رواية دمعات قلب الفصل الثالث والثلاثون والرابع والثلاثون بقلم رباب فؤاد
أتريد مبررات أخرى لتمردي أم تكفيك هذه
شعر الحاج حفني بمرارة كلمات ابنه الأصغر وملامح الألم المرتسمة على وجهه
ولأول مرة يلحظ الإرهاق الجسماني والنفسي اللذان ارتسما على ملامح ابنه الشاب وتحت عينيه وجعلته بالفعل يبدو وكأنه في الأربعين
حينها نهض بكل وقار مقتربا من ابنه وربت على كتفه بتعاطف قائلا منذ صغرك وأنت تميل إلى الهدوء والطرق السلمية بينما كان شقيقك رحمه الله مثابرا طيلة حياته. كنت أعلم بقدراتكما العقلية المتفوقة ولهذا أردت أن أدفعكما إلى الأمام دوما. حازم رحمه الله كان يعرف ماذا يريد دائما ومستعد للقتال من أجل تحقيق أهدافه. أما أنت فكنت تتقبل دوما ارشادتي وتنفذها دون جدال. لذا كان من الطبيعي أن أرسم لك مسار حياتك طوال الوقت كيلا تتوقف في المنتصف أو تفقد حماسك.
لعاق.
هتف به والده مدافعا أنا لم أقل ذلك. لقد ربيت رجالا يعتمد عليهم يدركون قيمة العمل والنجاح والمسؤولية. كل ما هنالك أنك لم تحدد حلمك منذ البداية ولهذا تطوعت أنا لأرسمه لك. ولو كان اختياراتي لك مخطئة لما نجحت كجراح ولما سعدت مع هالة.
فهاهو يربط تحريك حياة ولده بنجاحه في العمل وحتى في زواجه الذي لم يكن متحمسا له
ورغم ذلك خرجت كلمات طارق الباردة وهو يقول ببرود ومن قال إنني لم أحدد حلمي ربما كانت دراسة الطب حلما لأغلب الشباب لكنها لم تكن حلمي...لم تكن حلمي الأول على الأقل. هل لاحظت يوما شغفي بكتب الفضاء هل لاحظت صورة عالم الفضاء المصري الدكتور فاروق الباز على مكتبي هل سألتني يوما لماذا أضعها كنت أضعها لأنه كان مثلي الأعلى ولأنني أردت أن أكون مثله. لكنني كما تقول كنت مسالما ولم أحارب من أجل هذا الحلم الذي ضاع كأحلام كثيرة غيره.
تنهد طارق في عمق وهو يولي والده ظهره ثم ما لبث أن استدار يواجهه قائلا لم أصارحك لعلمي بأنني لست حازم. منذ طفولتنا وحازم هو ابنك المفضل لأنه يشبهك وأنا ابن والدتي المفضل لأنني أشبهها. ربما استطعت تحقيق أحلامي إذا طال عمر والدتي قليلا لأنها كانت ستدعمني لكنها إرادة الله. صدقني يا أبي أنا لا ألومك على ماضي انقضى. فأنا سعيد بحياتي الآن حتى وإن لم أخترها. لكن أرجوك لا تنه حياتي بطلب جديد. بالله عليك لا تقتلني بطلب الطلاق.
شد طارق قامته باعتداد وهو يجيبه بهدوء لدي أسبابي.
سأله والده بلمحة من العصبية وماهي أسبابك كيف أدافع عنك أمام زوجتك وأنا لا أعرف مبرراتك
هز طارق رأسه بإصرار قائلا لن أصرح بأسبابي ولن أجرح سمر بالحديث عنها خلف ظهرها. أشكرك لمحاولتك الدفاع عني لكني لن أتحدث. وأعتقد أنه لم يعد هناك حاجة إلى المزيد من الحديث و....
خرج من ذكرياته على صوت أبواق السيارات المحيطة به وهي تستحثه على التحرك بعد تحول الإشارة إلى اللون الأخضر وانتبه وهو يحرك سيارته