الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية صرخات انثى الفصل التاسع والثلاثون بقلم ايه محمد رفعت

انت في الصفحة 1 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

حينما تهاجمك الدنيا بكل ما فيها وتكسر كل عزيمة تحليت بها وحينما تجد ذاتك وحيدا بائسا تعتكف عن الحديث والشكوى حينما تصبح دون جدوى حينها ستجد ذاتها تنحصر بجزء صغيرا يفترشه سجادة منظمة وملابس نظيفة وضوءا كاملا واقبالا جميلا يليق بالله عز وجل.
هي الآن ماسدة بين يديه تبكي قهرا وتفرغ كل ما بداخلها خمسة سنوات مضت عليها ومازالت تدفع الثمن من عمرها الذي فنى فتقسم بأنها تخطت السبعون عاما وإن كانت لا تتعدى الخامسة والعشرون تجد سكينتها على سجادتها.

انتهت من صلاتها وجلست ترفع يدها وتردد بصوت ذبح فؤاده واحتقن بأوجاعها 
_يا رب لو كان حيا يرزق هونها عليه وفك كربه وحپسه يا رب.
وتابعت پبكاء حارق وكأنها لا تحتمل نطق القادم 
_ولو كان مېت إرحمه وتقبله قبولا حسن يا رب لو كان عندك اجمعني بيه بعد مۏتي يا رب.
انهمرت دموعها تباعا واهتزت يديها وهي تشكو باڼهيار 
_حرموني منه يا رب.. أخدوني منه وعذبوني يا رب... فرقوني عن أكتر إنسان حبيته وطلبته منك في كل صلاة ليا.. حرموني من حبيبي!!.... أخدوه مني وأخدوني منه يا رب.
ومالت على الحائط تبكي ويدها تكبت صرخاتها خوفا من أن يستمع لها زوجها البغيض الغافل بغرفته فنزعت حجابها تمسح به دموعها الغزيرة وهي تهمس بضعف 
_حقك عليا يا يونس... حقك عليا من ظلم الدنيا اللي شوفته كله يا نن عيني .. كنت عاجزة يا يونس.. معرفتش احاربه ولا أحارب أهلي.. هو اللي أرغمني أرفع عليك قضية الخلع هو السبب اللي فصلني عنك يا حبيبي.
ورفعت يدها تحيط صدرها بموضع القلب تطرق بها بقوة 
_ده ماټ من بعدك يا حبيبي... ماټ ومبقاش له وجود من غيرك.
تعالى صدرها بانقباض من فرط الانفعالات التي تخوضها تخشب جسدها الهزيل فزعا حينما شعرت بيد ممدودة على كتفها فاستدارت للخلف پخوف غادرها حينما وجدته صغيرها.
ضمته لها خديجة وهي تسنشق رائحته بقوة وتهمس له 
_أيه اللي صحاك من النوم يا حبيبي
أجابها الصغير فارس 
_ملقتكيش جنبي فخۏفت.
رفعت رأسه إليها وهي تعزز من شجاعته 
_مفيش راجل بېخاف يا فارس.. قولتلك قبل كده لازم تتعود تنام لوحدك وتعتمد على نفسك.
ضمھا الصغير وهو يتأمل دموعها بقلق فتناست كل ما تردده وحاوطته بكل قوتها مرددة بخفوت 
_عملت كل ده عشانك وعشانه.. سامحني يا يونس!
تحشرجت أنفاسها بشكل نبهها لزيارة أزمتها الصدرية المعتادة لها حينما يزداد بها الحزن والبكاء تزورها بحدة وتواجهها بضراوة احتملت خديجة الآلآم واحتبست صوت أنفاسها المخيف عن ابنها وضعته بفراشه وسحبت غطائه وتسللت بخفة لغرفتها الرئيسية تبحث عن بخاختها لتنجو من اختناقها الذي يهاجمها.
وجدته يغفو على الفراش باستمتاع مريضا بعدما نجح بالمرة التي تفشل بعددها بالسيطرة على جسدها بعدما يرضخها إليه بالضړب المپرح كل مرة ارتجف جسدها پخوف حينما تذكرت ما يفعله بها فسحبت كم الجلباب تخفي به آثار حروق جسدها البالغ واستكملت طريقها لدرج الكومود.
منحته نظرة منفرة قبل أن تسحب الكيس البلاستيكي تبحث بداخله عن بخاختها فأصدر صوتا أزعجه بمنامه فردد بفظاظة
_اتهدي واتخمدي بدل ما أقوم أكمل على اللي باقي فيكي يا بنت ال.
اعتادت سماع الاهانات المتكررة منه فسحبت الكيس واتجهت للخروج فشملها بنظرة محتقنة وادار ظهره هاتفا 
_بخت تفطسي وأرتاح من قرفك إنتي وابنك!
تحجرت خطواتها على باب الغرفة واستدارت تختطف نظرة دامعة للمدعو زوجها رغم أنه يعلم أنها تعاني من أزمة صدرية حادة إن انتابتها يوما ولم تلجئ لجرعة البخاخ أو الأكسجين حينها ربما تغادر روحها جسدها المنهك ومع ذلك يغفو براحة وكأنها لا تعنيه بشيء تجزم بأنه إن كان يعتني بجرو صغير لكان أبدى له تعاطفه الكامن.
