رواية وبالعشق اهتدى الجزء الثاني من ميثاق الحړب والغفران الفصل الثالث بقلم ندي محمود
جعله يحاول تخمين ما الذي تفكر به والذي تنوي فعله.
انتشله من شروده صوتها وهي تقول بنظرة شامخة
_أنا خلصت
هب واقفا ومد يده يحمل حقيبة ملابسها الصغيرة وقبل أن يبتعد بخطواته عنها ويغادر هتف بنظرة منذرة
_مش معنى إنك هتروحي بيت ابوكي تبقى تطلعي وتدخلي على هواكي أي مكان هتروحيه هتاخدي الأذن الأول مفهوم
لم ترد ولم تعترض واكتفت فقط بنظراتها الثابتة عليه مما جعله يتفحصها بتعجب للحظات ثم الټفت وسبقها للخارج فلحقت هي به.
داخل غرفة بلال.. خرج من الحمام عاري الصدر بعدما أنهى حمامه الدافيء فوجد الباب ينفتح وتدخل أمه وهي تحمل فوق ذراعيها صينية ممتلئة بأصناف مختلفة من الطعام الذي يفضلها رمقها بطرف عينيه ثم أزاح نظره عنها وأكمل طريقه باتجاه الخزانة لكي يخرج تيشيرت له يرتديه أما عفاف فوضعت الطعام فوق الفراش وهي تقول بحنان وابتسامة مشرقة
لم تجد ردا منه فعبس وجهها وتنهدت بيأس وهي تقترب منه وتهمس
_مش كفاية ياولدي.. أنا خلاص اتعلمت من غلطي والله يا بلال وندمت ووعدتك مش هعمل أي حاچة تاني من غير علمك
بلال بصوت محتقن ويملأه الشجن
_ندمتي بعد إيه ياما.. بعد ما ضيعتي راچل بريء ملوش ذنب وضيعتي أبوي
_سامحني ياولدي صدقني أنا بمۏت كل يوم على فراق أبوك واتوحشته قوي وندمانة على اللي عملته ولو رچع بيا الزمن عمري ما كنت هعمل إكده اوعدك أني هتغير وهكون كيف ما أنت عاوز بس تسامحني وترچعلي أنا معدش ليا غيرك يا بلال أنت ضهري وسندي
طالعها بعينان لامعة قلبه ېتمزق حزنا على أبيه وفراقه وبنفس اللحظة حبه لامه مهما فعلت يجعل قلبه يلين لها تابعت عفاف بعينان غارقة في الدموع والنظرات المعاتبة
اڼهارت حصون ثباته كلها أمام كلماتها الأخيرة ونظرتها ونبرتها فامتلأت عينيه بالدموع وراح يفرد ذراعيها ويضمها لصدره مقبلا رأسها بعدة قبلات متتالية هامسا
_أنتي مكانك موچود قبل الكل ياست الكل
_اتوحشتك قوي ياواد.. ربنا يسعدك يارب ويتمملك على خير أنت وحور
ردد خلفها بفرحة وعينان لامعة بوميض العشق
_يارب ياما يارب
طال عناقهم لدقائق ثم ابتعد عنها وتحدث بحزم وضيق
_لو عملتي أي حاچة تاني ياما المرة دي مفيش سماح
_ابدا مش هعمل أي حاچة تضايقك ياحبيبي أنا خلاص اتعلمت من غلطي وندمت
ابتسم لها بحب ودفء ثم انحنى على رأسها يقلبها في لطف مجددا قبل أن يحاوط كتفيها بذراعه ويتجه معها نحو الطعام الموضوع فوق الفراش ليبدأ في الأكل وأصر عليها مشاركته.
بمكان مختلف داخل غرفة العمة فتحية كانت رحاب تقف أمام باب غرفة أمها وشاردة تفكر بتردد في قرارها الذي اتخذته لا تملك الجرأة للأفصاح عن رغبتها وتخشى من ردة فعل أمها إذا عرفت لكنها لم تعد تستطيع السكوت أكثر من ذلك هي تحملت كثيرا فقط احتراما للود الذي بينهم وبين العائلتين وإذا استمرت في التغاضي عن كل شيء أكثر ستدعس على كرامتها بقدميها.
طرقت الباب عدة طرقات خفيفة قبل أن تفتحه وتدخل هاتفة
برقة تليق بها وهي تتحدث لأمها
_فاضية ياما عاوزة اتحدت معاكي شوية
ابتسمت لها فتحية بحنان وقالت بترحيب بابنتها البكر
_فاضية طبعا ياحبيبة أمك تعالى ادخلي
دخلت بهدوء يشبه شخصيتها تماما وتقدمت من أمها لتجلس بجوارها هامسة في خفوت
_أما كنت عايزة اتكلم معاكي في موضوع إكده
أولتها فتحية كامل اهتمامها وهي تسأل بفضول
_موضوع ده إيه
تنحنحت رحاب بارتباك وتمت في صوت بات أكثر انخفاضا
_موضوع يخصني أنا وسالم
ضيقت فتحية عينيها بحيرة وأصبحت نبرتها أكثر جدية وحزم نابع من قلقها ليس لأن الأمر يخص خطيب ابنتها ولكن بسبب انخفاض نبرة صوتها وتوترها
_ماله سالم يارحاب انطقي يابتي متقلقنيش!
تشجعت وردت على أمها بثبات
_أنا عاوزة افسخ الخطوبة ياما
لطمت فتحية على صدرها صائحة پصدمة
_يامري ايه اللي حصل يابت ده انتوا على وش چواز!!
احتقن صوت رحاب وتلألأت عينيها بالدموع وهي ترد على أمها بحړقة
_احنا مننفعش لبعض ياما وهو مبيحبنيش وأنا وهو مش بنبطل خناق واصل وهو دايما بيعلي صوته عليه ويتعصب ويزعقلي ده غير أننا منشبهش بعض ومختلفين في كل حاچة كل ده وأنا كنت مستحملة وبقول معلش يمكن مع الوقت يتغير ولما نتچوز ونتعود على بعض نبقى مسبوطين مع بعض لكن بعد اللي عرفته من فترة قريبة مش قادرة اسكت ولا اكمل اكتر من إكده
اتسعت عيني فتحية بذهول وراحت تسأله ابنتها بقلق وخوف من معرفة القادم
_عرفتي إيه!
سالت دموع رحاب الحارة فوق وجنتيها الرقيقة وهي تجيب أمها بحزن
_طلع ماشي مع شلة شباب مش كويسة وبيشرب مخډرات والله اعلم بيعمل ايه تاني كمان من ورايا
لطمت فتحية فوق وجها پصدمة صائحة بصوت منخفض قليلا
_سالم يعمل إكده
أمسكت رحاب بيد أمها تتوسل إليها پبكاء
_ايوة سالم ياما.. أبوس يدك خليني افسخ خطوبتي منه أنا معاوزهوش تاني مش قادرة اتحمله أبوس يدك ياما
تنهدت فتحية بأسى ورفعت يدها تمسد فوق شعر ابنتها بحنو متمتمة في جدية
_طيب يارحاب خلاص اهدي ياحبيبتي هتكلم مع خالك وعمامك بكرا ونشوف الموضوع ده متقلقيش أنا مش هسيب بتي لواحد بيشرب ويسكر أنا إيه يضمني يعمل فيكي إيه لما يتقفل عليكم باب
هدأت ثورة رحاب وانفاسها أصبحت منتظمة وعيناها لمعت بالأمل والسعادة بينما فتحية فتابعت بوداعة
_يلا قومي اغسلي وشك وروحي لأختك ساعديها في البيت ومتشغليش بالك بالموضوع ده
لاحت ابتسامتها الساحرة فوق ثغرها وهي ترتمي على أمها تعانقها بحب هاتفة
_ربنا يباركلنا فيكي ياما وميحرمناش منك واصل
رتبت فتحية على ظهرها بحنو أمومي وهي مبتسمة ثم حثتها على النهوض والذهاب لشقيقتها ففعلت فورا وهي سعيدة بأنها أخيرا تحدثت وتخلصت من ذلك الثقل الذي كان يكتم على صدرها.
وقفت آسيا أمام باب منزل والدها بعدما اوصلها عمران ورحل طرقت الباب وانتظرت الرد وبعد دقيقتين بالضبط انفتح الباب وظهر من خلفه جليلة التي فور رؤيتها لابنتها تهللت اساريرها وصاحت بفرحة وهي تفرد ذراعيها وتضم آسيا لحضنها
_آسيا كيفيك يابتي
اجابتها آسيا بابتسامة حزينة وصوت خاڤت
_زينة الحمدلله ياما أنتي عاملة إيه
ابتعدت جليلة عنها بعدما ردت عليها وهي تمسد فوق ذراعها بحنو وتحثها على الدخول لكنها لمحت حقيبة ملابسها المتوسطة بجوارها على الأرض فاختفت بسمتها وغضنت حاجبيها باستغراب ورغم ذلك انحنت على الحقيبة وحملتها ودخلت بها خلف ابنتها التي جلست على أقرب مقعد وجدته أمامها لحقت بها جليلة وجلست أمامها على أحد المقاعد وهي تتمعن في تعابير وجهها المريبة بقلق عيناها منتفخة من البكاء ووجهها عابس وشاحب هتفت جليلة بحزم وڠضب
_مالك يا آسيا إخلاص وولدها عملولك حاچة
أخذت آسيا نفسا عميقا ثم ردت بثبات انفعالي غريب على
أمها
_لا يما محدش عملي حاچة
جليلة بعصبية