الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الخمسون بقلم ندى محمود توفيق

انت في الصفحة 2 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

داليا باستفهام فأشار لها عمران بعينها بمعني أنه سيخبرها لاحقا 
أسرعت ريم نحو أمها وسألتها بصوت منخفض دون أن تنظر لأخيها الكبير بسبب خۏفها منه وعدم اعتيادها عليه
ماما هو احنا هنمشي بيتنا تاني 
هزت داليا رأسها لها بالإيجاب بينما الصغيرة فعبس وجهها وقالت بحزن وهي تتوسل أمها برقتها المعهودة
طيب ممكن اقعد النهاردة بس مع طنط آسيا وبكرا ارجع البيت
اتسعت عيني آسيا للحظة مندهشة لكن سرعان ما ضحكت بصمت وحب على تلك الصغيرة وبينما كانت داليا على وشك رفض طلب ابنتها خرج صوت عمران وهو يقول بهدوء
لو حابة تقعد النهاردة إهنه خليها مټخافيش عليها وأنا بكرا الصبح هرچعها البيت
تلفتت داليا بنظرها بين آسيا التي كانت تنظر لابنتها وبين وجه عمران الحاد فقالت بقلق أمومي طبيعي ورفض بسيط
لا الأفضل ترجع معايا مش هبقى مطمنة عليها وهي مش جمبي
تعلقت الصغيرة بقدم أمها وأخذت تترجاها بعينان دامعة تستعطفها من خلالهم وهي تهمس
عشان خاطري ياماما ارجوكي وافقي النهاردة بس
خرج صوت آسيا وهي تنظر لداليا بثقة ونظرات ترسل من خلالهم إشارات فهمتها داليا جيدا
خلاص يا داليا خليها مټخافيش عليها عمران قالك هيچبهالك بكرا وبعدين هي هتبقى معايا وأظن أنتي عارفة أن مفيش حاجة هتحصل ان شاء الله طول ما هيا معايا
نقلت نظرها بينهم مترددة للحظات طويلة قبل أن تطلق تمهيدا حارة بنفاذ صبر مغلوبة أمام الحاح ابنتها وتنحني عليها تقبلها من شعرها وتهمس لها في أذنها بحزم
متتشاقيش ياريم وتسمعي الكلام لغاية بكرا وملكيش دعوة بإخلاص وعفاف خالص فاهمة 
هزت الصغيرة رأسها لأمها بالموافقة وهي تضحك بفرحة وحماس ثم استقامت داليا في وقفتها وابتعدت عن ابنتها تنوي الرحيل وأثناء مرورها من جانب آسيا همسات لها بنبرة امومية حقيقية لا تحمل أي من الضغينة أو الحقد الذي كان بينهم سابقا
خلي بالك عليها يا آسيا 
رمقتها آسيا بطرف عيناها وهي تبتسم باستنكار لتنحني عليها وتهمس بخبث
الحساب اللي بينا اتقفل لما أنا أخذت حقي منك فمتقلقيش أكيد مش هدخل بتك في مشاكلنا يعني مټخافيش عليها
تنهدت داليا الصعداء بضيق وهي تحدق آسيا بامتنان قبل أن تلقي نظرة أخيرة على ابنتها وتلوح لها بيدها مودعة إياها قبل أن تغادر وتتركهم 
خرجت حور من منزلها وقادت خطواتها نحو الدرج تنوي الذهاب للجامعة وبعد وصولها للطابق الأرضي وتحركت باتجاه باب البناية لكن فور مغادرتها للبناية تسمرت بأرضها مندهشة عندما رأت سيارته تقف على الاتجاه المقابل لها من الطريق وهو يقف مستندا عليها بظهره عاقدا ذراعيه أمام صدره ويحدقها بثبات وعمق 
ظلت مكانها للحظات طويلة تتمعنه بوجه خالي من التعابير وصراع عڼيف نشب داخلها بتلك اللحظة بين تجاهلها له والاستمرار في طريقها وبين الذهاب له كانت تستمع لذلك الصوت القاسې وتتركه لكن نظراته البائسة والمهمومة لها جعلت من قلبها يذوب عشقا ورفقا به فتأففت مغلوبة وعبرت الشارع وهي تسير نحوه في ملامح قوية هذه المرة وعندما وقفت أمامها لم تتحدث بينما هو قال پغضب وعتاب ملحوظ في نبرته
هي وصلت للدرچة دي خلاص ليا يومين برن عليكي ومش بتردي عليا
لوت فمها واشاحت بوجهها للجهة الأخرى بعيدا عنه مردفة
مكنتش حابة اتكلم ومليش نفس
اتسعت عيناه بدهشة ممتزجة بغيظه الشديد وهو يجيبها
مش حابة تتكلمي معايا!!! 
عادت بوجهها له وقالت منفعلة بضيق حقيقي
