رواية دمعات قلب الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون بقلم رباب فؤاد
تسخر منها والدتها لأن الزواج لا يزال صوريا رغم محاولات طارق للتقرب منها
نعم هو يحاول التقرب منها وتحويل الزواج إلى زواج فعلي بينما تتهرب هي منه وهي تدرك ذلك جيدا
تدرك محاولاته وتدرك تهربها منه لأنها لا تريد أن تكون مرحلة مؤقتة في حياته أو أن تكون قرصا مسكنا لآلام قلبه الجريح
ولكنها ملزمة بإطاعته شرعا وهي لا تستطيع ذلك.
ثم قطبت حاجبيها بضيق مصطنع وهي تقول هيا انهضي إلى غرفتك..لا تشاركيني فراشي فهو من حق هند وحدها الآن...فراشي للفتيات فقط وليس للمتزوجات.
ربتت والدتها على كفها ثانية بتعاطف ومنحتها إبتسامة تشجيع وهي تقول ابنتي الجميلة مطيعة وتعرف دينها جيدا..والأهم أنها تحب زوجها وتكابر هذا الحب بعناد.
تنهدت هالة بعمق وعادت تمط شفتيها وتهز كتفيها بإستسلام قائلة أمري إلى الله...أمي تطردني من غرفتها ومن أحضانها.
في هذه الأثناء كان طارق يذرع الغرفة المظلمة ذهابا وإيابا والضيق يملؤه...
الآن فقط شعر بما كان ېمزق هالة وهو يتجاهلها
فهاهي الآن تتجاهل كل محاولاته للتقرب منها
ولها كل الحق في ذلك
فهو لم يمنحها حبه وإهتمامه بها كزوجة من قبل
هو صدمها منذ بداية زواجهما ووضع حدودا للعلاقة بينهما
ولكنه يعترف الآن بخطئه...وبحبه
نعم حبه
لقد تغيرت نظرته إلى هالة منذ طلاقه من سمر
فجأة بدأ ينظر إليها كأنثى
أنثى طالما تعامى عن النظر إليها
أو بالأحرى عن النظر إلى عينيها
لأنه لو كان نظر إلى عينيها منذ زمن لوجد فيهما انعكاس صورته...وانعكاس حبها له
ولكان كل شيء مختلفا الآن.
وللحظة أخرى وسوس له شيطانه أن ېدخن سېجارة ينفث مع دخانها نيران غيظه
ثم إنه ألقى علبة السچائر أمامها في سلة المهملات بالغرفة ولابد أنها أفرغت السلة بعد خروجه.
وبدافع من الفضول فقط ألقى نظرة سريعة على السلة المجاورة لفراشه ليجدها خالية تماما قبل أن يهز رأسه في إعجاب بنشاط هالة.
وفجأة تناهى إلى مسامعه حفيف خطوات هادئة مترددة فإلتفت في لهفة كاد معها يرتطم بالطاولة الصغيرة التي كانت لا تزال تحمل حافظة القهوة
ورآها
رآها وسط الظلام تدلف إلى الغرفة بهدوء عاقدة ذراعيها أمام صدرها كالأطفال وضوء الممر خلفها يخفي ملامحها
لكنه لم يكن بحاجة إلى الضوء كي يرى ملامحها التي نقشت في ذاكرته
وتابعها وهي تغلق الباب خلفها بهدوء وتقترب من الفراش كالمجبرة فترفع أغطيته وتسمي بالله وهي تضربه ثلاث ضربات خفيفة لطرد الشيطان قبل أن تندس داخله بنعومة
حينها لم يمنع نفسه من أن يتأملها على ضوء القمر الوليد الذي تسلل من النافذة وحمل صوته إبتهاجه وهو يسألها _هل تراجعت في رأيك وستبيتين هنا الليلة
أجابته بهدوء وهي تنام على جانبها الأيمن قائلة الفراش لن يكفي ثلاثتنا فإضطررت للعودة.
تقدم إلى الفراش واندس هو الآخر بين أغطيته على الجانب الآخر قائلا بجذل الحمد لله