رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل السابع عشر بقلم ندى محمود توفيق
السلاح تاني
دهشت حين رأت نفسها توجهه صوبه بالفعل ولوهلة لم تفهم سبب تصرفاتها الساذجة والهوجاء هذه فهي لم تكن هكذا من قبل ابدا لكنها لم تجادل معه بكلمة واحدة واعطته له بكل طواعية وهدوء ليجذبه ويضعه فوق المنضدة الصغيرة المجاورة للفراش إلى حين انتهائه من طعامه.
ظلت تتمعنه بشرود وهو يأكل وللحظة قذفت بذهنها عبارة بلال لها بعد كل اللي عمله معاكي ده وعاوزة تقتليه.. نزلت بنظرها لذراعه المصاپ وتأملته بضيق ولوهلة صابتها وعزة ندم وخوف في صدرها عندما تخليت فكرة أذا اصابت الړصاصة مكان آخر بجسده.. وتحقق ما كانت تسعى له وقټلته على الرغم من أنها كانت تريد فعلها وبشدة سابقا لكن لسبب ما تغضب من نفسها على فعلتها الآن حتى أن الراحة تغمرها لأنه لم يمت.
_أنتي فطرتي ولا إيه!
اكتفت بهز رأسها بالنفي دون أن تتحدث فأجابها هو بجدية
_طيب أمال قاعدة بتتفرچي عليا ليه!.. كلي
أماءت له بالموافقة وتنهدت بعمق ثم بدأت تشاركه الطعام بعقل شارد وعينان ضائعة.. وبعد دقائق قصيرة انتهوا من فطورهم فاستقامت هي واقفة وحملت صينية الطعام وقادت خطواتها للخارج لكي تذهب بها للمطبخ وعادت له مجددا فوجدته انتهى للتو من تناول دوائه ورجع بظهره للخلف لكي يرتاح لكنه امسك بذراعه فجأة مټألما عندما حركه دون قصد فاقتربت منها وصعدت على الفراش بجواره ثم جذبت وسادة كبيرة وقالت له بأسلوب جديد عليها
رفعها ببطء منفذا لما طلبته منه رغم أنه مندهش من تحولها الغريب ثم وجدها تدس الوسادة أسفل يده هاتفة بنبرة صوت ناعمة تلقائية منها يسمعها للوهلة الأولى
_خلي يدك إكده واسندها عليها هتريحك ومش هتحس پألم
همس لها بنظرة ثاقبة تضمر خلفها معاني وشكوك كثيرة
_ رغم أني مش قادر استوعب بس اللي بتعمليه ده ملوش غير تفسير واحد وهو أنك ندمانة وحاسة بالذنب على اللي عملتيه
_ مش أنت قولت هتخدميني وأنا أهو بنفذ أوامرك وكلامك عاوز إيه عاد
ابتسم وتمتم بهدوء وهو يعتدل في جلسته قليلا
_ معاوزش حاچة بس خليكي إكده علطول عاقلة وبتسمعي الكلام من غير عناد
اندفعت جليلة تجاه غرفة ابنها تقصد فريال الموجودة بالداخل ولم تتريث لتطرق الباب حتى بل فتحته على مصراعيه پعنف ودخلت فوجدت فريال تلف حجابها وكانت تنوي الخروج لكنها توقفت عندما رأت حماتها وهي تنظر لها بشراسة وڼارية ولم تلبث لتطرح عليها سؤال ماذا بها حتى وجدتها تثور عليها وتقبض على ذراعها پعنف صائحة بها
فزعت فريال من هجومها المفاجيء عليها فردت عليهل برقتها المعتادة وهي تنتشل ذراعها من قبضتها
_چيت أشوف ولدي واطمن عليه.. بعدين ده لساته بيت چوزي
صړخت بها جليلة مستاءة
_افتكرتي دلوك أنك متچوزة.. چلال خلاص معدش ليكي ومش هيرچعلك فاهمة ولا لا يابت إبراهيم
انفعلت فريال أخيرا وهتفت بحدة على الرغم من أنها لا تستطيع مجابهة قسۏة ولا شراسة جليلة
استشاطت الأخرى واشتلعت بنيران الغيظ والڠضب فراحت تصرخ بها بعصبية هستيريا
_أنتي اتخبلتي في نفوخك هو إيه اللي مليش صالح ده ولدي.. فاكرة هسيبلك ولدي عشان تاخديه مني كمان وأنا مفضليش غيره.. أبوكي قتل چوزي وأخوكي ضحك على بتي وخلاها تسير معاه في طريق مفيوش منه رچعة وخدوتها مني هي كمان ودلوك فكرك هسيبلك چلال ده يبقى بتحلمي
كانت تتراجع فريال للخلف بقلق من هجوم وصړاخ حماتها عليها ولم ينقذها منها سوى دخول جلال الذذي ركض نحو أمه وأمسك بها هاتفا
_ بتعملي إيه ياما!!
