رواية سيدة الاوجاع السبعة الفصل الرابع عشر بقلم رضوي جاويش
الحملة التي قامت بها لصالح الجمعية الخيرية ..لم تجد من تشاركه سعادتها إلاه فاندفعت نحو باب شقته تطرقها في تتابع ملهوف ..
لم يجب فاستمرت في الطرق ملحة على غير عادتها ..يبدو أنه ليس بالداخل ..شعرت بالإحباط متجهة نحو شقتها لتتنبه لنرمين التي كانت تصعد الدرج لاهثة وهي تحمل طفلتها وبعض الأغراض ..
هتفت نرمين متنهدة حاتم مش هنا.. ده بايت فالمستشفى من امبارح.. عمو عبدالغني تعبان و..
تلبكت نرمين هاتفة هو انت متعرفيش ولا ايه يا طنط !.. انا اسفة اني خضيتك بس ..
هتفت إحسان في عجالة مستشفى ايه يا نرمين !.. ازاي محدش ييقولي!..
هتفت نرمين مؤكدة الصراحة يا طنط بعد يعني اللي حصل وبعدك عن تقديم البرنامج معاه كلنا افتكرنا انك حابة تبعدي عشان ميحصلكيش مشاكل ..غنوة نفسه قال لحاتم .. محدش يضغط عليها هي مضغوط عليها كفاية ..وان راحتك على أي وضع هي الأهم ..
أخبرتها نرمين باسم المشفى لتندفع في قلق تهبط الدرج على عجلة لتلحق به ..
اندفعت داخل اول سيارة أجرة تكاد تطير إليه ..قلبها يخفق في عڼف وجسدها يرتجف في اضطراب وعقلها يطلق أسئلته التي تجلدها كسوط ..ماذا لو تركها ورحل !..
اندفعت لداخل المشفى تبحث عن غرفته لتندفع مهرولة نحو حاتم الذي وجدته ينام مستندا على أحد المقاعد بزاوية ما مجاورة لحجرته ..
لم تشأ أن توقظه ودارت بعينيها تتطلع خلف أحد الجدران الزجاجية لعلها تلمح طيفه ..
كان هناك مسجي بين الأجهزة الطبية.. تطلعت إليه وارتفع نحيبها .. انتفضت عندما ربت حاتم على كتفها مهدئا ليهمس لها مطمئنا هو بخير.. الدكتور قال لي انه تخطى مرحلة الخطړ ..
أكد حاتم لا والله بجد .. حتى تعالي نشوف الدكتور واسأليه بنفسك..
هتفت في ترجي انا عايزة ادخل له ..ينفع !..
همس حاتم هو مينفعش ..بس انا هحاول اخليك تدخليله ..أنا متأكد أن أول ما يحس انك هنا هيفوق ويبقى تمام .. ده مكنش على لسانه غير اسمك ..
أكد حاتم بايماءة مصحوبة بابتسامة مشرقة واندفع يتدبر فرصة لدخولها إليه ..
تسحبت لداخل غرفة العناية الفائقة ما أن استطاع حاتم الاتفاق مع الممرضة على منحها دقيقة تطل عليه ليطمئن قلبها ..
وقفت على أطراف فراشه تتطلع إليه في شوق جارف ..رغم ذاك الشحوب الذي اعترى قسمات وجهه على غير عادته الا أنها ابدا لم تستشعر فارقا.. كان نفس الوجه الذي أحبت صاحبه..
نعم هي تحبه .. اعترفت لنفسها بذلك وهي بطريقها للمشفى ..كانت تدرك هذه الحقيقة منذ زمن لكنها كانت تغالب روحها حتى لا تعترف بها وتصبح واقعا عليها التعامل معه ..
مدت بلا وعي كفها تحتضن كفه وانحنت هامسة برقة بالقرب من مسامعه عبدالغني ..انا هنا..
لبرهة لم يتغير شئ ..ظلت تتطلع لمحياه واخيرا انفرج جفناه ببطء متطلعا إليها في وهن وانشقت شفتاه عن ابتسامة جاهد ليرسمها عندما ضغط على كفها التي لم تسحبها من بين كفه ليتأكد أنها هنا بالفعل وأنه لا يهزي..
همس مشاغبا إياها وحشتيني ..
ابتسمت وانسابت الدموع على وجنتيها سخينة بمذاق مختلف .. دموع امتزج بها ۏجع العشق بمرار الشوق بحلاوة اللقاء وروعة الاعتراف ..
همس يشاغبها من جديد ياللاه غنيلي ..
همست معترضة بابتسامة دامعة مش هتبطل جنان !..
همس بوهن ومازالت ابتسامته تكلل شفتيه الشاحبة الجنان ده هو اللي خلاني عايش لحد ما قابلتك ..لولا الجنان كنت مت من زمن ..كانت الغربة والوحدة ..لا زوجة ولا ولد ..انا محستش اني عايش الا لما شوفتك ..
لم تجب بحرف لكنها تشبثت بكفه أكثر وبدأت تشدو هامسة يخالط شدوها هنات نحيب لروعة اعترافه يا احلى غنوة ..سمعها قلبي .. ولا تتنسيش ..
خد عمري كله ..بس النهاردة .. خليني اعيش ..
تطلع إليها في عشق هامسا يكمل أغنيتها خليتي جنبك خليني ..وفي قلبك ..خليني..
انحنت تقبل ظاهر كفه وتعاود التطلع إليه في هيام ليبتسم وقد امن لوجودها مغلقا عينيه ليرتاح قليلا وعلى شفتيه ابتسامة رضا وانتصار ..فها قد فاز اخيرا بقلبها ..
رن جرس هاتفه منبها إياه أنه قد حانت صلاة الفجر نهض ليتوضأ حتى يلحق بالصلاة جماعة بالمسجد القريب .. مر أمام غرفة صغيره ليجدها مشرعة ..وقعت نظراته عليها.. منذ متى ترتدي تلك الأردية الحريرية الجميلة !.. لقد تغيرت كليا..
ليس تغيرا مظهريا كما كان يعتقد يوم أن رأها في المؤسسة لأول مرة بعد طلاقهما ..لكنه تغير جوهري حتى في طريقة تفكيرها وتعاطيها مع الأمور ..ارتفع نداء إقامة الصلاة وتململت هي بنومها مما دفعه للانصراف حتى لا يوقظها وكذا ليلحق بالصلاة على عجالة ..
ابتسمت ما أن سمعت باب الشقة يقفل فقد أصبحت اخيرا علاقته بالصلاة جيدة .. لكم كان هذا الأمر يؤرقها في الماضي وكان مثار خلاف بينهما .. كانت دوما ما تخبره أن علاقته بربه ستصلح ما بعلاقتهما من اعوجاج لكنه ابدا لم يصغ إليها ..كان يكفيه جلسة واحدة بصحبة سالم حتى ينزع بوساوسه بذور الصلاح التي كانت تحاول غرسها بأرض قلبه ..
نهضت للصلاة بدورها حتى تنهيها قبل عودته ..
تطلعت حورية لابنتها في شك هاتفة مالك يا هناء !.. بقالك فترة كده مش على بعضك !..
هتفت هناء في اضطراب مالي !.. ما انا كويسة اهو يا ماما !..
هتفت حورية مؤكدة لا .. فيك حاجة .. انا امك واعرفك اكتر من روحك ..فيك ايه !..وكمان بقالك فترة مش بتطلعي لعمتك ولا عندها زي العادة !..ده أنت حتى مش فرحانة لطلاق ابوك لصفية اللي مكنتيش طيقاها لا فسما ولا فأرض!..
اڼفجرت هناء باكية في شهقات متتابعة مما دفع حورية لتهتف مصډومة يا حبيبتي ..تعالي فحضن امك ..مالك يا بت فيه ايه!!.. متوجعيش قلبي عليك..
اندفعت هناء حتى فراش امها ملقية نفسها بين ذراعيها هاتفة في اضطراب وبأحرف متلعثمة انا ھموت من الذنب ..ھموت ومش قادرة اتكلم والا عمتي ..
رفعت حورية رأس ابنتها بعيدا عند صدرها هاتفة بها في صدمة انت بتقولي ايه !.. عمتك مالها بيك !..
شهقت هناء هاتفة هحكيلك كل حاجة ..اصل ..اصل عماد لما اتقدم لبابا عشان يتجوزني بابا موافقش زي ما انت عارفة ..قال أن عماد مش مناسب ليا ..وانا كنت بحبه وعيزاه ..بس بعد اللي عمله مش..
صړخت حورية في ذعر اللي عمله !.. عمل ايه يا بت انطقي !..
هتفت مضطربة كان هيعمل لولا صفية ..
هتفت حورية في ذهول صفية ايه