رواية صرخات انثى الفصل الخمسون بقلم آية محمد رفعت
وهو يقف أمام عددا ضخما من حقائب السفر الكبيرة يتفحصهم بضيق وزمجرته المحتقنة تصل لزوجته القابعة بالفراش بتعب فنهضت تلحق به متسائلة بفضول
_مالك يا عمران
استقام بوقفته يلتفت إليها مربعا يديه بمنتصف صدره العاړي المحاط بالمنشفة
_مش عارف ألاقي هدومي! حقيقي أكتر شيء مزعج كان إني وافقتكم وجيت معاكم هنا
_طيب قولي عايز تلبس أيه وأنا هساعدك.
جاب غرفة الملابس ذهابا وإيابا يجيبها بغيظ
_no way أنا مبعرفش ألبس على ذوق حد
حتى لو كان الحد ده إنت يا بيبي أنا ليا ذوقي الخاص!!
زمت شفتيها بسخط
خبط بكفيه على ساقيه
_مش عارف يا مايا.. كده هتأخر!
وأشار لها وهو يعود للحقائب يبحث بعناية
_اتصلي بجناح علي واتاكدي إن فاطيما خلصت لحد ما أحاول تاني أنقيلي شيء كويس.
هزت رأسها وابتسامتها تتسع فاتجهت للفراش وجذبت هاتفها المسنود للكومود وطلبتها فأخبرتها بأنها استعدت بالفعل منذ ساعة كاملة والآن تنتظر عمران الذي تأخر كثيرا.
_أوعى تطلع لبابي هشفق على قلب مراتك من الغيرة من دلوقتي!!!
هبطت فاطمة تنتظر عمران بالأسفل فانتبهت لفريدة الجالسة بشرود وحزنا غامضا اتجهت إليها تنحنح برقة لتلاحظها الاخيرة فقالت بابتسامة راقية كحالها
_فاطيما إنت خارجة
أمأت برأسها
_أيوه رايحة مع عمران غداء عمل.. مصر إني أروح معاه بس بصراحة أنا مرتبكة.
_لازم يا فاطيما خروجك وشغلك في حد ذاته هيمحنك القوة وبعدين أنا عايزاكي كمان معايا
تحمست للغاية وكادت بأن تشكرها ولكن صوتا رجوليا مشاكسا صدح لهما
_مش معقول يا فيري بتقصري على عقل موظفتي وشريكتي وبتغريها تكون معاكي!!
وبدراما مضحكة قال
_ طيب وأنا مفكرتيش فيا! بس في اللحظة دي هقولك no way فاطيما تتخلى عني لإنها عارفة إن مايا مش هتقدر تنزل الشركة وهي تعبانه صح يا فاطيما
_خلاص أنا هفضل مع عمران لحد ما مايا تولد وتقوم بالسلامة إن شاء الله وبعدها هشتغل مع حضرتك يا فريدة هانم لإني بجد متحمسة للفكرة من دلوقتي.
اتسع ثغرها بابتسامة رقيقة وقالت
_تمام يا حبيبتي.. يلا روحوا عشان متتاخروش.
غادر عمران برفقتها بعد أن اعتلت المقعد الخلفي وصل بعد عشرون دقيقة للفندق المقام به الغداء هبط مسرعا من مقعده حينما وجد أحد العاملين بالفندق يمارس مهنته بفتح أبواب السيارات فوضع يده على يده الواشكة على فتح باب فاطمة المرتبكة قائلا ببسمة جذابة
وناوله المفتاح وابتعد يفتح بابها إليها طعمت نظراتها بالامتنان وازدادت ثقتها بأنه لطالما لجوارها سيمنع أي سوءا يحدث معها مثلما أخبرها زوجها الحبيب.
اتبعته للداخل حيث طاولة تتوسط المكان المحجوز أكمله لذلك الاجتماع فكانت الطاولة ضخمة وتضم عدد لا بأس به من النساء والرجال.
مشط عمران الطاولة بعينيه واختار الجلوس بنهايتها رغم أنه سيكون المغزى الرئيسي للاجتماع ولكن حرصا منه أن يبعد زوجة أخيه عن الأعين فسحب المقعد ما قبل الاخير وجلس عليه تاركا لها الاخير حتى لا يجاورها أحدا.
تعجب جمال من فعلته فترك مقعده ونهض يلحق به فجلس جواره من الناحية الاخرى يهمس له بصوت كان مسموع لفاطمة
_أنا حجزتلك جنبي في أول التربيزة قعدت هنا ليه!
أجابه بايجاز
_عشان فاطمة تكون مرتاحة في قعدتها.
هز جمال رأسه بخفوت فسأله عمران باهتمام
_طمني شوشو أخبارها أيه وحشتني أوي والله.
اتسعت ابتسامته وردد يخبره بأخر المستجدات
_من ساعة زيارتك الاخيرة إنت وفريدة هانم وهي مصرة تعمل دايت وتروح جيم!!
