الخميس 28 نوفمبر 2024

رواية صرخات انثى الفصل السابع والعشرون بقلم ايه محمد رفعت

انت في الصفحة 2 من 8 صفحات

موقع أيام نيوز

حملتها وولجت للداخل تسرع للشرفة فوجدت أيوب يغادر المبنى لسيارة الأجرة التي تنتظره.
جلست على الأريكة صافنة بما يفعله وهمست بدهشة 
_ما بال هذا الرجل هل يكرم  عدوه لهذة الدرجة!! 
وتركت الأكياس عن يدها مستطردة بتوتر
_أمره غريبا حقا! 

صف عمران سيارته أسفل بناية يوسف واستكان على مقعده ومازالت كلمات عمه تترنح بين غياب عقله فتجعل وجعه صعب التلاشي تذكر كيف بقى لجوار والدته حتى الصباح بعد أن جفاه النوم والراحة شعوره بالنفور والسخط لما فعله والده يتآكله حد المۏت.
كان يظن انها تشتاق إلى زوجها فتشم ريحه فيه كونه يحمل ذلك الشبه البسيط من أبيه ولكنه صعق حينما علم بما تخفيه ويخفيه عمه عنه.
أفاق عمران من غفلته على صوت دقات خاڤتة على نافذة سيارته ففتح بابها وهبط يردد بدهشة 
_سيف!
قڈف إليه العديد من الأكياس البلاستيكية شملهم عمران بين ذراعيه ورفع رأسه من فوقهم ليتمكن من تسديد نظرة غاضبة لهذا الأحمق وحينما لم يتمكن حرر لسانه السليط 
_دي مقابلة تقابل بيها حد على الصبح يا بجم!!
تسلل له صوته الغاضب 
منحه نظرة ساخرة قبل أن يسدد له الأكياس مجددا ليعيد ترتيب قميصه الأبيض أسفل سترته الجلدية سبقه بخطوتان تجاه المصعد ومازال سيف يراقبه بدهشة ازدادت حينما أشار له 
_لم شنطك وحصلني.. واتعلم بعد كده لما تطلب مساعدة من عمران سالم الغرباوي تطلب باحترام عشان تلاقي معاملة بالمثل.
كبت سيف غيظه داخل جوفه وضم الأكياس بصعوبة جعلت الاغراض تتناثر منه بأرجاء المصعد اتخذ دقيقة فاصلة يسترد بها كامل ثباته ومن ثم اصطنع ابتسامة 
_عمران باشا لو تكرمت ممكن تساعدني وتطلع معايا الحاجة.. ده بعد إذن معاليك!
راق له نبرة احترام الأخير فرفع كتفيه بعنجهية 
_درب لسانك على كده معايا عشان نرتاح بالتعامل مع بعض أكتر يا سيفو.
وانحنى إليه يحمل عنه عدد من الأكياس فتهدل ذراع سيف بتعب دفع عمران يتساءل بدهشة 
_أيه كل ده إنت عاملين عزومة للمغتربين ولا أيه
أدلى شفتيه بسخط 
ضيق رماديته باستنكار 
_وماله يا عم ما نجامل بعض براحتنا إيش حشرك إنت في النص ركز في مذاكرتك وتخرجك وفكك من المجاملات اللي مضايقة عين أهلك دي!
صړخ بانفعال 
_مهو أنا الصغير بينكم كل اللي يعوز طلب يجري يبعتني!
ضحك بصوت استفزه وخاصة حينما قال 
_يااه كل ده عشان نزلت تجبلنا الفطار يا ريتك خليت أيوب نزل جابه هو.. على الأقل كان فتح نفسنا بوشه البشوش مش إنت اللي بوزك يسد النفس.
عند ذكره لرفيقه ترك سيف الأكياس عن يده لتسقط أرضا أسفل قدميه ولم يعنيه الأمر أكثر من صراخه المنفعل 
_مالكش دعوة بأيوب يا عمران إبعد عنه.
رفرف بأهدابه باستغراب وقبل أن يطرح محاضرة بالصميم وجد المصعد ينذره بوصوله للطابق المنشود فأشار بحاجبيه إليه 
_لم شنطك وخلي أم الليلة دي تعدي علينا يا سيف.. أنا لسه نازل الشركة أول يوم بعد الاجازة وواخد التمام من البيت فمش فايقلك ولا فايق لدماغ المراهقين بتاعتك دي رأسي فيها مدعكة كلاب صعرانه لو طلقتهم عليك وربي ليشخلعوك. 
سبق له أن رأى ذاك الوقح حينما يتجرد من رداء العقل والرزانة لذا لن يجازف أمامه انحنى يجمع الأكياس وولج بمفتاحه الخاص للشقة فاستقبله يوسف بوجها عابثا 
_كنت فين كل ده يا سيف
تخطاه عمران ليضع ما بحوزته بيد يوسف وأجابه بامتعاض ونظراته لا تفارق ذاك العابث 
