويش

انت في الصفحة 5 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

قالي إنه لولاك مكنش فكر إنه يتجوزني .. يبقى دي جميلة عمري ما انسهالك وخصوصي إنك عارفة إزاي كنت عايشة تحت رحمة أبو العيال.. 
ابتسمت حورية في امتنان لحماد فما خلف يوما توقعاتها ..كان وسيظل ذاك الرجل الأصيل الذي اختارت وكان فضل الله عليها كبيرا يوم أن اهتدت إليه وهدي إليها .. 
انحنت صفية تجلس على كرسي منخفض حتى تستطيع تدليك اقدام حورية هاتفة لها في أريحية والله يا ست حورية ..انا مكنتش عايزة من الدنيا الا الستر وإني أربي عيالي بالحلال .. وعشان النية صدق ربنا وقعني فيكم .. 
هتفت حورية في سخرية يا ترى هتفضلي تقولي الكلام ده لحد امتى يا صفية !.. 
أكدت صفية في نبرة تحمل صدق العالم لحد ما اموت يا ست .. أنا فقيرة اه.. لكن بنت أصول وأعرف أحفظ المعروف واصون الجميل ومعضش فاليد اللي اتمدت لي ولو على رقبتي .. 
ابتسمت حورية هاتفة بلهجة العالم ببواطن الأمور كله بيبان ..كله مسيره فلحظة يظهر ويبان يا صفية.. ياللاه ..انا عايزة أخرج .. 
نهضت صفية تجفف كفها ووجهها من رزاز الماء الذي تناثر عليها وفتحت الباب تنادي حماد الذي قدم على عجل ليعود بحورية لفراشها الذي ما أن دثرها بغطائه حتى مدت يدها تحتضن كفه تلثمه في امتنان ليرد عليها مبتسما قبل أن يتركها بناء على رغبتها لتنام .. 
خرج من الغرفة ليجد صفية قد رتبت الحمام وفي سبيلها لشقتها .. كانت تعتقد أنه بالداخل مع حورية فاتجهت صوب الشقة التي ما أن دفعت بابها حتى شهقت في صدمة وحماد يحملها للداخل مغلقا الباب خلفه لترتفع قهقهاتها لأفعاله التي ما ظنت أنها قد تصدر منه يوما ..لكن هاهو يظهر لها وجها آخر رائع ككل أوجهه التي باتت تعشق .. 
 
وقفت أمام مرآة الحمام تنزع عنها غطاء رأسها ..تتطلع إلى شحوب وجهها وكفيها الزرقاء من أثر العلاج الكيميائي .. 
وضعت حجابها جانبا ومدت كفها لشعرها الحريري الذي كان أجمل ما تملك ..وبدأت في تخليل أصابعها بين خصلاته في محبة .. لتتساقط الجدائل في تتابع ..كان من الأفضل لها أن تتخلص منه كليا حتى لا تستشعر مرارة الفقد كما يحدث الآن لكنها لم تشأ ذلك ..كانت كمن يعطي نفسه درسا في التحمل والجلد .. درس قاس.. 
تطلعت أمامها بالمرآة وهمست لنفسها انا أقوى ..وكل ده في يوم من الأيام هيكون ذكريات.. مش كده يا أمل !.. 
سألت نفسها واجابتها بالمرآة في ايماءة من رأسها الذي بدأ يتخلص من تاجه ..سالت دموعها ..لم تكن دموع حزن بقدر ما كانت دموع محبة ..فلقد علمتها هذه المحڼة أن تحب نفسها بحق وأن تدرك أن لا شئ أغلى عند الإنسان من ذاته .. وأن تحب
نفسك لهو أساس محبتك للأخرين .. كان ذاك المفهوم غائب عنها في حياتها السابقة مع أمجد .. كانت على الهامش حتى بالنسبة لنفسها ..تركن على أرفف الأيام رغباتها ومشاعرها واحتياجاتها في سبيل تحقيق رغباته وتلبية احتياجاته لتكتشف بالآخير أنه حتى محبتك لشخص فوق حدود محبتك لنفسك لا تشفع لك عنده وإن حاولت يوما تعديل الأمور لتعود لنصابها الصحيح ستكتشف أن هذا ما عاد ممكنا .. فعليك أن تستمر في العطاء حتى ولو مرغما ويستمر هو في الأخذ متغافلا رغباتك ومشاعرك بلامبالاة عجيبة تشعرك كم كنت أنت وكل ما تقدمه رخيص بنظره ..مجرد فتات لا يرق لطموح متطلباته ..فقط لأنك المتاح لا غيرك .. أنت هنا لتحقيق

انت في الصفحة 5 من 6 صفحات