الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الواحد والعشرون بقلم ندى محمود توفيق

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

ميثاق الحړب والغفران
_ الفصل الواحد والعشرون_
كانت منخرطة في نوبة بكائها الصامت وأناملها مازالت تتجول فوق وجنتها لكنها توقفت واضطربت بشدة عندما فتح عينيه على أثر لمساتها لم يلبث ليدرك وضعها ويفوق من نعاسه حتى وجدها بسرعة تستدير وتوليه ظهرها.. لكن منظر وجهها الغارق بالدموع ولمساتها المرتجفة فوق وجهه كانوا أكثر ما يدركهم حيث اعتدل في نومته مضيقا عينية بحيرة وقلق وهو يسألها

_مالك پتبكي ليه
استمرت في بكائها دون إجابة فأعتدل هو وهب جالسا فوق الفراش ثم مد يده لكتفها يديرها باتجاهه في رفق هاتفا
_آسيا!
رفعت أناملها لوجنتيها وجففت عبراتها ثم استقامت هي أيضا جالسة لكن وضعها لم يتحسن بل ازداد سوءا كانت تشيح بوجهها للجانب تبكي بقوة وجسدها تعتريه نفضة عڼيفة ولم تكن تتفوه بكلمة واحدة حتى لتفهمه سبب كل هذا الاڼهيار والبكاء العڼيف تسلل القلق الحقيقي لصدره وأصبحت ملامحه صلبة على عكس نبرته اللينة التي حافظ عليها حتى لا يزيد من الوضع سوءا.. لف ذراعه حول كتفيها وهتف بنبرة مترقبة ومهتمة
_آسيا إيه اللي حصل ردي عليا!
فرفعت رأسها وتطلعت إليه بوجه غارق بالدموع وعينان مغلوبة شعرت باحتياجها له ولم تتردد للحظة في تلبيه رغبة قلبها ليتحول بكائها الصامت إلى نحيب مسموع فور تذكرها لكلمات فريال يسالها هذه المرة بنظرات يظهر بها الڠضب الحقيقي والانزعاج
_في حد عملك حاچة أو ضايقك
هزت رأسها له بالنفي دون أن يخرج صوتها يقول بضيق
_امال في إيه ردي عليا ساكتة إكده ليه!
خرج صوتها الضعيف أخيرا
_مفيش حاچة 
رفع حاجبه بعدم فهم وحيرة من أمرها بينما هي فهمست بنبرة رقيقة تحمل بحة البكاء
_عمران
تابعت بعد ذلك بندم وبكاء دون أن تتجرأ على رفع رأسها والنظر بعينيه
_سامحني
أجابها بنظرة مستفهمة تطرح الأسئلة
_على إيه!
تحلت بالجرأة هذه المرة ورفعت رأسها عن صدره وتطلعت بوجهه وعينيه في عمق هامسة بعينين تظهر صدق ندمها
_على كل اللي عملته معاك.. مكنتش أعرف إنك ملكش يد في قتل أبويا والله كان الڠضب عامي عيوني ومنظر أبويا هو الحاجة الوحيدة اللي كنت شيفاها وكنت عاوزة أخد حقه واريحه.. أنا عمري ما كنت اقدر أذي حيوان حتى معرفش كيف كنت عاوزة اقتل إنسان.. عارفة أن اللي عملته معاك مش هين ويمكن ملوش غفران كمان بس لو كان چرالك حاچة مكنتش هسامح نفسي
طالت نظرته الثاقبة إليها وهو يستمع لاعتذارها وندمها ثم أطلق تنهيدة حارة عن عينيها ويسألها باسما
_لو مكنتش سامحتك وغفرتلك يا آسيا مكنتش هدخلك بيتي واخليكي على ذمتي لحظة واحدة.. بس أنا اعتبرت أفعالك دي غباء وتهور من ست عواطفها بتسيرها ومش فاهمة ولا عارفة عواقب اللي بتعمله وعشان إكده عديتلك في المرة الأولى اللي عملتيه لكن صدقيني لو مكنتش غفرت كنتي هتقولي چحيم ناسي أهون عليا مليون مرة من راچل كيفك 
هزت رأسها بالنفي هاتفة في خفوت جميل ونظرة تحمل معاني مميزة
_عمري ما كنت هقول إكده
ضحك وهتف رافعا حاجبه اليسار بمكر يضمره خلف قسماته الجادة
_ليه
التزمت الصمت وسكنت تماما فقط أخذت تتمعنه بنظراتها المضطربة وعقلها الذي يبحث عن رد أو كڈبة بالمعنى الأدق دون أن تعترف له بحقيقة مشاعرها تجاهه كانت نظراته الرجولية العميقة تركبها أكثر وتسحبها لأعماق محيط عواطفها ولو كانت بقيت بين ذراعيه واستمرت في التحديق به للحظة أخرى كانت ستفرغ كل ما يملأ صدرها في وجهه.. فابتعدت عنه بسرعة كالتي لدغها عقرب وقالت بتلعثم وعينان زائغة
