رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل الثاني بقلم ندي محمود
على الأرض وعيونها بدأت في ذرف الدموع الحاړقة لكن لم يمر الكثير من الوقت حتى وجدت الباب ينفتح فاشاحت بوجهها بسرعة وكفكفت دموعها حتى لا يراها وبلحظة تحول عبوسها بفرحة عندما رأته يدخل من الباب وبيده وسادته وغطاءه الذي أخذهم معه للأعلى يبدو أن قلبه لم يطاوعه وقرر تلبية رغبتها في بقائه معها.
تابعته بنظراتها المتلهفة وكانت تنتظره أن يقترب من الفراش ليشاركها إياه لكن وجدته يتمدد على الأريكة أيضا لتجد لسانها يتفوه دون وعي منها
طالعها بطرف عينيه ليجيبها بلهجة مستنكرة سؤالها الساذج
_أنتي شايفة إيه! .. ولا عاوزاني أنام چارك كمان عشان الكوابيس متكبسش على نفسك
تمتمت بصوت منخفض في أسى
_ياريت
هتف محاولا التقاط ما تفوهت به للتو
_بتقولي حاچة!
هزت رأسها بالنفي في يأس وردت
_لا مبقولش تصبح على خير يامعلم
تعمدت قول معلم وهي تنتظر منه ردا مميزا اعتادت عليه لكنها سمعته يرد ببرود مستفز
للمرة الثانية يدمر توقعاتها وآمالها فراحت ترمقه مندهشة بضيق وحزن قبل أن تهمس بتلقائية جميلة
_مقولتش ليه وانتي من أهله ياغزالي.. للدرچادي شايل مني
تململ في الأريكة ليوليها ظهره وهو يرد عليها بجفاء في عدم مبالاة
_آه للدرچادي ونامي يلا عشان أنا عاوز أنام
عبس ثغرها ومالت شفتيها للأسفل في حزن ثم تأففت بخنق شديد وراحت تتدثر في الغطاء على الفراش بمفردها وهي تتوعد لكل من كان السبب في تلك الفجوة التي بينهم.
بصباح اليوم التالي بمنزل خليل صفوان.....
استيقظ جلال من النوم مڤزوعا على أثر صوت طرق الباب القوي وبسرعة هب واقفا من فراشه يسرع ليفتح الباب فيجد ابنه الأكبر أمامه حدقه بحدة وهتف غاضبا
_إيه الخبيط ده وإيه اللي مصحيك من دلوك
اضطرب معاذ وخاف أبيه من غضبه وصياحه وبلحظة كاد يفسد خطته هو وأخيه لكنه تحلى بالشجاعة ورد على أبيه بقلق متصنع
كانت فريال في تلك اللحظات قد استيقظت وفور التقاط أذنها كلمات ابنها هبت مڤزوعة وهي تسأله وتهرول نحوه
_ماله اخوك يامعاذ!
هز كتفيه بجهل يجيب على أمه في خوف
_معرفش ياما تعالي شوفيه
أسرعت فريال وارتدت حجابها ولحقت بجلال الذي سبقها مع معاذ لغرفة أولاده حتى يطمئن على ابنه الصغير بينما عمار غفور رؤيته لأبيه أخذ يسعل بقوة فاقترب منه جلال ومسح على شعر يسأله بقلق
وصلت فريال وبلهفة جلست بجانب ابنها وراحت تتحسس جبينه ووجهه كله تقيس درجة حرارته لكنها وجدت جسده بارد فردت بحيرة
_ما أنت جسمك مش سخن ياحبيبي أمال بتكح إكده ليه
التفتت باتجاه معاذ وسألته پغضب
_انتوا كنتوا نايمين على المروحة امبارح وهي عالية يا معاذ
احتار فيما يجيب على أمه وتعلثم ليهز رأسه في النهاية بالإيجاب راحت فريال توبخهم بعصبية من فرط قلقها عليهم
مسح جلال على وجهه متأففا وقال بصوت رجولي غليظ
_جهزيه وخليه يلبس وأنتي كمان البسي عشان نوديه للدكتور
تبادلوا الأثنين النظرات المرتعدة فيما بينهم فور سماعهم لرغبة والدهم في أخذ عمار للطبيب وبسرعة رد الصغير معترضا حتى لا يتم كشف مخططه
_لا أنا مش عاوز اروح للدكتور مش بحبه
ردت عليه فريال بحدة ترفض الموافقة على اعتراضه الطفولي
_مينفعش ياعمار لازم تروح للدكتور
ارتمى عمار بين ذراعيين أمه وراح يهتف معترضا أكثر بطفولية
_لا مش عاوز اروح ياما أنتي خليكي چاري وأنا هخف من غير دكتور
ضيقت عينيها بتعجب وردت في حنو
_ما أنا چارك أهو ياعمار يعني هو أنا هروح وين ياولدي
لمعت عيني الاثنين بفرحة وابتعد عمار بسرعة عنها ليسألها
