رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الخمسون بقلم ندى محمود توفيق
حاجة نقولها ما أنت خلصت كل الكلام بردك في النهاية
مسح على وجهه متأففا بنفاذ صبر قبل أن يهتف في لهجة رجولية
طيب تعالي هوصلك للچامعة يلا
حور باستياء شديد
مش عايزة شكرا أنا هروح وحدي
أجابها بحدة بسيطة وإصرار تام
مش هتلاقي مواصلات هنا كتير يا حور يلا قولتلك بلاش عند
عنادت وظلت واقفة وهي تتلفت حولها تنتظر أي سيارة لتأخذها للجامعة لكن لم يكن بالشارع أي سيارة آجرة وهو كان يقف بجوارها يتأملها بقلة حيلة من عنادهاحتى وجدها في النهاية ترمقه بقرف قبل أن تأفف مستسلمة وتتجه نحو سيارته لكي يأخذها هو ابتسم عليها بحب وسار خلفها ليستقل بمقعده المخصص للقيادة بينما هي فقد كانت استقلت بالمقعد الخلفي رافضة الجلوس بجواره
كانت فريال تجلس على الأريكة بالصالة وبيدها صحن ممتليء من السلطة تأكل منها بتلذذ وبجوارها كان يجلس اولادها الأثنين وهم يشاهدون التلفاز على أحد برامج الاطفال وعلى الجانب الآخر كانت تجلس جليلة تتابع فريال بغيظ حتى انتشلها من تأملها لفريال صوت عمار وهو يقول بحماس
ابتسمت جليلة لحفيدها الصغير بحنو وردت بإيجاب
إيوة بس مش هتقعد علطول كيف الأول طبعا خلاص خالك خدها منينا يعني كل فترة هتاچي تقعد معانا شوية
قال معاذ بسعادة ظاهرة على ملامحه
أنا اتوحشتك عمتي آسيا قوي من بدري قوي مشفنهاش وكمان هي مكنتش بتاچي البيت إهنه
ردت فريال على ابنها وهي تمسح فوق شعره بحنو
هتفت جليلة بنبرة تحمل بعض الحزم البسيط
يلا الوقت أتأخر وانتوا معاكم مدرسة الصبح اطلعوا ناموا
ارتفع العبوس على محبتهم فور ذكر جدتهم النوم ونظروا لأمهم برجاء أن تسمح لها بالبقاء لكنها أشارت لهم بعيناها أن يستمعوا لجدتهم ويذهبوا للنوم فهي على حق والوقت تأخر فاستقاموا واقفين في خنق وساروا نحو الدرج بالإجبار حتى صعدوا متجهين لغرفتهم وفور اختفائهم عن أنظارهم التفتت جليلة نحو فريال وقالت پحقد
التفتت لها فريال وفهمت تلمحايتها جيدا فقالت بثقة متعمدة إثارة غيظها
الحمدلله البركة في چوزي ربنا يباركلي فيه ويحفظه ليا
ضحكت جليلة ساخرة وهي ترد عليها
چوزك!! وده من امتى الحب ده!
فريال مبتسمة ببرود وبنظرة ڼارية
من زمان قوي بس في شياطين دخلوا بينا وهما اللي فرقونا
قصدك إيه أنتي شكلك اتخبلتي في نافوخك وچلع ولدي فيكي نساكي روحك
بقت فريال مكانها ولم تتحرك لتكتفي بنظراتها القوية وابتسامتها المستفزة نحو جليلة التي هاجت عواصفها أكثر واندفعت نحو فريال تجذبها من شعرها فارتفع صړاخ فريال وهي تحاول التملص من قبضتها ولسوء حظ جليلة أن جلال وصل بتلك اللحظة وفور رؤيته لذلك المنظر اتسعت عيناه بدهشة وبسرعة صاح غاضبا وهو يهرول نحوهم
جذب فريال من بين براثن أمه وضمھا لحضنه وهو يحدق بجليلة ساخطا ويقول بصوته الرجولي الغليظ
لساتك مش ناوية تتغيري ياما صح
جليلة پغضب وهي ترمق فريال شزرا
مرتك هي اللي مش ناوية تچيبها لبر معايا
كانت فريال تتشبث بملابس زوجها وهي بين ذراعيه وداخل حضنه وتحدق بجليلة في سخرية بينما جلال فصاح غاضبا
تقومي تعملي إكده وتمدي يدك عليها وهي حامل
لم تجد مبرر آخر لفعلتها فاشاحت بوجهها للجانب الآخر وهي تلوي فمها بغيظ دون رد بينما جلال فهو رأسها مغلوبا وهو يتأفف بيأس ويقول لفريال بعدما انحنى عليها ولثم رأسها
يلا يافريال اطلعي لفوق ياحبيبتي اطلعي وأنا چاي وراكي
ابتعدت عنه فريال وسارت بخطوات بطيئة للأعلى وظل جلال يرمق أمه بنظرات معاتبة حتى قال بحزن
معدتش لاقي كلام اقولهولك ياما غير ربنا يصلح حالك أنا طالع أنام تصبحي على خير
ظلت كما هي لا تنظر لوجه ابنها وفور رحيله راقبته بنظراتها وهو يصعد الدرج وقد امتلأت عيناها بالعبرات الحاړقة والموجوعة
بمنزل ابراهيم الصاوي
كانت العائلة متجمعة لأول مرة منذ ۏفاة ابراهيم والجميع يجلس بالصالون يتحدثون بمواضيع مختلفة رغم سكوت إخلاص وعفاف وحديثهم القليل جدا إلا أن الرجال كان يتبادلون أطراف الحديث بشكل مختلف
توقفوا عن الحديث عندما سمعوا صوت خطوات فوق الدرج متجهة نحوهم وقد كانت آسيا وهي تنزل ببطء وسط نظراتها المعتادة لهم التي تملأها القوة تحركت نحوهم وجلست بجوار زوجها الذي انحنى على أذنها وهمس لها بجدية
إيه اللي نزلك أنا مش قولتلك خليكي في الأوضة ومتنزليش وتطلعي على السلالم كتير
نظرت لها وقالت بعبوس طفولي جميل
زهقت ياعمران من القعدة وحدي فوق وأنت مش قاعد چاري
سألها مضيقا عيناه باستغراب
امال ريم وين
نامت من ساعة يمكن
تنهد الصعداء بقلة حيلة ثم لف ذراعه حول خصرها بتملك وقربها منه أكثر قبل أن يرفع نظره للجميع يعطيهم البشرى السعيدة وهو يبتسم بعين تلمع بفرحة حقيقية
قريب أن شاء الله هيشرف ولي العهد
ارتفع الذهول الحقيقي فوق معالم الجميع وهم يحاولون استيعاب ما قاله للتو وأول ما تحدث بسعادة كان بلال وهو يقول بعد أن رتب على كتف أخيه بحب
مبروك ياخوي ياجي بالسلامة أن شاء الله ويتربى في عزك
توالت التهنئات من جميع رجال العائلة لعمران حتى عفاف في النهاية هنئت آسيا بامتعاض لكن إخلاص لم تتحدث وظلت تتابع آسيا بغيظ حتى سمعت صوت ابنها الغليظ وهو يقول بضيق
إيه ياما مش هتقولي حاچة ولا إيه!!
ابتسمت بتصنع بعدما اقتربت من ابنها وعانقته بحب وهي تقول في سعادة مزيفة
وهو أنا افديك الساعة لما اشيل عيالك بين يدي ياولدي دي ساعة المنى ربنا يتمم لمرتك على خير وياچي بالسلامة على الدنيا ويتربى في عزك
كانت آسيا تنظر لإخلاص ببسمة سخرية فهي وحدها التي ترى الزيف في كلماتها وفرحتها المتصنعة ربما لو كان هذا الطفل من امرأة أخرى لكانت فرحت به حقا لكن حقيقة أن أمه ستكون آسيا يكفي لجعل إخلاص لا تفرح بخبر وجوده حتى على عكس عمران الذي صدق فرحة أمه المزيفة وابتسم لها بحنو وهو يمسح على ظهرها بدفء مرددا
آمين ياما آمين
ابتعدت إخلاص عن ابنها وعادت لمقعدها مجددا وقد بدأ الحديث مرة أخرى بينهم باستنثاء إخلاص وآسيا لا يتحدثوا فقد كانوا منشغلين في تبادل النظرات الشيطانية بين بعضهم البعض
بعد وقت طويل نسبيا انتهت جلسة حديثهم الطويلة ونهض الجميع معادا آسيا وعمران وإخلاص فنظر عمران لأمه وقال بهدوء وجدية
عاوزك تاخدي بالك من آسيا ياما متخلهاش تطلع وتنزل كتير ولا تعمل حاچة الدكتور قالها أهم حاچة الراحة
قالت إخلاص باستهزاء وغل وهي تنظر لآسيا
وهو في حد بيقدر على مرتك دي ياولدي غيرك أنا إيه يقدرني عليها
عمران بلهجة رجولية قوية تحمل الرجاء
معلش الفترة الچاية بس خليهم يطلعوا الوكل ليها فوق لما أكون مش قاعد في البيت عشان متتحركش كتير
نظرت إخلاص لآسيا بغيظ وهي تصر على أسنانها ثم قالت وهي تجيب على ابنها بلطف متصنع حتى لا تشعره بحقدها على زوجته التي ستجلب له طفله الأول قريبا
حاضر ياولدي متقلقش مش هخليها تتعب روحها واصل
مال ثغر آسيا للجانب وهي تبتسم بخبث