رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الثامن عشر بقلم ندى محمود توفيق
القصيرة التي قضتها معه لم تذهب عبثا وجعلتها تفهمه بعض الشيء تماما كمعرفتها أنه ليس رجل ېكذب خوفا من أحد وخصوصا لو كانت امرأة.
استقامت واقفة وردت ببسمة هادئة وجميلة
_اللي قولته دلوك كفاية.. أنا هنزل الأوضة تحت
انهت عبارتها واندفعت للخارج تتركه مكانه يغضن حاجبيه باستغراب منها.. بينما هي فكانت الراحة والسعادة تستحوذها بالكامل كان الشك يتمكن منها بعدما سمعت حوار عفاف وإبراهيم وتساءلت كثيرا بحيرة حول إذا كان مشاركا مع أبيه في جريمته أم لا والآن بعدما تأكدت كأن ثقلا يخنق ويكتم أنفاسها انزاح عن صدرها حتى أنها ربما ستتوقف عن تأنيب نفسها حول مشاعرها حديثة الولادة نحوه وستترك العنان لنفسها تدريجيا.
داخل غرفة الصالون الواسعة بمنزل خليل صفوان كان جلال جالسا بمفرده ويحتسي كأس الشاي الخاص به في عقل شارد ومعالم وجه عابسة هناك معارك ممېتة داخل عقله وقلبه.. ما بين رفضه لفكرة زواجه من الأساس فهو لا يحتمل امرأة سواها وبين عناده وكبريائه الذي يريد استعادته كان فقط بحاجة للشعور بقيمته ومكانته بقلبها يراها تتنازل من أجله وأجل أطفالهم لمرة واحدة على الأقل كما كان يفعل هو دوما لكنها لم تفعل وكأنها تثبت له أنه لا يستحق الټضحية أو التنازل وربما حتى لا تحبه بنفس القدر.
_ حليت مشكلة الحسابات اللي في المعرض
اكتفى بالإماءة برأسه في إيجاب دون تحدث فالتزم علي الصمت للحظات وهو يتمعنه بتدقيق حتى تنهد بقوة وهتف بنبرة رجولية هادئة لكنها حازمة
_لما أنت مش مبسوط إكده ياولد عمي هتتچوز على مرتك ليه!
_مين قالك إني مش مبسوط!
ابتسم علي بسخرية ورد في انزعاج
_وهو ده منظر واحد مبسوط يعني أنت كأنك مچبور واللي هتعمله ده ڠصب عنك وإيه اللي چابرك مفهمش
ضحك جلال بمرارة ولم يرد فقط راح يحدق في الفراغ أمامه بنظرات مهمومة فرفع علي يده ورتب فوق كتفه بلطف متمتما رزانة
رمقه جلال مطولا بنظرة ثاقبة رغم الضياع الذي بها إلا أنه بدا شامخا كالجبال واكتفى بنظراته له وهو يفكر بينما علي فهب واقفا بعدما رتب مرة أخرى على كتفه واستدار مغادرا ليتركه بمفرده من جديد...
بعد مرور ساعة تقريبا فتح عمران باب الغرفة ودخل ثم اغلقه خلفه بهدوء وتقدم نحو الفراش يجلس فوقه يتنفس الصعداء بقوة وكأنه يحاول إزالة شيء عن صدره ثم هب واقفا وبدأ في نزع جلبابه عنه ورغم إصابة ذراعه إلا أنه نجح في تبديل ملابسه بمفرده بعد معاناة.
_ آسيا!!
سمع صوتها المټألم وهي تهتف وسط تأوهاتها
_عمران تعالى
فتح الباب ودخل فوجدها جالسة فوق الأرض ممسكة بقدمها وهي تتأوه بقوة لم يكن بحاجة ليسألها ماذا حدث فالمشهد كان يتحدث عن كل شيء.. اقترب منها ومد يده لها ليساعدها على الوقوف هاتفا
تشبثت بذراعه وحاولت الوقوف لكنها عادت تجلس مجددا مصدرة تأوها عاليا پألم ومعه أدمعت عيناها لتهتف بصوت مبحوح
_مش قادرة أقف عليها
حاولت تحريكها وهي تتألم فانحني هو عليها ولف ذراعه حول خصرها متمتما
_أنا مش هقدر اشيلك لفي ايديكي على رقبتي وحاولي تقفي براحة
سرت رعشة بجسدها وتراقصت الفراشات بمعدتها على أثر لمسه لها بذراعه القوي لكنها حاولت التصرف بطبيعية وعدم إظهار خجلها وتوترها بعد معاناة توقفت أخيرا بينما هو فابتسم وهتف بمكر
_خلاص يا آسيا بعدي عشان تعرفي تمشي وتطلعي برا
ابتعدت فورأ عنه في خجل بسيط لكن تحول لغيظ عندما رأت تلك النظرة في عيناه كانت هي نفسها النظرة عندما كان يخبرها أنها هي التي تبحث عن فرصة للاقتراب منه وليس هو.