_يعني أنتي مش هتهملينا وتمشي كيف ما عملتي قبل إكده عشان امبارح أنتي وأبوي اټخانقتوا
انعقد لسان فريال وفرت الكلمات من بين شفتيها أما جلال فقد اشتدت حدة نظراته وراح يتطلع لابنه بقوة بعدما فهم حيلته وقال
_أه وأنت طبعا بتمثل المړض عشان أمك متمشيش
اجفل عمار نظره أيضا خوفا وخجلا من أبيه الذي تابع بعصبية وهو يوجه حديثه لمعاذ أيضا
_أي حاجة تحصل بيني أنا وأمكم ملكمش صالح بيها واصل مفهوم ولا لا ولو اللي حصل ده اتكرر تاني عقابكم عسير معايا فاهمين
هزوا رأسهم بالموافقة خوفا دون أن يتجرأوا على رفع رأسهم أو النظر في وجه والدهم الذي استقام واقفا پغضب وصاح في معلش موبخا إياه
_وأنت بدل ما توعي أخوك الصغير وتقوله ده غلط بتشاركه في الكذب واللي بيعمله وتصحينا أنا وأمك مفزوعين من النوم ماشي يامعاذ حسابك معايا بعدين
كانت فريال تتابع توبيخ جلال لهم وانفعاله عليهم بصمت فهم يستحقوا العقاپ وعندما غادر الغرفة استقامت هي أيضا ورمقتهم بضيق بعدما رأت العبرات قد تجمعت في عيونهم بسبب التوبيخ والصياح الذي تلقوه للتو لتقول لهم بحزم
_يلا روحوا اغسلوا وشكم والبسوا واجهزوا عشان متتأخروش على المدرسة
دخلت فريال غرفتها خلف جلال واغلقت الباب لتضيق عيناها بتعجب عندما رأته يجلس فوق الفراش وهو ثائرا من فرط الڠضب فتقدمت إليه وجلست بجواره تقول في رقة محاولة امتصاص غضبه
_خلاص اهدى ياجلال هما العيال فعلا غلطوا وأنت عرفتهم غلطهم وزعقتلهم ملوش داعي العصبية دي كلها
طالعها منفعلا وهتف
_وهما غلطوا بسبب مين يعني
لم تفهم تلمحيه وما يرمي إليه فتابع هو بعصبية
_بسبب خناقك معايا كل يوم والتاني العيال خافوا لترچعي تهمليهم تاني كيف ما عملتي سابق ومهتمتيش بيهم طبيعي لما يسمعوا ويشوفوا خناقنا دايما هيعملوا إكده
ردت پصدمة وهي تشير بسبابتها على نفسها
_أنا هملتهم ومهتمش بعيالي!!.. أنا عمري ما اسيب عيالي ياچلال ولو في حد سبته فهو أنت بسبب چوازك عليا ولما طلبت منهم يچوا معايا هما اللي اختاروا يفضلوا چارك
ابتسم بمرارة وقال ساخرا بعدما اشاح بوجهه بعيدا عنها
_زين أن عيالي اختاروني على الأقل وفضلوا چار أبوهم مش كيف أمهم اللي لغاية دلوك عندها استعداد تهملنا تاني
تلألأت العبرات في عيون فريال التي صاحت به باڼهيار وخزي
_ليه وهو أنا مختارتكش ياچلال لما سامحتك ورچعلتك أنا كنت بقف قصاد ناسي عشانك لكن أنت اللي ضيعت كل حاچة باللي عملته اه وأنا منعديش استعداد اسيبك أنت وعيالي تاني لكن لو أنت عاوز فالكلام هيختلف وقتها
استقام واقفا وهو يجيبها بنفاذ صبر وخنق
_اه أنا دايما اللي عفش وظالم وانتي الملاك
كان يتفوه بتلك الكلمات وهو متجه للحمام تاركا إياها غارقة في دموع عيونها التي سالت بغزارة فوق وجنتيها فراحت تصيح عليه پقهر وصوت باكي
_أنا كنت متأكدة أن أنت معدتش بتحبني كيف الأول
سمع كلماتها من الداخل وهو يقف أمام حوض غسل الوجه وراح يهز رأسه مغلوبا في تعابير وجهه تدل على استنكاره وخنقه من تلك السخافة التي تتفوه بها فستظل كما هي لن تتغير ابدا.
فتح بشار عينيه بخمول وهو يتأفف بسبب رنين الهاتف الذي لا يتوقف ازعاج نومه مد يده والتقط الهاتف ليفتح ويجيب بخنق
_مين
وصله الرد أنثوي ناعم يقول بدهشة
_أنت لسا نايم يا بشار!!
أدرك أنها خطيبته فأجابها بنعاس مؤكدا على كلامها
_أيوة نايم يامريم حرام عليكي مصيحاني من الساعة سبعة ليه
ضحكت برقة وأجابته في برود تام تحثه على النهوض والاستيقاظ
_هو مش أنت اللي قولتيلي امبارح صحيني الصبح بدري
مسح على وجه وهو