السبت 23 نوفمبر 2024

رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الثامن عشر بقلم ندى محمود توفيق

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

تعالي اقعدي وحاولي رني عليهم تاني وأن شاء الله يردوا وبعدين ارچعي البيت لأختك وقوليلها 
سارت معه تجاه أحد المقاعد وجلست وهو جلس بجوراها لكن على مسافة بعيدة نسبيا أخذت تحاول الاتصال والوصول لوالدها أو أخيها لكن دون فائدة فانهمرت دموعها بغزارة أكثر وراحت تعيد الاتصال بيد مرتجفة من فرط الخۏف والحزن وهو يحاول تهدأتها بنبرته الرخيمة.
حصلت على الرد أخيرا من أخيها ودار بينهم حوار هاتفيا لنصف دقيقة تقريبا وكان بلال يتابعها بنظراته في اهتمام وفور انتهائها سألها
_قالك إيه
توقفت عن البكاء وحدة أنفاسها السريعة هدأت قليلا لتجيبه بعدها بصوت مبحوح
_الحمدلله قالي بقت كويسة وكمان شوية بليل هيركبوا ويچوا هنا عشان الدكتور اللي متابعة معاه ماما 
ابتسم ورد عليها بهدوء جميل
_الحمدلله قومي يلا روحي الحمام اغسلي وشك واهدي وبعد إكده روحي البيت وارتاحي 
بادلته الابتسامة الرقيقة ثم استقامت واقفة وسارت متجهة نحو الحمام وبقى هو بمكانه ينتظرها حتى تخرج مرت تقريبا خمس دقائق وربما أكثر فلم يحسب الوقت بالضبط.. رآها تخرج من الحمام وكانت على وشك المغادرة لكنها حين وجدته مازال مكانه ضيقت عيناها بتعجب واقتربت منه تسأله بعدم فهم
_ أنت لسا قاعد
ضحك ورد عليها مداعبا
_آه كنت مستنيكي بس أنتي باينلك كنتي هتمشي لولا إنك شوفتيني 
شعرت بالإحراج وردت عليه في رقة
_افتكرتك مشيت متوقعتش إنك هتكون لسا موجود عشان كدا 
هب واقفا وهتف بصوت رجولي يذيب القلب
_لا ممشيتش مش قولتلك هوصلك 
ابتسمت وردت بخجل حقيقي رافضة عرضه بكل لطف
_ متشكرة چدا يابلال بس مش عايزة اتعبك.. شكرا 
بلال بلهجة رزينة ونظرات ساحرة
_مفيش تعب مش هينفع اسيبك تروحي لحالك إكده.. بعدين اعتبريه رد جميل على اللي عملتيه معايا
تراقص قلبها سعادة وعيناها لمعت بوميض المشاعر المعاطفية ورغم ذلك حاولت الرفض مجددا لكنه قاطعها وقال مازحا
_ياستي يلا هو حد لاقي توصيلة في الزمن ده 
اشاحت بوجهها للجهة الأخرى وهي تضحك بصمت بينما هو فرد بسرعة بجدية وعذوبة
_بهزر لتكوني زعلتي ولا حاچة!
هزت رأها بالنفي وقالت ضاحكة
_ لا مزعلتش 
ابتسم مرة أخرى وقال وهو يهم بالتحرك
_ طب يلا 
سارت خلفه في خطوات متعثرة وخجلة بعض الشيء فقد أبت السير بجواره وهو لم يفعل فقط كان كل لحظة والأخرى يلتفت برأسه ليتابعها ويطمئن أن كانت خلفه أم لا.


