السبت 23 نوفمبر 2024

رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل العشرون بقلم ندي محمود

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

وبالعشق اهتدى 
_ميثاق الحړب والغفران ج_ 
_الفصل العشرون_
مرت ساعة تقريبا منذ وصولهم للمستشفى ودخولها لغرفة العمليات وجميعهم القلق وجد طريقه لأنفسهم المحبة والمهتمة بابنتهم بينما عمران فكان يقف بجوار غرفة العمليات مباشرة مستندا بظهره على الحائط وعاقدا ذراعيه أمام صدره نظراته تائهة في الفراغ وعقله مشغول بالتفكير في زوجته وابنه دقات قلبه تتسارع مع مرور الوقت بشكل مرعب من فرط قلقه خصوصا وأن موعد ولادتها لم يأتي بعد وكان من المفترض أن يكون لها زيارة لطبيبها الخاص ليتابع معها حالتها الأخيرة لكن ما حدث فجأة أثار قلق الجميع وأصابه بالړعب خشية من أن يصيبها شيء هي أو طفله ظل يردد آيات من القرآن ويذكر ربه باستمرار ليهدأ من اضطرابه.

على مسافة قريبة منه نسبيا كان كل من جليلة وجلال وحمزة يجلسون على المقاعد الحديدية وحالهم ليس أفضل من حاله الجميع في حالة سكون قاټلة ينتظرون خروج الطبيب وسماع صوت بكاء الطفل ليطمئن قلبهم المضطرب لكن الوقت كان يمر كالسلحفاء والساعة كأنها عام وعندما تعدت الساعة والنصف فقد عمران أعصابه وراح يجوب يمينا ويسارا أمام الغرفة وهو يمسح على وجهه ويتأفف بعصبية امتزجت بقلقه لكن روحه الثائرة هدأت ونسي كل شيء حتى انتظاره لوقت طويل وهو يتحرك على جمرة من النيران بسبب خوفه عندما صك سمعه صوت بكاء طفله المرتفع تسمر بأرضه ولمعت عينيه بفرحة وصعدت البسمة الدافئة على ثغره وكذلك حلال البقية أشرقت وجوههم العابسة فرحا وهب جلال واقفا يقترب في خطاه من عمران ليقف بجواره في انتظار خروج الطبيب لكن دقائق وخرجت الممرضة وهي تطلب ملابس الطفل فناولتها جليلة فورا الملابس بفرحة وراحت تسأله پخوف
_بتي كيفها عاملة إيه طمنيني الله يخليكي 
ردت الممرضة بابتسامة عذبة
_الحمدلله كويسة زي الفل هي والطفل 
مسح عمران على وجهه وهو يزفر براحة بينما جلال فربت على كتفه وهنئه بسعادة
_مبروك يامعلم يتربى في عزك وعقبال من تخاويه
ابتسم له عمران بصفاء وتمتم ضاحكا
_الله يبارك فيك يا أبو معاذ
اتجهوا للغرفة الخاصة التي ستمكث فيها فور خروجها من غرفة العمليات ودقائق معدودة حتى دخلت الممرضة وهي تحمل بين يديها ولي العهد الصغير وهو ملتف بالملابس الثقيلة والأغطية استقام عمران فورا واقفا وعيناه علقت على ابنه بلهفة فأسرع نحو الممرضة وبسط ذراعيه فوضعته داخل أحضانه بكل حرص تمعنه بنظرات أبوية دافئة وسعادة غامرة وهو بين ذراعيه تأمل ملامح وجهه البريئة التي تشبهه تماما وحركته القليلة داخل أحضانه فانحنى بوجهه عليه ولثم رأسه بقبلة دافئة وللحظة شعر فيض من الدموع سينهمر لكنه تمالك انفعالاته وراح يكبر في أذنه بالآذان كاملا في صوت هادئ.
استقامت جليلة واقفة واقتربت من حفيدها الصغير تنظر له بحنو وهو بين ذراعين والده فبسط عمران ذراعه وناولها إياه بكل حذر بعدما قبله ثانية ثم نظر للمرضى وسألها باهتمام
_المدام امتى هتطلع
أجابته بهدوء تام
_ربع ساعة بالكتير وتكون طلعت أن شاء الله
هز رأسه لها بتفهم وعاد يتأمل في طفله الذي يسكن بين ذراعين جدته وعادت بسمته السعيدة تزين ثغره مجددا.