طالعه قليلا بدهشة انقلبت لموجة من الضحك فشاركه جمال بتحفظ بينما ردد الطاووس الوقح
_طيب بلغها بقى إن أول ما تخرج من المستشفى تخصصلي يوم كامل هاجي أخدها وأرجعها بليل وقولها إن الخروجة دي هتشكرني عليها أول ما ترجع مصر ويقابلها الحاج وقتها هيزيد عشقها ليا.
تقوست شفتيه وصاح بيأس من تغيره
_ناوي على أيه يا وقح.. أمي مش حمل دماغك السم دي!
عدل من جرفاته الرمادي وأجابه بغرور
_كل خير يا جيمي.. وبعدين لازم يكون عندك ثقة فيا شوية!
احتل حزنا غامضا عينيه وأجابه بنبرة عميقة
_ثقتي فيك أكبر مما تتخيلها يا عمران.
ترك كوب المياه الذي تجرعه بأكمله وقال بشك
_في أيه
تنحنح يجيبه بخشونة
_في أيه بس ما أنا كويس أهو!!
منحه نظرة متفحصة جعلت الاخير يتهرب منه وصاح بعصبية لا تليق بهدوئه
_بطل تبصيلي نظرة المحقق كونان دي!
تطلع أمامه وحرر جاكييه الأسود ليحصل على جلسة مريحة هادرا بوعيد
_ماشي يا جيمس لك روقة بعد الاجتماع هقررك بطريقتي!
حدجه الاخير بنظرى مشټعلة وغير سياق الحديث حينما مال للامام قليلا ليتمكن من رؤية زوجه أخيه مرددا بلطف
_إزيك يا مدام فاطمة.. منورة الاجتماع.
رفعت مقلتيها إليه وبتوتر ملحوظ لهما قالت
_ميرسي.
عاد جمال بظهره للمقعد باستغراب من طريقتها الغامضة ولكنه لم يعلق وتابع الاجتماع باهتمام
ازداد عدد المتواجدين تدريجيا حتى احتل الصف المقابل لهم عدد منهم ووضع الطعام ليتناولونه قبل بدأ الاجتماع.
نهض عمران يجذب احد الاطباق واضعا أصنافا متعددة من الطعام ووضعه قبالة زوجة أخيه حتى لا تضطر للوقوف والانحناء بجسدها أمام الرجال الحاضرون برفقة السيدات حتى المياه والمناديل الورقية وضعها كأنما يصطحب معه ابنته الصغيرة أو شقيقته شمس المعتادة منه على المعاملة الرقيقة تجاهها.
واستدار تجاه جمال فوجده غير عابئ بالطعام من أمامهعقله شارد فيما حدث بينه وبين زوجته فسأله بمزح
_عايز مساعدة! أغرفلك طبق ولا أيه نظامك
أشار له نافيا
_لا ماليش نفس.
جحظت عينيه بدهشة فترك الطبق من يده وجلس جواره باهتمام
_اتكلم يا جمال وقولي مالك بدل ما أقسم بالله أنيمك مكانك.
وبهمس مكبوت بغيظه
_مهو أنا مش هحايل في أمك طول القعدة انطق!!
زفر بملل منه وبنزق نافر قال
_متخانق مع صبا يا عمران ارتحت!!
زم شفتيه ساخطا
_تاني!! أقصد عاشر..إنت يابني آدم معندكش ډم!!! راعي إنها حامل ومش حملك.
راقبه بصمت فراقب الجمع وعاد يميل هامسا ليتمكن من سحب الحديث من فمه
_بص لو نرفزتك إن ريحتك مقرفة مثلا فمتقلقش تقريبا كل الحوامل كده.. أنا اتاكدت من يوسف امبارح!
منحه نظرة ساخرة فحك لحيته النابته وعاد يخبره
_طيب طلبت منك أكلة مش موجودة في لندن وقلبتها نكد عليك!
مال للأمام على الطاولة بقلة حيلة فجذبه عمران للخلف بعصبية كادت باسقاط المقعد ونهض يجذبه من رقبته صارخا بانفعال متناسيا وجوده بمكان هكذا
_بروح أمك قاعد تتدلع عليا ما تنطق فيك أيه مبقتش حمل أنا المناهدة كفايا قرف نعمان ومصايبه!
برق جمال پصدمة وصاح للاخير
_عمران إنت اټجننت الناس حولينا!
تهدل ذراعه عنه بحرج شديد وعاد لمقعده ببطء راسما بسمة بالكد وردد
_أعتذر لكم.. اكملوا طعامكم نحن على ما يرام تمازحنا فحسب!
عاد الجميع لتناول طعامهم والاحاديث الجانبية فيما بينهم تغطي على المعركة الدائرة بين عمران وجمال الذي صاح بعصبية
_عجبك كده!!
أجابه بنزق
_مهو أنا مقدرش أقعد هادي وشايفك بالوضع ده وأنا أساسا فضولي!
رغما عنها يصل لهما حديثهما