بتمام الساعة العاشرة مساءا......
ارتدت آسيا حجابها ولفته حول شعرها بإحكام ثم قادت خطواتها لخارج غرفتها تحركت بثقة وغيظ يشعل صدرها بعدما رأت عمران يصعد للطابق الثالث حيث غرفة الجلوس الخاصة به وكانت منى تتبعه.. لحقت بها آسيا مسرعة في خطواتها وعند وصولهم للطابق الثالث وكانت منى على وشك فتح الباب والدخول اوقفتها آسيا بصوتها الحاد
_ منى!
توقفت والتفتت برأسها لها أولا ثم استدارت بجسدها طله ووقفت أمامها 
عاقدة ذراعيها أسفل صدرها وتبتسم لآسيا ببرود بينما الأخرى فسألتها بنظرة ڼارية
_رايحة وين
رفعت منى حاجبها وردت عليها بازدراء
_فريال بتدور على عمار وهو قاعد مع خاله چوا وداخلة اخده 
تحركت آسيا بعيناها على طول جسدها من رأسها لأخمص قدميها ولاحظت تلك العباءة المنزلية التي ترتديها وكانت ضيقة بعض الشيء وعندما رفعت عيناها مجددأ لوجهها انتبهت لعيناها المرسومة فابتسمت مستهزئة رغم النيران المشټعلة بصدرها إلا أنها لم تظهر لها شيء واكتفت بهمسها لها ونظراتها القاسېة
_البيت إهنه في تلات رچالة وأنتي بتتمشي فيه بالچلبية المحزقة دي وعيونك اللي رسماها.. في حاچة اسمها خچل وخشا عند البنات بس باينلك معندكيش منه
ضحكت منى ببرود مستفز وردت وهي تغمز لها بلؤم
_سيبنالك أنتي الخچل ياست الشريفة 
أظلمت عين آسيا وأصبح منظر وجهها مخيف حتى أن الأخرى ارتبكت قليلا من تحولها المرعب وفجأة وجدت آسيا تدفعها بيدها حتى اصطدمت بالحائط وأشرفت عليها بجسدها ثم قبضت على فكيها بقوة وراحت تهتف بعين ڼارية لا تحمل المزاح وهي تلقي عليها تحذيراتها الحقيقية
_متعلبيش في عداد عمرك معايا وخليكي بعيدة عني وعن أي حاجة تخصني لو مش عاوزة تخلي لياليكي كيف سواد الليل
رغم الخۏف الذي استحوذها للحظة من هجوم آسيا عليها إلا أنها تحلت بالشجاعة ودفعتها بعيدا عنها پعنف وهي ترمقها پغضب ثم ابتعدت عنها وسارت مغادرة تترك آسيا تتابعها في سيرها وهي تستشيط غيظا وتتوعد لها.
تنفست آسيا الصعداء محاولا استعادة روحها الهادئة ثم استدارت واقتربت من باب الغرفة وفتحته ببطء شديد وراحت تنظر من جزء منه تتمعنهم مبتسمة حيث رأت ابن شقيقها الصغير يجلس بين ذراعين خاله ممسكا بهاتفه ويشاهد أحد برامج الأطفال الكوميدية ويضحك بقوة وعمران يبتسم بدفء على ضحكه وينحني على شعره لاثما إياه بحب بقت مكانها تتابع ذلك المشهد الدافئ بصمت وهي تبتسم حتى وجدت عمران رفع رأسه تجاه الباب وفور رؤيتها لها انتصبت في وقفتها بشموخ وأخفت ابتسامتها ثم دخلت واقتربت منهم لتجلس بجواره وټدفن نظرها بالهاتف مع الصغير تسأله ضاحكة
_إيه اللي بتتفرچ عليه
نظر عمار لعمته وقال ضاحكا بحماس طفولي
_الكرتون ده أنتي عارفاه ياعمتي وبتتفرچيه معايا علطول 
دققت النظر بالهاتف جيدا فتذكرته وراحت تضحك بعفوية وكالأطفال اندمجت بالمشاهدة معه وأخذت تشاركه الضحك أيضا غير منتبهة لعمران الذي يرمقها بدهشة وهو يضحك عليها وبعد ثلاث دقائق تقريبا من الضحك المتواصل رفعت رأسها بعفوية نحوه وحين رأت ابتسامته المستنكرة وهو يضحك توقفت فورا عن الضحك وأظهرت الجمود والجدية لتقول لعمار بلطف
_قوم ياعمار أمك كانت بتدور عليك شوفها عاوزاك في إيه
هز الصغير رأسه بالموافقة لعمته ونهض من بين ذراعين خاله وقبل أن يرحل ضمته هي لصدرها وعانقته بحنو لاثمة وجنته ثم تركته ليذهب لأمه.. التفتت نحو عمران فوجدته ساكنا يتطلعها بريبة قبل أن يسأل
_ إيه اللي طلعك إهنه
توترت للحظة واحتارت حول الحجة التي ستخترعها لتفسر سبب قدومها غير أن غيرتها هي ما دفعت بها لهنا بعدما رأت ابنة عمته تذهب له وبالأخير قالت بنبرة بدت طبيعية
_چيت أشوف عمار كنا بندور عليه أنا وفريال ومش لاقينه 
لم يعقب والتزم الصمت على ردها ثم راح يلقي بنظره من النافذة التي بجواره وأخذت هي تتأمل في قسمات وجهه التي تعكس باطنه المتين وشخصيته الصارمة شعره الأسود الغزير مع لحيته وشاربه وعيناه السوادء حتى بشرته البرونزية تعكس عليه مظهرا رجوليا كله وقار ووسامة.
توقفت عن التمعن به وعبس وجهها عندما خطړ على عقلها ذلك السؤال الذي يرهق تفكيرها منذ أيام لكنها قررت إنهاء تلك الحماقة حتى ترتاح وتعرف طريقها من الآن وصاعدا أخذت نفسا عميقا قبل أن تهمس بنبرة أنثوية جذابة يسمعها منها للوهلة الأولى
_عمران
نظر لها وضيق عيناه بريبة وفضول لتتنهد هي مطولا وتكمل بنبرة جادة ونظرة ثاقبة
_أنا عارفة زين أنك مبتكدبش وعشان إكده هسألك سؤال وعاوزة اسمع الحقيقة منك 
قال بغلظة وتعجب
_ سؤال إيه ده!
نظرت في عيناه بقوة وسألته بثبات
_أنت ليك يد في قتل أبويا ولا لا
رأت قسمات وجهه تتحول من الهدوء للخنق والانزعاج التام وصمته دام لثواني قبل أن يهتف پغضب وصوت يحمل الثبات والخشونة
_سبق وقولتلك لا عاوزة تسمعي إيه تاني! 
لم تشك للحظة بصدق ما قاله وكانت متيقنة أنه يقول الحقيقة ولا ېكذب لا تعرف كيف تيقنت لكن ربما تلك الفترة

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات