رواية صرخات انثى الفصل السادس والعشرون بقلم ايه محمد رفعت
الواسعة راكضا
_موبيلك كان مقفول يا عمران استنى هي بأوضة أنكل أحمد مش في جناحها.
ابتعد عن الدرج وعكس وجهته مشيرا لها بصرامة
_ارجعي انتي الأوضة بلبسك ده أنا هشوفها وراجع.
أشارت له بتفهم وعادت لغرفتها بينما استكمل هو طريقه لباب غرفة أحمد طرق عدة مرات وحينما لم يأتيه ردها نادها بخفوت
_فريدة هانم ممكن تفتحي الباب عايز أطمن عليكي!
طرق عمران پخوف فرض سيطرته عليه پعنف فصاح مهددا
بالعادة كان ينتابها الڠضب الكاسح فور رؤية أي شيئا مكسورا بقصرها الحبيب الذي عانت لجمع كل تحفه بعناية حتى الأساس أما الآن فلم يعد شيئا يهمها إن كانت هي بذاتها قد انكسرت وتمزقت!
اندفع عمران بكل قوته لدفع ذاك الباب بقوة هاجمته من فرط خوفه وقلقه عليها دفعة فالاخرى وبالثالثة انخضع لقوته المسيطرة فانكسر المقبض وانفتح من أمامه فعلها حبيبها سابقا وكسر الباب لأجلها وفعلها الآن ابنها الحبيب وكأنه يؤكد لها بأن هناك من سيعوضها عما خاضته هناك من يعمر قلبه بحبها وإن وجدت هي الجفاء والقسۏة.
_ماما!!
حركت رأسها إليه ببطء ومنحته نظرة أصابته في مقټل كأنها تشكو له مرارة ما تذوقته وفجأة تحركت بجسدها لتختبئ داخله وتحرر عنها صوت البكاء الذي كتمته بحرافية طوال تلك السنوات ضعفت وتعالى صوت بكائها وهي تتمسك به كأنه أخر قشة لنجاتها من بئر أحزانها.
_مالك يا حبيبتي فيك أيه
يعلو صوت شهقاتها عن السابق وبصوت هزيلا كحالها رددت
_أبوك ظلمني يا عمران أبوك دبحني... أنا مش مسمحاه.. مش مسمحاه على ظلمه ليا ولا على كسر قلبي.
_قلبي موجوع أوي وحاسة إني عايزة أنبش تربته وأولع فيه بأيدي آآ... أنا... آآ.. أنا موجوعة هو كسرني كسر فريدة هانم اللي محدش كان يقدر عليها.
حاول استيعاب ما تحاول اخباره به ولكن ما عاناه هي كان يخشى من حالتها الغريبة تلك فأبعد خصلات شعرها القصير للخلف وهو يردد
تمعنت بالتطلع لوجهه بدقة جعلته يزوى حاحبيه بدهشة من أمرها فانهمرت دمعاتها وهي تردد بۏجع قابض
_إنت شبهه بالظبط يا عمران إنت شبه سالم في كل حاجة.. أوعى تكون ظالم زيه وتظلم بنتي زي مهو ظالمني!
ابتلع ريقه المرير بصعوبة بالغة ومنحها ابتسامة عابثة ومن خلفها صوته المتحشرج
_مش كنتي بتقولي دايما إني شبه عمي!
ضحكت ساخرة ودموعها لا تتوقف
_الاتنين شبه بعض.
ورفعت اصبعها تشير له وقد تهاوى دموعها دون توقف
_بس أحمد مش زيه مش زي سالم يا عمران أحمد عنده قلب وبيعرف يحب أبوك لأ... أبوك معندوش قلب ولا عنده رحمة أبوك عاش طول عمره بيمثل عليا دور الملاك والنهاردة بس عرفت إنه كان شيطان فضل أسرني بكلبش الذنب وعذاب الضمير حتى بعد مۏته أنا بكرهه وبكره نفسي.
واڼهارت باكية مرة أخرى وهو عاجز عن فهم ما تريد قوله فضمھا إليه وربت عليها بحنان لم تمانع هي بل شددت على قميصه واتركت العنان لبكاء ربما يكون رءوف بها ويحررها من ۏجع قلبها.
نصف ساعة ومازالت تستند على كتفه ويميل هو على الحائط يحتويها بجسده الضخم مقارنة لجسدها الضعيف يمسد على ظهرها وينطق آيات قرآنية عليها فابتسمت وهي تتلصص لهمسه فتذكرت ماذا كانت تفعل معه حينما كان ينتابه كابوس كانت تضمه وتقرأ له الآيات القرآنية مثلما يفعل معها الآن وأخر ما تسلل لها كلماته الداعية
_بسم الله على قلبك حتى يهدأ بسم الله على قلبك حتى يطمئن!
غفت فريدة على كتفه فتركها تثقل بنومها وإتكأ على الفراش لينهض بها ووضعها عليه ثم داثرها وجلس جوارها يراقبها بنظرة حزينة لا يعلم ماذا حدث ليصيبها كل ذلك الحزن والسخط من أبيه أزاح تلك الدمعة التي مازال وجهها يحتفظ به ورفع هاتفه يتفحص الساعة فوجد بأنه نفسه الوقت الذي خصصه لقيام الليل كمعتاده نهض عمران من جوارها فوجدها تتمتم
_متمشيش يا عمران.
عاد إليها فوجدها تفتح عينيها له وتترجاه
_خليك معايا.
ربت على خصلاتها المتمردة وقال
_أنا هصلي جنبك هنا مش خارج يا ماما.
هزت رأسها وأغلقت عينيها بتعب فلف الغطاء عليها وتركها وولج لحمام الغرفة وخرج بعد قليل يفرد سجادة الصلاة ويؤدي صلاته بخشوع تام ومع كل ركعة كانت يطول بسجوده ويدعي لها بأن يبدد الله أحزانها.
ومع أخر ركعة له سلم يمينا ويسارا ليتفاجئ بها تجلس جواره أرضا فاستدار لها يتساءل بقلق
_ماما حاسة بحاجة أطلبلك دكتور
هزت رأسها نافية وقالت ببسمة زارتها أخيرا
_إنت بتصلي من أمته يا عمران
رد عليها وهو يعتدل بجلسته الغير مريحة
_من لما ربنا نجاني من المۏت ووهبلي حياة جديدة ومختلفة عن اللي عشته.
وتابع بابتسامة هادئة
_صلاة القيام دي راحة بحس بعدها بطاقة رهيبة أيه رأيك تقومي تتوضي وتصليها حالتك هتتحسن وهتبقي أفضل من الأول صدقيني.
دققت عينيها به بذهول هل هذا هو عمران ابنها المشاكس الذي كان لا يترك ذنبا الا وارتكبه ربما لو كان علي فلما كانت ستتعجب كثيرا علي الولد الطيب الذي لم تعاني بتربيته مثلما فعلت مع ذلك العنيد المتمرد الذي كان يدفعها لمعاقبته باستمرار ماذا حدث له
أفاقت فريدة من شرودها على صوته المازح
_ها يا فيري هتقومي ولا اسندك للسرير
ظنها ستغضب لحديثه ولكنه وجدها تبتسم له وهي تجيبه
_هصلي الأول.
وحاولت النهوض وهي تحارب ذلك الدوار القابض فساندها عمران لداخل الحمام حتى خرجت له فوقف يعاونها على الوضوء ويديه تحيط بها خشية من سقوطها بالداخل فتتأذى ابتسمت له فريدة ورددت
_اخرج أنت يا عمران أنا كويسة يا حبيبي متخافش عليا.
رفض ذلك وبقى جوارها فانحنت تغسل قدميها لتنهي وضوءها ولكنها شعرت بأنها ستسقط من فرط ۏجع رأسها لتجده ينحني ويجذب المياه ليغمسها بين أصابع قدميها ليضمن نجاح وضوءها.
لمعت عين فريدة بالدموع وهي ترى ما يفعله لأجلها حتى خرج بها يحملها للخارج وقال بحنان
_لو تعبانه صلي وإنتي قاعدة.
هزت رأسها له وقالت وهي تتفحص غرفة أحمد بنظرة شاملة
_بس أنا ماليش هدوم هنا.
وحينما تذكرت جناحها بغضت معالمها وقالت لعمران
_هاتلي اسدالي من جناحي يا عمران.
هز رأسه وتركها وهبط للأسفل وما أن ولج للجناح حتى فغر فاهه صدمة من ذلك المنظر