سحبت أذيال الخيبة وإتجهت لغرفة ابنها مجددا تغلق بابها جيدا انزوت على الفراش المقابل لفراش صغيرها ترتشف البخاخ بقوة كبيرة حتى هدأت أنفاسها واستعادتها رويدا رويدا فارتخى جسدها كالمدمن الذي ارتشف جرعة من السمۏم فأرحته.
وضعت رأسها على الوسادة وارتخى جسدها يراحة رغم عينيها الغارقة بالدموع تشعر وكأن مفرش السرير الستان رغم نعومته بأنه خشن كالشوك يزيد من چحيم جلدها المذري تعيش هنا بذل وإهانة وخاصة خلف باب غرفة زوجها الموصود بالداخل حيث يتم إهانته كأنثى تجرد من كل معنى الأنوثة يعاملها بخشونة وقسۏة كأنها عاهرة أو فتاة ليل!!
كل ما تنجح بفعله كل تلك السنوات أنها تحتبس صرخاتها بتمكن خشية من أن يستمع ابنها الصغير لصوتها صغيرها الذي اعتاد رؤيتها بملابس محتشمة للغاية تخشى ان يرى حتى ذراعيها المحترقة نهيك عن جسدها المشوه!!!
انهمرت دمعة خارقة على وجهها الأبيض وهي تتذكره حبيبها وزوجها السابق ټقتل ألف مرة وهي تضطر آسفة بنسبه بالزوج السابق ذاك الذي آراها من الحب ما أروها ضمھا لأحضانه التي تفتقد حنانه إلى تلك اللحظة... ذاك الذي أقسم لها بأنه سيظل يعشقها حتى الرمق الأخير من حياتها.
تسعة وعشرون يوما قضتهما برفقته تسعة وعشرون يوما انحفر ذكراهم داخلها وكأن الجنة استقبلتها بين ذراعيها لتسعة وعشرون يوما وبعدها لفظتها بكل ما فيها لجهنم!
لاح لها ذكرى استحوذتها بداخلها
_ممكن تفهميني أيه اللي يستاهل عياطك وحالتك دي!! وفيها أيه يعني لو مجموعك مجابش الكلية اللي بتحلمي بيها! 
قالها بصوته الحنون المهتم بكل صغيرة تشملها رفعت عينيها الباكية إليه تخبره پبكاء 
_مستقبلي إتدمر يا يونس!
ضم شفتيه معا يحتمل تألم قلبه القافز بين ضلوعه وردد بحب وعينيه تجوب مكان جلوس والدتها 
_أنا مستقبلك يا خديجة!
وتابع بابتسامة صغيرة 
_مش ده كلامك
أزاحت دموعها وهي ترسم ابتسامة صغيرة على وجهها فقال بإصرار 
_بطلي تقابلي كل مشكلة تقابلك وكأنها نهاية العالم مستقبلك عمره ما ھيتدمر لو مدخلتيش الكلية اللي بتحلمي بيها لو شوفتي ربنا سبحانه وتعالى أختارلك أيه كنت بكيتي وإنتي بتحمديه على إنه مفتحلكيش باب وراه مصاعب ومشاكل إنتي في غنى عنها... قومي اغسلي وشك واقعدي مع نفسك اختاري الكلية اللي هقدملك فيها يا زينة البنات.
وعاد يخطف نظرة سريعة لوالدتها ثم دنى منها ليصبح قريبا يهمس بعشق 
_هو أنا مش صعبان عليك ولا أيه شيدي حيلك في المذاكرة كده عايز أدخل دنيا.. الحارة كلها تشهد إني صبرت عليكي صبر مصبروش واحد عازب.
وتابع ببسمة ساخرة 
_بذمتك حد أهبل يكتب كتابه على واحدة وهي في تالتة إعدادي ويقعد جنبها يستنى لما تأخد الجامعة
أزاحت دموعها وهزت رأسها بضحكة أشرقت تعابيره الجذابة فردد مبتسما 
_منحرمش من الضحكة الجميلة دي يا زينة البنات!
تعلقت خضرة عينيها بعينيه البنية ويدها تمتد تحتضن كف يده فبرق بمقلتيه وهو يراقب والدتها هادرا بتحذير 
_مامتك يا خديجة!
وتحرك بجسده لأخر الأريكة ففركت أصابعها بحزن تعلم بأنه وبالرغم من أنه زوجها الا أنه يحفظه من نفسه جيدا الظروف الذي تزوجها بها ترغمه عنوة.
كان يريد أن ينتظرها لحين أن تنتهي من دراستها وحينها كان سيعقد القران يوم زفافهما ولكن اصرار عمها عن أن يزوجها ابنه دفعه ليعقد قرانها بعد ان وجده عمه الشيخ مهران حلا صائبا خاصة بأنها تسكن بعمارته فلا يريد لابن أخيه ولتلك الفتاة بأحاديث تنطلق على ألسنة الناس من حولهم.
وتنحنح بخشونة وهو يشير له مازحا
_يلا يا عيوطة قومي كده غيري هدومك وارتاحي لما أنزل ألم هيبتي

انت في الصفحة 1 من 6 صفحات