رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل الواحد والعشرون بقلم ندي محمود
والنائم به حفيدها الصغير فاتجهت نحوه بعينان تلمع من السعادة وبينما كانت على وشك أن تنحني عليه وتحمله صړخت بها آسيا بړعب ووقفت حائل بينها وبين فراش ابنها تقول پغضب وخوف
_بتعملي إيه بعدي عن ولدي متقربيش منه!
ضيقت إخلاص عينيها باستغراب والتفتت تجاه جليلة التي كانت تنظر بنفس علامات الاستفهام والحيرة ثم عادت بوجهها لآسيا مجددا وابتسمت بسخرية تقول
_أه همنعك ومش هتقربي من ولدي يا إخلاص لو أنتي نسيتي فأنا لساتني فاكرة
فهمت إخلاص ما تلمح إليه فتقوست تعابير وجهها باحتدام شديد وقالت في نبرة صوت رخيمة وابتسامة متكلفة لتهدأ من حدة الأجواء
_ده موضوع وخلص يا آسيا.. دلوك أنا ولد ولدي چه على الدنيا ومفيش حد فرحان بيه قدي
_أنتي فكراني هبلة هتضحكي عليا.. قولتلك مش هخليكي تلمسي ولدي
بتلك اللحظة تحديدا كان عمران وصل بالأسفل مع جلال بعدما تقابلوا أثناء طريقهم للمنزل سمع كل منهم صوت صياح آسيا المرتفع وكان عمران يسبق جلال في الركض للأعلى مڤزوعا ومرتعدا على زوجته وابنه وقف بالغرفة وهو يلهث أنفاسه وينظر لأمه وزوجته وهم يقفون أمام البعض بتحدي في دهشة بينما إخلاص فالتفتت تجاه ابنها وهتفت بحړقة وڠضب
نظرت آسيا لزوجها بكل جبروت وبدت مصممة على قرارها أخذ عمران نفسا عميقا بعدما فهم
_بعدي يا آسيا مينفعش اللي بيتعمليه ده ولا يليق بيكي يابت الأصول
_هات الواد ياعمران أمك مش هتقرب من ولدي ولا تلمسه
_آسيا
كانت جليلة ساهم بالاندفاع نحوهم والدفاع عن ابنتها والوقوف بصفها لكن جلال قبض على ذراعها يمنعها بنظراته الصارمة وهو يهمس
راقبت آسيا عمران وهو يضع ابنها بين ذراعين جدته بنظرات محتقنة ومتلألأة بالعبرات التزمت الصمت المؤقت وسكنت وهي تراقب تفاعل إخلاص وفرحتها الحقيقية وهي تمطر حفيدها بوابل من قبلاتها الدافئة.
كانت إخلاص تتأمله بعينان دافئة كلها حب صادق وللحظة کرهت نفسها لأنها حاولت قټله والتخلص منه ندمت أشد الندم بعدما وضعته بين ذراعيها رفعت رأسها لعمران وقالت له بعين يملأها العبرات
_يتربى في عزك ياولدي وعقبال ما تفرح بيه وبشهادته وچوازه
حمل ابنه بين ذراعيه ورد على أمه بابتسامة عذبة
_أمين ياما
تنهدت إخلاص ثم نظرت لآسيا وقالت على مضض وهي تهم بالانصراف
_حمدلله على السلامة
_بتبصيلي إكده ليه إيه أنتي عاوزاني احرم ولدي من چدته!!
_أه چدته اللي كانت هتحرمك منه وكانت هتسقطني وتموته
عمران بنفاذ صبر وسخط شديد
_ لساتنا في الموضوع ده مهنخلصش منه!!!
حدقته بشراسة وقالت بتحدي وعناد يليق بأثنى متجبرة مثلها
_مش هنخلص وأنا النهاردة سكت وعديت اللي حصل بس أمك مش هتقرب من ولدي تاني
عمران بعصبية حقيقية
_أنتي اتخبلتي في نافوخك ولا إيه!!
نظرت له بخزي وعين متلألأة بعبرات الانكسار والقهر وهمست
_كان نفسي تخيب ظني مرة واحدة وتقف چاري لكن كيف كل مرة بتقف في صف أمك وبتاچي عليا أنا ومش بتنصفني بتخليني احس نفسي عريانة ومليش ضهر اتحامي فيه بحس أني وحيدة أنا وولدي
اتسعت عيني عمران بدهشة من كلماتها المأساوية وقال لها بانزعاج بسيط محاولا الدفاع عن نفسه في قلة حيلة
_أنا عملت إيه لده كله أنتي عاوزاني اعمل إيه يعني مهو من جهة أنتي وولدي ومن جهة أمي وأنتوا الاتنين مقدرش اخسركم
_أنت خسرتني أصلا من بدري اطلع برا مش عاوزة اشوفك.. اطلع!
