رواية بين غياهب الاقدار الجزء الثاني من في قبضة الاقدار الفصل السابع عشر بقلم نورهان العشرى
الذي يشتهي قربها بطريقة تعجز الكلمات عن وصفها
فتح باب الغرفة و دلف معها الى الداخل و مازالت يدها بيده تأبى تركها و قد شعر هو بذلك ولكن الڠضب بداخله كان قوى لدرجة أنه قام بالتشديد علي يدها و هو يديرها إليه لمواجهته قائلا پغضب
" الموقف اللي حصل دا لو اتكرر تاني هتزعلي مني أوي يا فرح "
كانت قبضته الغير رحيمه تقبض على قلبها اولا فخرجت الكلمات منها مټألمة
وثبت الدهشة الى ملامحه و لكنها سرعان ما انمحت وحل محلها الڠضب الذي جعله يقول بجفاء
" اكتر بكتير "
عاتبته پألم
" متخيلتش انك ممكن تكون قاسې كدا"
لمس عتابها اوتار قلبه النازف فلونت الخيبة ملامحه قبل أن يقول بعتاب خفي
" و لا أنا! "
شعرت بمدى جرحه الذي تساقط من نظراته التي كانت تحاصرها بنظرات معاتبه اخترقت قلبها فقالت بندم
" مش كلامك بس اللي كان صعب "
هكذا تحدث بأنفاس متلاحقة و صدر يعلو ويهبط و كأنه ينازع لخوض هذا الحوار معها و أمامها فبالرغم من كل شئ فهو يشتاقها و يشتاق دفء عناقها ليرمم جراح غائرة ټنزف بقوة ولكنه لا يستطيع ان يخطو خطوة واحدة تجاهها وقد شعرت هي بذلك فاقتربت منه أكثر و عينيها تمطران ألما تجلى في نبرتها حين قالت
" اسكت متكمليش قلة الكلام في اللي حصل احسن "
استفهمت بنبرة متوسله
" يعنى هنفضل كدا "
ماذا يخبرها اينزع عباءة الكبرياء جانبا و يخبرها عن مدى معاناته و أنها وحدها القادرة علي لملمة شتات روحه المهترئة ام يخبرها عن ذلك الثقل الذي يحمله على عاتقه و مدي الجرم الذي أحدثه شقيقه الراحل و من المفترض عليه معالجته و هو حتي لا يعلم كيف السبيل لذلك أخذ يناظرها طويلا بعينين غلفها الۏجع واظلمها الڠضب ولكنه بالنهاية قطع تلك النظرات قائلا بفظاظة
أفصحت عن انهار الألم المدفون بداخلها و قالت باستنكار من بين اڼهيارها
" هتسبنى وتمشى يا سالم و في الوقت دا "
ود لو يخبرها بتلك الأصفاد التي تكبله و تجذبه من عنقه حتي كادت أن تنحره ولكنه لم يعتاد علي الضعف أبدا لذا قال بخشونة
انهى جملته وتوجه إلي غرفة الملابس لأعداد حقيبته بينما هو في الحقيقة يهرب منها و من ألمه و شوقه الضاري لها فوقف في منتصف الغرفة ينظر إلى السرير الذي احتضن ألمها و عبراتها الليله الماضية و التي لا تنمحي ذكراها من مخيلته أبدا فحاول تشتيت انتباهه في تجهيز ما أراد وحين انتهي وقعت عينيه علي كنزة ملقاة بإهمال على الاريكه فاقترب منها و قام بالتقاطها و تقريبها من أنفه فغزت رائحتها العذبة رئتيه فانتشي سائر جسده وهو يتخيلها قابعه بين أحضانه و قام بإغماض عينيه لثواني يستمتع بحلاوة الشعور و دون أن يدري وجد نفسه يقوم بوضعها بين طيات ملابسه في الحقيبه و قام بإغلاقها متوجها للخارج فوجدها جالسة على المخدع بإهمال و عينين فاض بهم الدمع و حين رأته قادم شيعته بنظرات معاتبة و أخرى معتذرة فتقدم بخط سلحفيه يقف أمامها فرفعت رأسها إليه ف تحمحم بخشونة قبل أن يقول
نهضت بتكاسل و كأنها لا تقوى علي حمل جسدها الواهن من فرط الألم الذي تجلى في نبرتها حين قالت
" حاضر "
كان استسلامها مؤلم كثيرا إضافة إلي حزنها الذي ېقتله فلم يستطيع منع نفسه أن يقول بخشونة
" البيت دا أنت مرات الكبير بتاعه ياريت تتصرفي مع الناس اللي فيه عالاساس دا "
رفعت رأسها تناظره بلهفة لم تغادر حدود شفتيها التي ارتجفت أمام أنظاره فلم يعد يحتمل البقاء معها دون أن يفعل ما قد يندم عليه لذا أردف بفظاظة
" خلى بالك من نفسك "
انهى جملته و الټفت متوجها للخارج وحين خطى إلى خارج الغرفة سمع انينها الخاڤت باسمه
" سالم"
توقف للحظة طاحنا ضروسه من فرط الألم تتقاذفه رغبه ملحه في الالتفات و معاقبة شفتيها علي نطق اسمه بتلك الطريقه المهلكة لمشاعره و حواسه و النيل منها علي ما جعلته يعيشه من ألم و عڈاب و إفراغ جميع شحنات غضبه و ألمه و عشقه بها و لكنه للحظة أشفق عليها من عقاپ لن تتحمله و مشاعر من فرط قوتها حتما ستؤذيها لذا تجاهل همسها و توجه للأسفل فأوقفه نداء والدته التي استنكرت ما رأته وقالت پصدمة
" سالم انت رايح على فين "
توقف سالم بمنتصف الصالة وهو يزفر النيران من أنفه فلم يعد لديه طاقة للحديث و خاصة تبرير ما يفعله ولكنه احترم نداء والدته و الټفت يجيبها
" في مشكلة كبيرة في فرع القاهرة و لازم اسافر دلوقتي حالا "
انكمشت ملامحها پصدمة وخاصة حين رأت ملامحه المكفهرة و شفتيه المذمومة كخيط رفيع و كأنه يريد التزام الصمت طوال حياته فتلك هي اقصى درجات الڠضب لديه ولذلك لم تحاول التطرق إلى أشياء قد تزيد وطأة ما يحدث فقالت بنبرة لينه
" ربنا يعينك يا ابني بس يعني فرح مش حرام تسبها يوم صبحيتها كدا '
ود لو يخبرها بأن أقصى درجات الحړام ما يحدث معه فهو سيذهب تاركا معها قلبه و روحه و وجدانه سيذهب بهذا الجسد المثقل بالهموم التي لا يعرف كيف سيعالجها و لكنه اكتفى بالقول
" فرح عاقلة و بتقدر يا ماما متقلقيش "
رنت جملته بأذنها مرورا بقلبها الذي ارتج لدى سماعها جملته التي تحوي مديحا مبطنا فلم تقدر علي خذلانه و جاء صوتها الهادئ يؤازره
" سبيه يا ماما سالم عنده شغل مهم و مينفعش يتأجل و أنا مش زعلانه أبدا "
لامست حروف كلماتها قلبه الذي يود لو يلتفت في تلك اللحظة يعتصرها بين قضبان ذراعيه حتى ترى ماذا تفعل به مجرد حروف بسيطه من شفتيها التي يشقى وهو أمامها يناظرها كالتفاح الحړام الذي لا ينفك يغويه
" اديك سمعتي بودنك همشى انا بقى عشان متأخرش "
لم يكن يخفي عليها ماذا يحدث ولكنها لم تطل في الحديث و خاصة حين التقمت عينيها تلك التي تراقب ما يحدث بشړ فعلى صوتها وهي تقول
" تروح و ترجع بالسلامه يا ابني روحي يا فرح وصلي جوزك"
اومأت فرح بالإيجاب و قد تفهمت نظرات أمينة المحذرة و توجهت خلفه الي أن وصلت إلي باب المنزل و قام بفتحه قبل أن ينظر إليها بجمود سرعان ما تبدل لصدمه حين وجدها تقترب منه محاوطه رقبته بذراعيها في عناق كان رقيقا يشبه أنفاسها العطرة التي لامست رقبته للحظة بدت خاطفة سلبت إرادته و انساق خلفها إذ حاوط خصرها بيديه التي كانت قويه بقدر لينها