ايوة يابلال مش حابة اكلمك عشان مش عايزة اسمع مبراراتك وقرارك وأنت بتتكلم عن حق أبوك مش عايزة احس أني مش فارقة معاك ومش بتفكر فيا وبتفكر في نفسك بس
همس لها بنبرة حازمة
طيب وطي حسك احنا في الشارع تعالي اركبي وهنروح مكان ونتكلم على رواق
أجابته بالرفض القاطع والخنق
لا مش عايزة اتكلم ومعايا محاضرة كمان 
بلال بانزعاج شديد ونظرة مريبة
حور محاضرتك لسا بدري على معادها هنتكلم شوية وبعدين هوديكي الچامعة قبل معاد المحاضرة 
طالعته بطرف عيناها في غيظ وكانت ترغب في الرفض مجددا لكنها لم تتمكن من الاعتراض خشيت من انفعاله بعد تلك النظرات الصارمة فاكتفت بأنها اندفعت باتجاه السيارة تلتف حولها لتستقل بالمقعد المجاور لمقعد القيادة دون أن تتفوه بكلمة واحدة بينما هو فتنهد الصعداء بضيق وفتح باب مقعده واستقل بجوارها لينطلق بالسيارة متجها نحو أحد الأماكن الهادئة وبعد دقائق طويلة نسبيا من الصمت القاټل بينهم توقف بالسيارة أخيرا أمام مقهي صغير يطل على نهر النيل وفتح باب السيارة لينزل بينما هي فظلت مكانها لم تنزل ليتلف إلى الجهة الأخرى وهو سلوى فمه مغلوبا ليفتح لها الباب ويشير لها بنظراته أن تنزل فرمقته مطولا بعناد طفولي حتى نزلت بالأخير وهي عابسة الوجه وسارت معه للداخل اتجه بلال نحو إحدى الطاولات الصغيرة المقابلة للمياه مباشرة وآشار لها بالجلوس أولا ففعلت وجلس بعدها على المقعد الذي يقابلها وقبل أن تبدأ هي بأي حرف تحدث في غلظة
أولا مفيش حاچة اسمها أنك مش فارقة معايا تمام لو مكنتش بفكر فيكي ولا فارقة معايا مكنتش چيتلك لغاية البيت واستنيتك عشان نتكلم رغم أنك مطنشاني ليكي يومين ومش بتردي عليا و 
خرجت عن طور هدوئها المزيف مجددا وانفعلت لتقول مغتاظة تمعنه من استكمال حديثه
أيوة مش فارقة معاك طول ما أنت عندك استعداد تضيع نفسك يبقى مش فارق معاك حد حتى نفسك مش أنا بس وأنا قولتلك أننا لو هنكمل مع بعض مش هسمحلك تعمل في نفسك كدا وكم 
قطع حديثها بمنتصفه منفعلا وهو يهتف جازا على أسنانه ويحاول التحكم في نبرة صوته
ماتهدي واقفلي خشمك ده إيه!! خليني اخلص كلامي الأول وبعدين ابقي افتحي الراديو اللي بلعاه ده
تبدلت ملامحها من القوة إلى الارتباك البسيط بعد انفعاله المفاجيء ولهجته الحازمة لها فسكتت مجبرة ولم تتحدث حتى وجدته يقول بجدية
صعب عليا انسى منظره أبوي ياحور واتصرف عادي حتى لو أنا عارف أنه غلطان من البداية وأنا مبفكرش في حد غيرك والله ولو في حاچة ممكن تخليني اغير قراري فهي أنتي بس أنا مش فارقة معايا أيوة فعلا مش فارقة ولو على نفسي كنت عملت حاچات كتير قوي بس كيف ما أنتي خاېفة تخسريني أنا كمان خاېف اخسرك ومش هقدر ابعد عنك
اختفى السخط من فوق معالمها ولمعت عيناها بوميض الحب مجددا وبسرعة انحنت على سطح الطاولة وهي تستند بساعديها فوقها وتنظر له بعمق متمتمة
طيب خلاص طلع الموضوع ده من دماغك ومش هقولك انسى بس اتنازل عشاني حتى لو بتحبني بجد ومش عايز تخسرني اوعدني أنك مش هتعمل حاچة وتضر نفسك
طال نظره لها وهو صامت لا يجيب وهي كانت تنتظر الرد منه ووعده لها بأنه لن يفعل لكنه للمرة الثانية يخيب ظنها فعادت بظهرها للخلف على المقعد ومال ثغره للجانب في بسمة مريرة قبل أن تثبت واقفة وهي ثائرة وهي تهتف
لا واضح جدا أنك بتحبني الصراحة أنا ماشية 
اندفعت بخطواتها السريعة لخارج المقهي بينما هو فأسرع خلفها يحاول اللحاق بها حتى أوقفها أخيرا بعد خروجها وهو يقول
استنى ياحور
رمقته شزرا وپغضب حقيقي وهي تهتف
انا ماشية يابلال قولتلك أساسا اتأخرت بما فيه الكفاية
بلال بخفوت ويأس
خلينا نكمل كلامنا حتى 
صاحت به منفعلة
كلام إيه مفيش

انت في الصفحة 2 من 5 صفحات