بمكان آخر داخل مستشفى أخرى...
كان بشار يقود خطواته الأشبه بالركض باتجاه غرفة مريم بعدما وصلته البشارة من والدها في الهاتف بأنها استعادت وعيها أخيرا كانت الفرحة والراحة تحتل مركزها فوق تعابير وجهه الرجولية ولا يمكنه إنكار حقيقة مشاعره المتلهفة لرؤيتها وسماع صوتها.
وصل أمام باب الغرفة وطرق عدة طرقات خفيفة فسمع صوت والدها من الداخل يسمح للطارق بالدخول فتح الباب ودخل وعلى ثغره ابتسامة عريضة تكاد تشق طريقها لأذنه وسقطت عينه أولا عليها وهي تحدقه بنظرات غامضة لم يفهمها لكنه لم يكترث فقد كانت سعادته بعودتها تنسيه كل شيء الټفت إلى والدها وألقى السلام عليه في عناق حار وهو يردد له بنبرة رجولية
_حمدلله على سلامتها ياعمي
أجاب والدها بابتسامة واسعة
_الله يسلمك يابني 
فعل المثل مع شقيقها وكذلك أمها الذي اكتفى بمصافحتها في دفء وأخيرا وصل للحظة الحاسمة الټفت لمريم وطالعها بنظرة حانية واقترب منها ليجلس على المقعد المجاور لفراشها ويهمس في صوت رجولي ساحر
_حمدلله على سلامتك إكده تحرمينا منك طول المدة دي! 
ابتسمت له مريم بخجل بسيط ونقلت نظرها بين عائلتها ثم عادت له ونظرت له بامتنان وسألته في عدم ثقة
_أنت بشار صح
تجمدت تعابير وجهه على أثر سؤالها وتلاشت ابتسامته تدريجيا حتى اختفت تماما وعينيه اتسعت وهو يحدقها بقوة محاولا استيعاب سؤالها وفهمه ثم الټفت تجاه عائلتها يحدقهم پصدمة واستفهام فرأى تعبيرات الأسف والأسى على وجههم واستقام والدها واقفا ليقترب منه ويقول له في ثبات متصنع مربتا على كتفه
_تعالي معايا يابني برا نتكلم شوية
نقل بشار نظره بينهم بعدم استيعاب وكأنه ليس بوعيه ثم نظر لمريم ثانية فرأى نفس النظرة الغريبة في عينيها تماما كما تنظر لشخص غريب عنها وبالأخير استقام واقفا وهو في حال ذهول لما يحدث حوله وسار مع والدها للخارج.
وقف بالخارج وسمع لوالدها وهو يهتف بحزن شديد
_للاسف مريم في تفاصيل واحداث كتير من فكراهم والدكتور قال أنه فترة فقدان الذاكرة مؤقتة ومع الوقت هترجع تفتكر كل حاجة بس لازم كل اللي كانوا قريبين منها قبل الحاډثة يفضلوا جمبها الفترة دي عشان يساعدوها على التذكر بشكل أسرع
مسح بشار على وجهه في ضيق وأسي شديد ثم نظر لوالدها وسأله بيأس
_يعني هي نسيتني دلوك 
زم والدها شفتيها وقال في عبوس 
_اه للأسف بس لما اتكلمنا معاها افتكرت شوية تفاصيل زي الخطوبة وغيره بس مش فكراك لا شكلا ولا اسما احنا اللي فكرناها بيك
طالت نظرة بشار الحزينة والتائهة له فتابع هو بابتسامة دافئة
_خليك جمبها يابني وان شاء الله هي هتفتكر كل حاجة قريب
ربنا بشار على كتف والدها بلطف وتمتم في حنق ملحوظ
_ان شاء الله ياعمي أنا هروح الحمام
الټفت وسار باتجاه الحمام مبتعدا عن غرفته وهو يزفر بأسى وضيق على حالها شعر بنغزة مؤلمة في قلبه عندما أكتشف أنها تتذكر الجميع معادا هو ربما يكون هذا هو عقابه.

دخل عمران المستشفى بعدما انتهي من شراء الدواء الذي كتبه الطبيب لزوجته وصل أمام غرفتها وفتح الباب ببطء ودخل لحسن الحظ أنها كانت بمفردها في الغرفة بعد رحيل جدها وشقيقها وحتى أمها خرجت لقضاء أمر ما سريعا داخل المستشفى وستعود لها سقطت عينه على أفضل مشهد قد يراه في حياته وهي جالسة ومستندة بظهرها على وسائد ناعمة ومريحة خلفها وبين ذراعيها طفله وتقوم بإطعامه من ثديها ابتسم بحب وعينان لامعة كلها سعادة ثم تقدم نحوهم ووضع كيس الدواء على المنضدة المجاورة لفراشهم ورغم أنها رأته لكن تجاهلته ولم تنظر لوجهه لم يكترث لها فسعادته بوصول بمولوده الأول كانت أقوى من أي شيء يمكنه أن يعكر مزاجه.
انحنى على رأسها ولثم شعرها بغرام حقيقي وهو يهمس لها
_حمدلله على السلامة يا أم سليم 
أجابته آسيا بصوت خاڤت خالي من المشاعر
_الله يسلمك يامعلم 
طال تمعنه لصغيره وهو بين ذراعيها وتطعمه فمال عليه وقبله من رأسه بحنو ثم جذب مقعد وجلس بجوار الفراش وهتف لآسيا بابتسامة عريضة وهو لا يحيد بنظره عن

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات