رواية في قبضة الاقدار الفصل الثالث بقلم نورهان العشري
. أجبلك معايا "
هزت جنة رأسها بالرفض و هي تقول بنبرة مبحوحه
" لا شكرا مش عايزة أنا هحاول أنام شويه ."
أومأت برأسها و توجهت إلي الخارج و هي تحاول أن تتنفس بشكل منتظم و تهدء من توترها قليلا حتي تستطيع التفكير برويه .
كان سليم يطالع الجياد بنظرات ضائعه و ملامح باهته كبهوت كل شئ حوله . فرائحه المۏت تحيط به في كل مكان و الحزن ينخر أنحاء جسده و لا طاقه له برؤيه أحد و لا الحديث مع أحد و لكنه مجبر علي الوقوف بين الجموع ليأخذ واجب العزاء الذي كان ثقيلا عليه كثقل شاحنه ضخمه تمر فوق قلبه فللآن عقله لا يستوعب ما حدث و فقدانه أخاه . و لكن مشهد الناس من حوله يذكره بفجيعته الكبري التي يحاول تناسيها بشتي الطرق حتي يستطيع التنفس بسهوله و لو لثوان .
تحدث سالم بهدوء لا يشعر أبدا به
" الهروب عمره ما كان حل يا سليم "
" مش هروب يا سالم أنا بس بحاول افهم . أنا واقف وسط الناس مستنيه يطلع من أي مكان ييجي يقف جمبنا زي ما أتعودنا نكون جمب بعض إحنا التلاته "
أطبق سالم جفنيه يحارب دموعا تقاتله بضراوه حتي تظهر للعلن فقلبه لم يعد يتحمل ذلك الألم الرهيب الذي يعصف به و لكنه مجبرا علي التماسك في حين إنهيار الجميع من حوله لذا أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول بتأثر
سليم بقله حيله
" لا إله إلا الله . أنا مش معترض والله بس مش قادر أصدق . عقلي مش مستوعب . "
سالم بفظاظه
" عشان كدا بتغلط يا سليم !"
ازداد عبوس ملامحه و هو يقول بإستفهام
" تقصد إيه "
سالم بتقريع خفي
" إلي حصل في المستشفي غلط و مينفعش يتكرر تاني !"
زفر سليم بحدة قبل أن يقول پعنف مكتوم
سالم بخشونه و قد إسودت عيناه من الڠضب
" مفيش حاجه من إلي حصلت كانت صح ! بس مينفعش نعالج غلط بغلط اكبر ."
سليم بحنق
" يعني أخويا ېموت بسببها و أسيب الهانم تعيش حياتها عادي "
سالم بنفاذ صبر
" إيه عرفك أنها السبب في إلي حصله "
سليم باندفاع
" البنت إلي قالت..."
" تعرف منين أنها مبتكذبش . معاها دليل شفت بعينك إلي يخليك تصدقها !"
زفر سليم بحدة و لم يجيب ليواصل سالم حديثه الصارم
" إحنا مش ظلمه يا سليم . لازم نتأكد قبل ما نخطي أي خطوة . أرواح البني آدمين مش لعبه في إيدنا"
إزداد غضبه من حديث أخاه فصورتها المدمرة لازالت عالقه بذهنه منذ البارحه و الظنون تتقاذفه بكل الجهات فتارة يشعر بشفقه خائڼه تتسلل إلي قلبه تجاهها و تارة يشعر بأنه يود لو يذهب ېحطم رأس تلك الحقېرة التي تسببت في فجيعتهم لذا قال بهياج
سالم بغموض
" كل شئ بأوانه. و خليك متأكد إني مش هسيب تار حازم و لو بعد مليون سنه . "
أوشك سليم علي الحديث فأوقفه سالم بنظرة محذرة و هو يضيف بصرامه
" هتبعد عن طريق البنت دي و مش هتتعرضلها أبدا . و دا قرار غير قابل للنقاش ."