دفعته برفق وهي تقول ممتنعة بعناد
_أنا هطلع وحدي بعد عني
اختل توازنها للحظها عندما ضغطت على قدمها وصړخت پألم لكن قبل أن تسقط كان يعيدها لتوازنه بذراعه وهو يجذبها نحوه ويبتسم بلؤم هاتفا
_لو كنت سبتك دلوك كنتي هتتكسري وهطلع بيكي على المستشفى
اشتعلت من الغيظ وقالت بنظرة ملتهبة وهي تصر على أسنانها
_ ومسبتنيش ليه!!
رد ببرود متعمد وهو يبتسم
_محتاچك سليمة عشان تعرفي تخدميني زين لغاية ما دراعي يخف
تمالكت أعصابها بصعوبة ولولا أنها تحتاج لذراعه وله لكي يساعدها لم تكن بقت أمامه لحظة واحدة التزمت الصمت مجبرة وسارت معه للخارج لكنها لم تكن تتحمل الصمت دون إفراغ الغيظ المكتظ بصدرها حيث قالت بتمرد
_ماسكني إكده ليه مش ههرب منك أنا!
طالعها بقوة رافعا حاجبه في استنكار وفورا تركها وهو يقول بحزم
_امشي لحالك يلا طالما مش عاچبك!
جزت على أسنانها منزعجة وبالفعل لم تتنازل عن الاعتراف بحاجتها له حيث اتبعت عنادها وتحركت أمامه لكن بعد خطوة كانت ستسقط مجددا وتداركت نفسها بسرعة وسط تألمها فتوقفت مجبرة وهي تغلق عيناها بخنق حتى سمعته يقف خلفها ويقول بلهجة خبيثة
_ محتاچة حاچة!!
أصبح وجهها يعطي اللون الأحمر من فرط انزعاجها منه فهو يتعمد إثارة جنونه ويريدها أن تتوسله حتى يساعدها كعقاپ لها على تمردها وطريقتها الفظة بينما هو فعندما لم يحصل على رد منها قال بنبرة عادية مزيفة تضمر خلفها المكر
_تمام طالما مش محتاچة حاچة أنا هروح انام تصبحي على خير
تحرك لخطوتين بالضبط بعيدا عنها ينوي الاتجاه للفراش لكنه صوتها المكتوم وهي تقول بخفوت مضطرة
_أنا آسفة ممكن تساعدني
لاحت ابتسامته الواسعة فوق ثغره والټفت لها رافعا حاجبه وبقى مكانه لثواني قبل أن يقترب منها مجددا ويعود يحاوطها بذراعه متمتما بتلذذ
_مش ممكن ليه.. ممكن طبعا
كانت نظراتها مشټعلة تتوعد له لكن الآن سارت معه بصمت وتسطحت فوق الفراش بمساعدته لتسمعه يقول بجدية هذه المرة
_متتحركيش الليلة دي وبكرا الصبح هاخدك للدكتور
لم تجيب وهزت رأسها فقط بالموافقة بينما هو فابتعد والتف حول الفراش ليتسطح على الجانب الآخر منه ينوي النوم بينما هي فبقت لوقت طويل نسبيا تحاول النوم ولم تتمكن وبعد محاولات كثيرة غفيت أخيرا......
توقفت عفاف أمام غرفة ابنها وفتحت الباب ثم دخلت فوجدته جالس فوق فراشه ويتفحص هاتفه أغلقت الباب وتقدمت نحوه لتجلس بجواره على حافة الفراش متمتمة
_بلال
رفع نظره لأمه وقال بهدوء
_نعم ياما
ابتسمت له وردت بنظرة تضمر خلفها خبايا
_فاكر خالتك سمية مرت الحچ يوسف اللي في القاهرة
صمت لبرهة من الوقت محالولا تذكر الاسم وتلك السيدة حتى قال بالأخير
_أه فاكرها بس مش قوي يعني.. ليه مالها
عفاف بحماس غريب
_چات من القاهرة وتعبانة وأنا رايحة ازورها واطمن عليها بكرا إيه رأيك تاچي معايا
غضن حاجبيه بتعجب ثم أدرف برفض
_ وآچي معاكي ليه ياما روحليها أنتي واطمني عليها
أجابته بحنو محاولة إقناعه
_ ياولدي بدل ما اروح لحالي عاوزاك تروح معايا وهي كمان كانت علطول بتسألني عليك ولما تشوفك هتفرح قوي.. مفيهاش