_ أنا هروح الحمام اغسل وشي
لم يجيبها واكتفى ببسمته اللئيمة ثم تابعها وهي تهرب منه وتتوارى خلف باب الحمام بينما هي فوقفت واستندت بظهرها على الباب وهي تبتسم باستحياء رغم أن كلمات فريال لا تزال عالقة بذهنها لكنها أبت أن تفسد عليها جمال لحظتها وفقط ما جعل وجهها يعبس مرة أخرى هو شعور الفراغ والبرودة الي يحتاجها فليتها تسكن به ولا تبتعد عنه أبدا.. ولكن مع الأسف كيف سيحدث إذا كان هو لا يبادلها نفس المشاعر.
داخل غرفة الصالون بمنزل خليل صفوان كان جلال جالسا فوق الاريكة وبيده سېجارة يضعها بين أسنانه ثم يخرجها وينفث معها الدخان بقوة للخارج لقائهم معا ونظراتها وكلماتها لا تغادر عقله كل كلمة تفوهت به تتكرر دون توقف لو كان يعاني من الآم قلبه في السابق فالآن تحول الألم لچرح ېنزف الډماء بغزارة نعتها له بالخائڼ يمزقه.. نظرات الكره والنفور التي استقرت في عينيها اصابته في مقټل ليتها طعنته پسكين حاد بدلا من تلك النظرات القاسېة.
المظلوم أصبح ظالم!
انفتح الباب وظهرت منيرة من خلفه ثم تقدمت نحوه وجلست بجواره في صمت للحظات قبل أن تمد يده وتمسك بيده هامسة
_إيه اللي مضايقك ياچلال.. مش قادرة اتحمل أشوفك إكده
سحب يده ببطء من أسفل يده ثم ربت فوق ظهر كفها بلطف هامسا في بسمة متكلفة
_مفيش حاچة يامنيرة.. مشاكل الشغل اطلعي أنتي نامي وريحي 
زمت شفتيها بعبوس وقالت في يأس
_وأنت مش هتاچي تنام 
تنهد بقوة ثم زفر أنفاسه الحارة في عدم حيلة ليجيبها بنبرة خالية من أي مشاعر
_اطلعي وأنا چاي وراكي كمان شوية
اماءت له بالموافقة وهي مازالت تحتفظ بملامحها العابسة والبريئة لكن فور وقوفها وانصرافها تحولت ملامحها لأخرى كلها نقم وحقد على فريال وتقسم من داخلها أنها ستمحيها من عقله وقلبه للأبد لكن أولا يجب عليها التخلي عن تلك الأمور الخاصة بالخجل والحياء فإن استمرت فيها لن تكسبه مطلقا.
خرج جلال بعدها بدقائق وقاد خطواته للأعلى حيث غرفته لكنه توقف بالطابق الثاني تحديدا أمام غرفته هو وفريال واقترب منها بخطوات ثقيلة فتح الباب ودخل ووقف يدور بنظره على كل ركن بها فجرت مشاهدهم الغرامية وحبهم أمام عينيه التي تلألأت بالعبرات دون وعي منه وسقطت دموعه فوق وجنتيه رفع كفيه وكفكف دموعه محافظا على صلابته من جديد حيث انصرف وأغلق الباب ثم أكمل طريقه للطابق الثالث نحو غرفته مع زوجته الجديدة.. هو من اقحم نفسه بذلك الوضع وسيتحمله رغما عنه.
فتح الباب ودخل فوجدها متسطحة فوق الفراش شبه نائمة وترتدي ثوب وردي قصير وبحمالات فوق الكتفين ينزل بفتحة مثلثية عند الصدر يظهر داخلها بوضوح.. تجاهل ما رأته عيناه تماما وتصرف بكل برود كأنه لم يرى شيء وبدأ في تبديل ملابسه ثم اقترب من الفراش وتمدد على الطرف الآخر منه ينوي النوم.. لكن الأخرى كانت قد عزمت على أن تتخلى عن خجلها منه حيث اقتربت منه في الفراش ورفعت جسدها قليلا ثم دخلت بين ذراعيه تضع رأسها فوق صدره.. اصابته الدهشة من تصرفها الجريء الذي أدرك الهدف منه جيدا وما تسعى إليه ليزفر بخنق وبقى ساكنا لم يحرك يده أنشا واحدا ولم يحاوطها.. بينما هي فقد ابتسمت بنصر وسعادة وأغلقت عيناها تنوي النوم بعدما وجدته لم يبعدها عنه.
دقائق قصيرة وقد ذهبت هي بسبات عميق وهو على وضعه بنفس السكون يتطلع في السقف بشرود فقط يفكر بحبيبته وحين أنتبه أنها نامت تنهد الصعداء وأبعدها عنه برفق يضع رأسها فوق الوسادة ليبتعد ويصنع مسافة بينهم ثم اغلق هو الآخر عينيه راغبا في النوم هربا من كثرة

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات