رواية سجينة جبل العامري الفصل السابع عشر بقلم ندا حسن
هذا بهذه السهولة.. لا يجوز أن يفوز جلال بما فعله ولا يفوز الشك باعدهما عن بعضهم ليبقى كل منهم ظهره منحني وحده..
اقتربوا الاثنين من بعضهم البعض ليتقابلون في عناق حاد خرج من أجساد قوية ذو عضلات قاسېة شرسة كل منهم سحق الآخر لا يود تركه وادمعت عيني جبل وهو يقول نادما
سامحني يا صاحبي
استشعر الآخر ما به فبادله تلك الدمعات التي لا تخرج إلا من رجال أقوياء تعبر عن قهرهم ليقول بحب
لحظات مرت بينهما ليفرغ كل منهما ما بقلبه ولا يحمل ذرة بغض ناحية الآخر يعودون مرة أخرى إلى العهد السابق وما قبله.. يعودون إلى عهد جبل العامري والقوة عائدة معهم من جديد
جبل هو ذلك الثبات والرسوخ ويأوي إليه البشر للحماية ويعتصم به الخائڤ لا يتزحزح إلا في لحظات الاڼهيار كما حدث معهما أما عاصم كان الحصن ل جبل والملجأ الذي يحتمي به من أي ضرر.
تحسنت الأوضاع قليلا منذ أن هرب جلال من الجزيرة بعد أن تم اكتشاف خيانته وهناك حراسة مشددة على القصر والجزيرة بأكملها لا يتم تسليم أو استلام أي شحنات وتوقف العمل تماما بأمر من جبل بعد أن فكر قليلا فيما حدث وما سيحدث في الأيام القادمة إن لم يأخذ الحذر هذه المرة..
عاد عاصم إليه مرة أخرى وحاول أن يمحي أثر ما حدث بينهم ولكن الأثر لا يمحى أبدا حتى وإن تناسى وإن غفر..
حتى أنها أصبحت تتعامل معه بهدوء ولين تبتسم إليه بين حديثها الهادئ معه وكأن ما قاله عنهما أثر بها يشعر أنها تود التكملة معه حقا ولكن لن تحبه وهو بهذه الحالة لن تحبه وهو ذلك التاجر رجل العصاپات يمكن أن تظل هنا ولكن لن تبادله شغفه نحوها ولن تجعله يقترب منها إلى الحد الذي يريده
لا تدري كيف اقتربت منه إلى هذا الحد في تلك الفترة الصغيرة ولكن حقا وهذا شيء وجب الاعتراف به أنها يوما عن يوم تقترب منه تتعمق بالنظر إليه ليس كالسابق بل نظرات أخرى غريبة كليا عليها وعلى ما تشعر به تجاهها..
صارحت نفسها فجأة أنها بدأت تميل إليه لا تدري كيف ولكنها حقا بدأت في التقرب منه والحديث معه بطريقة أفضل من السابق بكثير والنظر إليه بلين وهدوء وهو يبادلها ذلك من بعد آخر جلسه حدثت بينهم.. ترى من الممكن أن تستكمل مسيرتها معه هنا إلى الأبد! كانت إجابتها على نفسها أن ذلك لمن المستحيل لن تبقى معه ومكتوبة على اسمه إلا عندما تتأكد من أنه برئ من كل التهم المنسوبة إليه.. غير ذلك لا تستطيع أن تكون شريكته في كل حرام يفعله..
جعلت شقيقتها تقطع علاقتها مع عاصم من أحبته وتمنت القرب منه بمنتهى البراءة منذ أن عاد إلى القصر وامتعت عينيها بالنظر إليه من بعيد وهي راضية تماما ولكن تفيذا لأوامر شقيقتها قامت بوضع رقم هاتفه في قائمة الحظر وعندما تقابلهم الصدفة لا تصغى إليه.. ابتعدت عنه كل البعد بعدما علمت بمجال عمله من شقيقتها كانت تريد فقط أن تواجهه وتستمع إلى الحقيقة منه ولكن حديث شقيقتها أتى عليها بصرامة وحزم غير قابل للنقاش ففعلت
وهو كان يحاول كلما رآها تنظر من الأعلى أن يتحدث معها يشير إلى أذنه دليل على أنه حتى يريد مهاتفتها ولكنها لا تعيره اهتمام لا يفهم ما الذي حدث لها جعلها تتحول من ناحيته بهذه الطريقة.. لم يجد إلا سببا واحدا وهو أن تكون علمت شقيقتها بما بينهم من بعد ذلك اليوم وهي من قامت بمنعها عنه.. ولكنه لن يمل ولن يكل لن يتركها إلا عندما يتحدث معها ويصل إلى نقطة ترضيه ويعود بها إلى آخر ممر كانوا به سويا بين ورود الغرام وجدران الخجل..
لم يكن أحد في تلك المدة يدلف إلى فرح أبدا إلا العاملة ذكية كما أمر جبل مرة واحدة في اليوم بالطعام.. ولكن زينة ضړبت حديثه عرض الحائط وكانت تدلف إليها يوميا مرة أخرى بعد العاملة تأخذ إليها الطعام وتجلس معها قليلا وهي من قامت بجلب الأدوية المناسبة لحالتها المذرية في ذلك الوقت فقد كان جسدها بالكامل ملئ بالكدمات وحالتها يثرى لها..
زينة فقط من بقيت جوارها عالجتها وتأتي إليها بالطعام لأنها تعلم مؤكد ستتضور جوعا فمن يستطيع أن يأكل مرة واحدة في اليوم بكمية قليلة للغاية لا تناسب طفل فعلت هذا أيضا من قلبها دليل على أصلها الطيب وتعاملها المحب المعطي إليهم جميعا حتى وإن قابلتها منهم القسۏة والحقد..
دقت تمارا على باب مكتب جبل كانت تعلم أنه بالداخل انتظرت كثيرا إلى أن استقرت الأوضاع واتت الفرصة المناسبة لها..
أذن لها بالدخول فولجت إلى الغرفة تدفع الباب خلفها سارت إلى أن جلست على المقعد أمامه تحت أنظاره الثاقبة عليها..
خرج صوته حاد ينظر إليها بقوة
نعم
توترت قليلا تمسكت يدها ببعضهم البعض نظرت إلى الأرضية ثم إليه قائلة بخفوت
جبل.. أنا عايزة أتكلم معاك
أشار إليها بيده يعود إلى الخلف يستند بظهره إلى ظهر المقعد قائلا بجمود
اتكلمي
تنفست بعمق وهي تنظر إليه لا تدري من أين تبدأ حديثها معه تتابع عيناه الثاقبة فوقها التي توحي أيضا بالبرود وكأنه ليس مهتم بها أردفت تسائلة بندم وحنين
ممكن تقولي ايه اللي