_كان بيحاول يطبق أخر دروسي عن الوقاحة والبلطجة مسكين ملقاش حد قدامه غيري.. وطبعا قدام استاذ المادة يتراجع التلميذ.. مش كده ولا أيه يا دكتور سيفو
امتعضت معالمه واحتقنت نظرته الموجهة إليهما فترك ما يحمله على الطاولة القريبة وتمتم بغيظ 
_والله ما أنا فاطر معاكم هنزل الجامعة أحسن.
وتركهما وولج لغرفته يجذب أغراضه بينما نقل يوسف باقي الاغراض للطاولة يكشف عن الأطباق ويستكشف هوية الطعام الذي أحضره شقيقه.
دنى عمران منه يتفقده بنظرة ثابتة كانت غامضة بالقدر الذي دفع يوسف لسؤاله 
_مالك
سحب نفسا مطولا يجابه به ما اعتراه بعد ليلة أمس المؤلمة وتنهد بمرارة وصلت لحلقه 
_مهزوم.. لأول مرة بحس بالغربة.. احساس العجز بيطاردني للمرة اللي مبقتش عارف عددها.. كأن الدنيا مش شايفة غيري وحالفة تكسرني بكل قوتها.. حالفة تهزم كل انتصار بحققه في كل معركة بخوضها ضد شياطيني يا يوسف.
ترك يوسف ما بيده وهرع إليه ظنها محاولة منه ليجذب أطراف حديث مشاكس جديد بينهما ولكن ما أوجعه سماع كلماته الجادة.
رفع يده على كتفه وتساءل بقلق 
_عمران إنت بتتكلم عن أيه في حاجة حصلت بينك إنت ومايسان
هز رأسه نافيا وتهرب من لقائه الذي سيفتك به فترك جانب الطاولة وإلتهى بفرد باقي الاغراض.
أضاق عليه طريقه حينما جذب منه الأطباق ووضعها محلها مردفا باهتمام
_كلمني زي ما بكلمك.. فيك أيه
استدار ليقابله وقال بحزن 
_كنت فاكر إن والدتي عندها شخصية قوية طلع كل ده قناع وهمي.. شوفت حقيقيتها اللي وجعت قلبي وخلتني أتمنيت المۏت قبل ما أشوفها بالشكل ده يا يوسف واللي وجعني إن اللي كان السبب في ۏجعها هو اللي المفروض يكون أعز الناس على قلبي.. أبويا الله يرحمه!
تأثر لسماع ما قاله فتسلل الألم ليخترق قلبه باجتياز جلس يوسف على أقرب مقعد ليساره يراقبه وهو يزيح دمعة كادت بالتحرر عن عينيه وأجلى صوته بخشونة 
_فين علي
كعادتهم منذ صداقتهم التي جمعت ثلاثتهم لم يعتدوا يوما ڼصب حصارا مؤلما لاحدهم يراه يحاول الهروب عن الاندارج بالحديث أكثر من ذلك لذا لم يضايقه بأسئلة لا داعي لها بعلم بأنه استدرج منه ما سيقرر البوح عنه قط لذا قال 
_علي جوه مع آدهم من ساعة ما فاق.
خلع عنه جاكيته وأشمر عن ساعديه قائلا وهو يتجه للداخل 
_كمل إنت هناديهم يفطروا.
وكاد بتخطيه ولكنه عاد يتساءل وعينيه تبحث بالمكان 
_أمال فين أيوب
رد عليه وهو يضع الخبز بالأطباق 
_نزل من بدري.
أشار له بخفة واستدار ليتجه للغرفة فتوقف حينما لمح سيف يرتدي حقيبته ويستعد للمغادرة فاتجه ليعيق طريقه قائلا بصرامة وحزم 
_مفيش نزول من غير فطار يا دكتور.. مش عايزينك تقع من طولك وأنت داخل على امتحانات اقعد افطر وأنا هأخدك في طريقي.
رد عليه سيف وهو يتفحص ساعة يده 
_هتأخر كده يا عمران هبقى أجبلي أي سندوتش على الطريق.
نزع عنه الحقيبة وجذبه لأقرب مقعد للطاولة ثم حمل ما بيد يوسف من شطائر ووضعها قبالة الاخير قائلا ببسمة جذابة 
_كل يا سيف ومتقلقش هوصلك في أقل من عشر دقايق اسأل أخوك عن عفاريت الاسفلت هيدلك عليا أنا وجيمس.
انطلقت ضحكة صاخبة من يوسف حينما تذكر سباقاته الدائمة مع جمال طوال أيام الجامعة فأكد بإيماءة صغيرة مضيفا بمشاكسة 
_أنا أصلا أتعرفت عليهم بسباق عربيات وقتها انهم في هندسة!!
تتوسعت حدقتيه بفضول وتساءل 
_يعني جمال وعمران كانوا أصحاب الأول قبل ما تتعرفوا.
أومأ له عمران برأسه 
_أيوه.. أنا وجمال كنا في جامعة واحدة.
وغمز بمرح إليه 
_هكملك الحكاية على الطريق كل إنت عما أطمن على القتيل اللي جوه ده وأصرف دكتور علي ورديته انتهت من

انت في الصفحة 2 من 8 صفحات