الثلاثاء 03 ديسمبر 2024

رواية بكِ احيا اخر طوق للنجاة الفصل الاول بقلم ناهد خالد

انت في الصفحة 4 من 4 صفحات

موقع أيام نيوز

بلطف وهي تقول
_ عمرك ما هتبطل طباعك دي صح كام مرة قولت أكل المانجا كتير غلط مش لسه واكل الصبح.
وبفطنته المعتادة كان يقطب جبينه متسائلا باستنكار
_ يعني أكلها غلط وشربها صح!
رفعت حاجبها بتحدي وهي تقول
_ صدق أنت صح يبقى لا أكل ولا شرب.
شهق بطفولة وهي يستمع لحديثها ثم قال بترجي
_لا يا مامي بليز نفسي فيها.
وقبل أن يصدر منها ردة فعل كانت تستمع لصوت الباب يفتح فعلمت أنه بالطبع قد أتى زوجها المصون فتركت ما بيدها خارجة للصالة وخلفها الصغير الذي اتبعها بملامح عادية فهو لم يكن يوما قريبا لوالده بالشكل الذي يدفعه للتهليل حين يرى قدومه.
خرجت للصالة لتجده قد أتى بالفعل ولكن معه سيدة تبدو في أواخر العشرينات ومعها فتاتان أحدهما ربما في الثانية من عمرها والأخرى مازالت رضيعة تحملها والدتها يبدو أن عمرها لم يتخطى الشهر بعد.. ما إن أبصر حسن زوجته قد خرجت حتى قال بفظاظة
_ دي الخدامة الي قولتلك عليها.
اغتاظت من اللفظ الذي نعته بكل غرور دون رفق بتلك السيدة التي نكست رأسها أرضا پانكسار فقالت بضيق
_قولتلك مش محتاجة حد.
رفع منكبيه ببرود
_ يمكن مش محتاجة هنا عشان في النهاية دي شقة حتى لو واسعة شوية لكن احنا كمان يومين هننقل لفيلا اعتقد وقتها هتحتاجي.
اتسعت عيناها دهشة وسألته
_ هننقل لفيلا بس أنت معرفتنيش قبل كده!
بملل ظهر بعيناه كان يجيبها
_ مجتش مناسبة.
تهتف من بين أنفاسه المتسارعة
_ مجتش فرصة! وافرض مش عاوزه اسيب الشقة ومرتاحة فيها!
زفر أنفاسه بقوة متحليا بكل ما لديه من صبر
_ مش بمزاجنا مكانتي الاجتماعية بتحتم علي أعيش في مكان مستواه اعلى من ده.
كادت تتحدث ثانية تخبره أنها لا تهتم لمكانته تلك التي تفرض عليهم أشياء لا يرغبونها لكنه قاطعها بنظرة حادة
_ خلاص يا ليلى الموضوع منتهي.
وصمتت ليلى فهي تعلم هذه اللهجة جيدا بعدها لا يوجد مكان للمجادلات ضغطت على ذاتها وهي تتقبل الوضع مرغمه وأردفت بتساؤل
_ وعيالها
_ هي قالت أنها هتقدر تشتغل بيهم عموما هنجربها أسبوع لو مش تمام في ألف غيرها بس أنا اخترت دي عشان جوزها هيشتغل جنايني في الفيلا الجديدة وفيها اوضة في الجنينة قولت تبقى لهم.
تبعته السيدة وهي تقول سريعا
_ صدقيني يا هانم مش هتحسي بالعيال خالص ولا هأثر معاكوا في شيء.
زفرت ليلى بضيق مغمغمه
_ أتمنى اسمك ايه
ردت سريعا
_ دينا.
ألقت نظرة سريعة على الطفلتين وتسائلت
_ وهما
أشارت دينا على الفتاة الواقفة جوارها وقالت
_ دي سارة..
ثم أشارت على الرضيعة وهي تقول
_ ودي خديجة.
اومأت ليلى برأسها وهي تعود أدراجها للداخل بعد أن قالت
_ تعالي ورايا أوريك شغلك وكمان في اوضة جنب المطبخ تقدري تستخدميها لحد مانمشي.
وعلى الفور كانت تتبعها دنيا بتلهف على تلك الوظيفة التي تأمل أنها ستكون سبيلا لرفع دخلهم.
ظل الصغير واقفا محله تحت نظرات أبيه المتفحصة والذي تسائل
_ عملت ايه مع الولد الي قولتلك عليه
ابتلع الصغير ريقه وهو يقول
_ مبقتش اكلمه خلاص.
_ شاطر.
رددها ببرود ليتشجع الصغير قليلا ويسأله
_ بس ليه حضرتك قولتلي اقطع علاقتي بيه هو كان my best friend صديقي المفضل وكمان هو كان كويس وباباه ضابط زي مانا عاوز أكون لما اكبر.
اقترب خطوتان كبيرتان منه حتى أصبح أمامه تماما مما فزع الصغير قليلا لينحني حسن ممسكا بذراع الصغير بقوة غير مباليا بضعفه وهتف بنبرة قاسېة
_ قولتلك مېت مرة شيل حكاية الضابط من تفكيرك خالص لا هتطلع ضابط ولا زفت ولما اقولك تقطع علاقتك بحد تنفذ من غير نقاش سامع
لم يرد الصغير
من خوفه فصړخ به حسن وهو يهزه
_ ساااامع رد..
وهنا اڼفجر الصغير باكيا من ضغط والده عليه وقسوته وبعد ثانيتين استمع لصوت منقذته وهي تهتف بعجالة قبل أن تجذبه بعيدا عن أبيه
_ في ايه يا مراد مالك يا حسن بتزعقله كده ليه ده لسه صغير!
استقام ناظرا لها بجمود قبل أن يردف
_ الواد ده هتبوظيه بدلعك بس لكل شيء حد وهييجي وقت اقولك ملكيش علاقة بتربيته خالص.
هزت رأسها بعدم استيعاب
_ ده طفل!
التوى فمه متهكما
_ من شب على شيء شاب عليه ومش هقف اتفرج لحد ما يكبر ويكون شاب مستهتر ولا فرفور. ترى أنرى حسن بالفعل أم والده الآن!! 
لم تعقب على حديثه يأسا من إقناعه ولم ينتظر أن تعقب أساسا فانسحب من أمامهما فهبطت لمستوى صغيرها واحتضنت وجهه قائلة بحنو
_ حبيبي كفاية عياط بقى معلش بابا عنده مشكله في الشغل عشان كده اتعصب عليك.
بشهقات متقطعة من بين بكاءه كان يجيبها
_ هو على طول بيزعقلي.
ذمت شفتيها بحزن وقالت
_ عشان على طول عنده مشاكل في الشغل سوري يا حبيبي متزعلش.
بدأ يهدأ قليلا لكن توقف عن البكاء تماما حين استمع لصوت صغير يشبه مواء القطط يبكي ليكتم أنفاسه يستمع للصوت حتى مر عدة ثواني فنظر لوالدته يسألها بتعجب
_ هو ايه ده
ابتسمت له بهدوء
_ البيبي بيعيط.
صمت لثانية واحدة قبل أن يردف بحماس
_ ينفع اشوفها
مسدت على كتفه بحنو وهي تقول
_ ينفع يا حبيبي روح.
ركض من أمامها متشوقا لرؤية ذلك الكائن شديد الصغر غير مدركا أن هذه النظرة التي ستقع عليها ستفتح باب الشقاء.
وعنها فنظرت لأثره بضيق وحزن وهي تغمغم
_ استغفر الله العظيم ربنا يهديك يا حسن.
ونتائج القسۏة شطرين الشطر الأول أن الذي عانى من القسۏة لا يسمح لغيره بأن يعيش نفس المعناة فيسعى جاهدا أن يكون حنونا قدر المستطاع.. وهذا انسان سوي!
والشطر الثاني أن يكن الأمر بالنسبة له مسألة اڼتقام فيسعى لأن يذوق الجميع ما ذاقه.. وهذا إنسان اختلط الشړ بدمائه! كحسن! الذي اطبع نهج والده وأسوء في تربية طفله!
يتبع

انت في الصفحة 4 من 4 صفحات