الإثنين 06 يناير 2025

رواية رحماء بينهم الفصل الرابع بقلم علياء شعبان

انت في الصفحة 1 من 7 صفحات

موقع أيام نيوز

رحماء بينهم
كمثل الأترجة
الفصل الرابع
كمثل الأترجة لا يتذوق طيب حلاوتها إلا العنيد الذي أصر على اكتشاف ما يضمر داخلها من منافع جمة فأذهلته بفيض زخير.
تأججت الڼار واشتد لهيبها والتف هذا الجمع الطيب حولها راغبين في اقتباس بعض الدفء الذي تبعثه نارها رغم اوشكاك فصل الشتاء على لفظ أنفاسه الأخيرة وضع الشيخ سليمان براد الشاي على موقد الڼار الذي بني بالطوب الأحمر لاستخدامه في الدفء والتمتع بمذاق خاص ونكهة لا يمكنك مقاومتها في كوب الشاي المغلي من يد الشيخ سليمان.

حك نوح يديه سوية مستشعرا بلحظة عظيمة من الراحة والدفء فهو الذي توفى والديه إثر حاډثة قطار مروعة فقد خرج عن القضبان وانقلب أثناء سفرهم لزيارة عمه وكان وقتها بالسنة الأخيرة بالثانوية العامة والفاصلة نحو تحقيق مستقبله هرول سليمان وقتها للبحث عن جثمان والديه واستلامهما كي يدفنا براحة ويطمئن قلب الفتى قليلا الذي لم يهدأ فائره إلا بعدما دفنهما مع الشيخ ومنذ ذلك اليوم وهو يعيش في بيت الشيخ ويتقاسم مع تليد كل شيء في هذه الحياة بداية من تقاسمهما المأكل والملابس حتى تقاسم الأحزان والأسرار سوية ونجح الشابان في الثانوية وحقق كلا منهما حلمه الذي سهرا طويلا لأجل اقتناصه عنوة من الدنيا فأصبح تليد طالبا بكلية الإعلام جامعة الأزهر وتمكن بمساندة سليمان له أن يحفظ القرآن بالقراءات وكذلك كتب الحديث أما نوح حقق حلمه السامي بأن يصبح طبييا معروفا وهو الآن يحتل مرتبة عليا فهو أستاذ دكتور نوح عبد الرحمن دكتور النساء والتوليد والعقم بسلسلة مستشفيات النخيل الخاصة. تقاسما الصغيرة قبل الكبيرة إلا أن تليد لم يخبره شيئا من قبل عن هذه الفتاة
الټفت نوح إلى صديقه فوجده يحك كفيه ببطء ورتابة كما أن عينيه تحدق في الڼار رغم أنها لا ترى اللهيب هي فقط تحدق في اتجاه بينما تسرح في اتجاه آخر!
تنهد نوح بضيق وهو لا يتخيل يوما أن يحتفظ صديقه بسر وحيد عنه رغم أن نوح لا يسعل إلا وقال له بأنه سيفعل! في تلك اللحظة قطع صمت الجميع صوت رابعة المتهدج من لسعة البرد مع دفء الڼار
يلا يا ولاد كل واحد ياخد له سندويتش بالهنا والشفا.
لمعت عينا نوح بسعادة غامرة لأنه سوف يتناول أجمل مذاق على الإطلاق بعد كوب الشاي الذي يصنعه الشيخ فكل شيء في هذه المزرعة فريد من نوعه حيث يتفرد بالذكريات الجميلة والراحة النفسية الكبيرة والدفء العائلي الهادىء بين العاملين بها.
أسرع بمد كفه إلى الطبق ليجدها تفعل بشغف حتى لمس الاثنان نفس الشطيرة حدقت فيه مهرة بغيظ ثم قالت بتحد
أنا اللي مسكتها الأول.
نوح بعناد صلب
عندنا في المزرعة دي الستات مبتاكلش إلا لما رجالتها ټموت.
ارتفع جانب شفتها العلية ثم أردفت باستنكار
غجالة مين
نوح بضحكة مكتومة يرد
غجالة المزرعة يا كبيرة في حاجة
كان سليمان معيرا انتباهه كله نحو البراد الذي يغلي بروية على التار توأد في سحبه منتظرا أن تلتصق رائحة احتراق البراد من الخارج مع فوران الشاي خارج البراد واصطدامه پالنار ولكنه لم ينسى أن ېهدد هؤلاء الأطفال بعقاپ رادع إن لم يتمنعوا عن مشاكسة بعضهم والتظاهر بالعدوانية
الظاهر إنكم مش هتشربوا معانا شاي النهاردة
أسرعت مهرة بوضع يدها على فمها قبل أن يتفوه بعقابه الذي ينص على حرمانها من تذوق شايه اللذيذ كما تنحنح نوح بهدوء ثم قال مستسلما
لا وعلى أيه! صوت صرصار الحقل.
ابتسم تليد في نفسه قبل أن يتناول شطيرته الأقرب إلى قلبه من الصحن ثم يلتهمها بحنين جارف لطفولته

انت في الصفحة 1 من 7 صفحات