أبتلع سليم غصه صدئه بداخل حلقه و أجبر نفسه علي الإيماءة بالموافقه فلن يدخل في صراع مع شقيقه لأجلها و سينتظر ليتأكد من تورطها و حتي يقمع ذلك الرجاء الأحمق بداخله الذي يطالبه بعدم أذيتها ..
في المشفي تحديدا أمام الباب الرئيسي شاهدت فرح العديد من الصحافيين يقفون أمامه و كأنهم ينتظرون وصول أحدهم فاړتعبت من أن يكون الأمر يخص شقيقتها و قد إسترجعت حديث ذلك المتعجرف عن إهتمام الصحافه بشؤونهم فأخذت تدعي الله بداخلها بأن يكون حدثها خاطئا و ألا يكون أولئك الأوغاد يريدون مقابلة شقيقتها حقا .
وصلت إلي غرفة شقيقتها بالأعلي فوجدت فتاة محجبه ترتدي ملابس فضفاضة تتنافي مع وجهها المزين بشكل متقن و كانت تترجي الحرس حتي يسمحوا لها بالدخول و هم يرفضون بشدة فاقتربت منهم قائله بإستفهام
" في أي "
فتحدث أحد الحراس قائلا بإحترام
" الأنسه مصرة تقابل جنة هانم "
إرتفع إحدي حاجباها حين سمعت لقب هانم الذي أضافه بعد إسم شقيقتها و قد لمست إهتمام أثار إندهاشها من ذلك المغرور و لكنها تجاهلت شعورها و نظرت إلي الفتاة قائله بشك
" أنتي مين و عايزة تقابلي جنة ليه "
إرتبكت الفتاة لثوان قبل أن تقول بتأثر
" انا روان صاحبة جنة و عرفت بالحاډثه إلي حصلتلها و جيت جري عشان أطمن عليها و هما مش راضيين يدخلوني "
ناظرتها فرح بتقييم قبل أن تقول بجفاء
" بس جنة محكتليش عنك قبل كدا "
الفتاة بثبات
" يمكن عشان لسه متعرفين علي بعض من قريب "
هزت فرح رأسها قبل أن تقول بإستفهام
" وأنتي عرفتي إلي حصل لجنه إزاي "
أجابتها بهدوء
" أتصلت علي موبايلها فردت عليا الممرضه و قالتلي إلي حصل"
بدا عذر معقول و لكنها لا تعلم لما لم ترتح لتلك الفتاة فقالت لها بتهذيب
" شكرا علي سؤالك وأنك كلفني نفسك و جيتي لحد هنا بس جنة للأسف نايمه و مش هتقدر تقابلك دلوقتي "
الفتاة بحزن
" يا خسارة .. كان نفسي أشوفها و أطمن عليها أوي . طب ممكن أبص عليها حتي و هي نايمه و أخرج علي طول "
إحتارت فرح في أمرها كثيرا و لكنها وافقت علي مضض لتتخلص منها فقالت بملل
" تمام . أتفضلي "
فتحت باب الغرفه و دلفت للداخل تتبعها الفتاة التي ما أن رأت جنه حتي إرتسم حزنا زائفا علي ملامحها و هي تقول بتأثر مصطنع
" يا حبيبتي يا جنه. دي شكلها متبهدل أوي "
شاهدت دموع الفتاة التي تساقطت علي خديها و لم تجيبها بل ظلت تناظرها و كأنها تخترقها من خلف ستار نظاراتها . طال تأملها و طال صمت الفتاة و التي تنحنت قبل أن تقول بخفوت
" ممكن لو سمحتي أدخل الحمام أغسل وشي "
إبتسمت فرح ابتسامه بسيطه و قالت بود
" طبعا . طبعا أتفضلي ."
توجهت الفتاة الي الحمام و الذي كان يقابل سرير جنة فما أن دخلت حتي أخرجت آله تصوير صغيرة نوعا مخبئه بين ملابسها الفضفاضه و قامت بمواربه باب المرحاض بمساحه كافيه لعدسه آلتها حتي تلتقط صورة جنة النائمه بعمق مبعثرة الهيئه .
ما أن التقطت صورتان حتي فتح الباب فجأة علي مصرعيه و ظهرت فرح