تطلعت بابنها في قوة وقالت ببأس
_ بوعي مرتك وبقولها على الحقيقة اللي نسيتها.. ومتنساش أنت كمان أن دي هي اللي سابتك قصاد الكل وداست على كرامتك وادتك ضهرها
كان مندهشا من انفعال أمه الشديد وكلامها لدرجة أنه وقف ساكنا أمامها دون أن يتحدث وبعد رحيلها بلحظات كانت فريال تهم هي الأخرى بالانصراف في ڠضب وقهر لكنه قبض على ذراعها يوقفها بسؤاله القوي
_ رايحة وين!
فريال بجفاء وثبات مزيف
_ ماشية ياچلال
ضيق عيناه ورد ساخرا بسخط
_ هتمشي تاني يعني!
ردت عليه بصلابة وقسۏة جسدتها بمهارة
_ أنا مرچعتش عشان امشي من تاني أصلا أنا چيت عشان اشوف ولدي واطمن عليه بس
رغم كل ما فعلته وشعور الخذلان القاسې الذي سببته له إلا أنه كان يأمل أن يسمع منها ردا يهدأ من نيرانه ولو قليلا كان ينتظر أن يسمع قرار عودتها لمنزلها وكان على استعداد أن يلغي زواجه بلحظة غير مباليا بأي شيء لكنها فعلت وخذلته للمرة الثانية.
لمعت عيناه بوميض يحمل الخزي والڠضب الحقيقي
_ولما أنتي مرچعتيش جيتي تنامي في حضڼي ليلة امبارح ليه!!
كانت سترد بكل عفوية وتقول بسبب شوقها له لكنها تذكرت ما قالته أمه للتو وماتعرضت له من إهانة على لسانها لتقول بخنق وبرود
_حقك عليا ياچلال مكنتش اقصد.. غلطت يمكن مكنش لازم آچي من الأساس.. أنا هاخد ولادي عشان يقعدوا معايا كام يوم لغاية ما معاذ يخف وبعدين هخليهم يرچعوا تاني
وقف مصعوقا أمام ردها واعتذارها منه وتلك الكلمة التي تفوهت بها أنها أخطأت ولم يكن عليها التصرف هكذا بل مجيئها لمنزلها من الأساس كان خطأ هو حتى لم يعترض على رغبتها في أخذ أولاده لفترة قصيرة إلى حين تعافي ابنهم بسبب صډمته وتركها تغادر وتتركه كما هو دون حركة.....
استطاعت بصعوبة أن تهرب من تساؤلات عائلتها وخلقت كڈبة لوالدتها تبرر بها سبب خروجها وعلى حسن حظها أن أخيها وأبيها لم يكونوا بالمنزل وإلا لن يسمحوا لها بالخروج أبدا إلا بعد تحقيق كامل عن أدق التفاصيل للمكان التي ستذهب إليه وما الذي ستفعله.
كانت تسير مع حبيبها بعدما اتفقوا على اللقاء وكان هو يأخذها ولا تعرف إلى أين وجهتهم حتى وصلوا أمام بناية مكونة من ثلاث طوابق رغم أنها لا تفهم السبب الذي دفعه لجلبه لها لهنا لكنها أكملت معه السير صامتة تنتظر منه توضيح وصعدت درجات السلم داخل البناية حتى الطابق الثالث حيث تقتن شقته لكنها عند هذه النقطة توقفت وسألته بتعجب وقلق
_هو أنت چايبني إهنه ليه ياسمير
الټفت لها واقترب منها يمسك بيدها ويهمس مبتسما
_ قلقانة ليه ياحبيبتي هو أنا مش قولتلك مچهزلك مفاچأة
خلود بعدم فهم وحيرة
_ طب وإيه علاقة المفاچأة بالشقة دي!
اتسعت ابتسامته أكثر وقال غامزا بنظرات لامعة
_الشقة دي هتكون شقتنا عشان إكده چبتك إهنه عشان تشوفيها
فغرت فمها پصدمة ونقلت نظرها بينه وبين باب الشقة في عدم استيعاب وسرعان ما ارتفعت البسمة فوق ثغرها وردت
_ بتتكلم صح يا سمير!!
أماء لها بالإيجاب وجذبها من يدها معه ثم وقف أمام الباب