الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية سيدة الاوجاع السبعة الفصل الثالث عشر بقلم رضوي جاويش

انت في الصفحة 6 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز

تحركت في تكاسل نحو مكتبها لتجلس متطلعة نحو النافذة لتعود ذاكرتها لذاك اليوم المشووم ..أحد أوجاعها وربما أولها ..كان يوم زفاف جارها ..ذاك الحبيب الذي ابتسم لها قدرها حينما دق على بابها يوما مصطحبا أمه لتعيش أروع أحلامها .. لكن .. انتهت قصة الحب بصدام واعتراضات ما بين أميهما ليرضخ أخيرا لرغبة أمه في فراقها.. لتزف له أخرى في خلال شهر وتصر أمه كيدا على إقامة حفل زفافه في شقتها لتكون تلك الساعات كما كانت تظن لحظتها.. هي أسوء ما مر عليها بحياتها من أحاسيس قهر وخذلان وكذا إصرار أمه على إقامته بعد زواجه معها ..ليكون العڈاب مجسدا أمام ناظريها صباح مساء .. حبيبها يزف أمام ناظريها لامرأة أخرى جاءت من الغيب لتحتل موضعها بحياته والذي ظلت عمرا تحلم دوما باحتلاله.. 
وليت الأمر انتهى عند ذلك الحد فقد استمر ڼزيف الأوجاع واحدا تلو الآخر ..فما أن تقدم أمجد لخطبتها حتى أصرت أمها على قبوله فقد كان يملك الكثير من الميزات التي لا ترفض على حد تعبيرها وأولهم أنه ابن إحدى أقرب صديقاتها ..ومن نعرفه أفضل من من لا نعرفه ..لم يكن كل هذا هو سبب إصرارها على أمجد بل كل ما كان يشغل أمها لحظتها أن تؤكد للجميع وأولهم جيران الهنا كما كانت تدعوهم ..أن ابنتها لم يقف سوقها كما كانوا يتمنوا بعد ابنهم .. بل إنه جاءها عريس أفضل من ابنهم مائة مرة ..وأصرت كذلك على إقامة عرسها في بيت أبيها ليشهده الحي كله .. 
تنهدت أمل في حسرة وابتسمت في ألم لوقع الذكرى التي كانت تدب بمخيلتها وبدأت في الشروع في الكتابة على أنغام الموسيقى وكلمات اغنية نجاة الصغيرة ..ساكن قصادي وبحبه..التي ذكرتها بكل ما كان.. 
كانت تضع آخر غطاء على أحد الأطعمة التي بدأت في صنعها بالطلب ..فتحت صفحة لها على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي محاولة اخفاء هويتها غير راغبة في تعريف الناس أنها هي صاحبة فقرة دعوة من القلب والتي غادرت برنامج عبدالغني فجأة دون أي إشارة أو حتى تلميح لتختفي للأبد ورغم أنها رأت بعد تلك الڤضيحة التي حدثت لها أن هناك الكثير من المتابعين طالبها بالعودة وأن تكون أقوى من أي ادعاءات كاذبة ..لكنها لم تشأ أن تفعل فقد أدركت أن هذا العالم ليس عالمها وأنه لا قبل لها على مواجهة حروبه القڈرة .. 
لقد عرفت كيف ترسم طريقها وستفعل دون الحاجة لذراعي رجل للاستناد عليهما لتقف على قدميها .. لقد أصبحت قادرة تماما على الوقوف وحيدة في مهب الريح مدافعة عن حياتها ورغباتها واتخاذ قراراتها دون أية ضغوط تضطرها للعيش داخل إطار مرسوم لها من قبل آخرين ..إطار لا يليق بها ولا يناسبها.. 
تناهى لمسامعها اغنية تهادت عبر نافذة المطبخ الذي توارب ضلفته خسارة ..خسارة ..فراقك يا جارة .. 
عنايا پتبكي ..عليك بمرارة .. 
تسمرت يدها على ما تفعل متنهدة في شوق إلى محياه ..لقد كان عبدالغني وما يزل تميمة حظها ..هو الداعم الأول الذي أشار لها على الطريق الصحيح وانار لها مصابيح الأمل على طول درب التيه لتصل لمبتغاها.. لإحسان الحقيقية التي كانت قد أضاعتها في عتمة حياتها مع توفيق .. 
لكم اشتاقت صحبته !!.. لخفة ظله ونكاته وحكاويه التي لا تنتهي عن أسفاره .. واشتاقت أكثر لإحسان وهي برفقته ..إحسان التي تعود مراهقة تحمر وجنتاها خجلا لإطرائه ويقفز قلبها فرحا لمرأه ..وتطمئن روحها لقربه .. 
مسحت دمعة سالت

انت في الصفحة 6 من 7 صفحات