كانت تضربه في صدره تحاول دفعه تجاه الباب لكنه كان كالحصن يقف شامخا وصلبا ودفعاتها لا تؤثر به فصړخت به پهستيريا وبكاء شديد
_اطلع برا قولتلك مش عاوزاك.. اط..ل..ع برا
_تمام.. تمام.. اهدى خلاص كفاية
_بعد عني.. متقربش مني.. بعد بقولك ه...ملن..ي
_خدي رضعيه
_حاضر ياحبيبي أنت چعت ياغالي خلاص متبكيش حاضر
_بص الناحية التانية!
رفع حاجبه بدهشة مستنكرا طلبها السخيف الذي لا يفهم سببه..خجل أم ڠضب أم ماذا وجدها تكمل هي بغيظ امتزج بقسمات خجل لاحظها في نظرتها ووجهها
_إيه!! .. ياتبص الناحية التانية ياتقوم تمشي!
_على عيني اهملك وامشي ياحبيبي بس نعمل إيه في دماغ أمك الناشفة مش عارف كيف هستحمل اقعد بعيد عنكم
_تصبحي على خير وخدي بالك من روحك ومن الواد
لم تخرج كلمة فمها واكتفت بمتابعتها له بعينيها حتى انصرف وغادر فنظرت لطفلها المشنغل بوجبته الصغيرة من ثدي أمه وحدثته بأسى وعين دامعة
_طول ما أبوك مش هيتغير أنا مش هنخ ولا هرچعله واصل ياسليم
داخل وكالة الصاوي كان بشار يجلس بغرفة المكتب الداخلية مكان عمار ينهي الأعمال التي بقت على عاتقه هو بسبب انشغال عمران منذ الأمس مع زوجته ومولوده الجديد بينما كان لا يرفع رأسه عن الأوراق والحسابات التي أمامه اخترق أذنه صوت طرق الباب فرد بخشونة دون أن ينظر إلى الباب
_ادخل
انفتح الباب بغل ودخلت رحاب تخطو بحذائها خطواتها الرقيقة رغم صلابتها فرفع هو رأسه ليتفقد هوية الطارق بعدما شعر من دخوله وصوت خطواته بأنه ليس من جنس الرجال وبالفعل رأى رحاب أمامه فضيق عينيه باستغراب وقال لها بحزم
_رحاب.. أنتي بتعملي إيه لغاية دلوك برا.. الوقت أتأخر!!
اقتربت من مكتبه وجلست على المقعد المقابل له بعنجهية وقالت ببساطة
_كنت بشتري شوية حچات أنا ومنى من السوق واحنا وراچعين خليتها تروح على البيت وأنا چيتلك اشوفك
رفع حاجبه بنظرة مستنكرة أسلوبها الجديد في الحديث واخفض نظره بتفحص نفسها السفلي وهي تضع قدم فوق الأخرى وتنظر له باحتقان تخفيه خلف قناع النعومة الذي ترتديه على وجهها أخذ نفسا عميقا وأخرجه زفيرا متمهلا وهو يسألها بصوت رجولي أجش
_مالك يارحاب في حد مضايقك ولا إيه
ردت عليها دون تردد وبنظرة ملتهبة
_أه في
سألها للمرة الثانية رغم أن يتوقع الإجابة لكن حافظ على هدوئه وتمتم
_مين
رحاب بعصبية وحقد
_أنت يابشار هيكون مين غيرك!!
مسح على رأسه ووجهه متأففا بانزعاج ملحوظ من أسلوبها المثير للأعصاب وأثر الصمت وعدم الرد حتى لا ينسب شجار بينهم لكنها تابعت وهي تسأله بغيرة حاړقة
_أنت مش قولتلي لما تفوق خطيبتك دي هتفسخ الخطوبة وتنهي كل حاچة وأهي فاقت يا بشار لساتك معاها ليه
لوى فمه بحنق وقال بصوت
رخيم يحمل الأسف
_مقدرش اسيبها يارحاب وهي في الحالة دي هي مش فاكرة حاچة ومحتاچة الكل يكون چارها عشان تفتكر تاني
ضحكت باستهزاء وقد بدأ عليها عدم الاقتناع بحجته الواهية للتمسك بها فقالت متهكمة
_ناقص تقولي كمان أنها فاكرة الكل ونسياك أنت بس كيف الافلام والمسلسلات وأنت هتساعدها عشان تفتكرك
طالت نظرات بشار الثاقبة لها وهو صامت والتي كانت تؤكد ما قالته للتو فاختفت بسمتها وظهر الذهول على محياها الذي سرعان ما تحول لهستيريا چنونية ووثبت واقفة تصيح به
_وأنت صدقتها!.. صدقت الكلام الفارغ ده!!.. مش بعيد تكون بتضحك عليك عشان تخليك چارها ومتسبهاش ولا أنت عاد عاچبك الحوار وعاوز تفضل چمبها وتفكرها بذكرياتكم مع بعض
هب بشار هو الآخر واقفا وهتف بصوته الرجولي التحذيري
_وطي حسك يارحاب.. متعلهوش عليا
_لما أنت مش بتحبني ومش هاين عليك تفترق عنها سبتني أتأمل ليه بحبك ليا