رواية ميثاق الحړب والغفران الفصل الثامن عشر بقلم ندى محمود توفيق
عيناها بحدة هاتفا
_ متمثليش قصادي دور الملاك البريء عشان أنا فاهمك زين
مثلت الجدية والضيق وهي ترد بثبات
_وأنا مش بمثل ياعمران المرة دي أنا معملتش حاچة صح ومليش صالح.. أنا إيه عرفني أنها مش طيقاني
زفر بانزعاج تام ثم رد بخنق ولهجة مرعبة
_على الله المنظر اللي شوفته ده يتكرر تاني.. وتقعدي في اوضتك إهنه متطلعيش منها لغاية ما أرچع فاهمة
_إيه اللي رچعك!
رد بنفاذ صبر وهو يمد يده على المنضدة التي خلفها ويجذب هاتفه
_ نسيت التلفون
صمتت وتابعته وهو يندفع لخارج الغرفة منزعجا على عكسها هي التي كانت تبتسم بسعادة ونصر....
داخل منزل خليل صفوان.....
دخلت خلود غرفة الصالون الواسعة وكان والدها وأخيها يجلسون وهم يتحدثون اقتربت منهم ووضعت الشاي أمامهم على الطاولة الصغيرة وهمت بالاستدارة لكن صوت أخيها الحاد أوقفها وهو يسأل
ارتبكت وتلعثمت بالبداية لكن سرعان ما تداركت الموقف وردت بطبيعية
_روحت ازور واحدة صحبتي ياعلى كانت تعبانة
خرج صوت والدها هنا وهو يقول بحزم
_ومچيتيش واخدتي الأذن مني ليه!
حشرت بين والدها وأخيها ولن تسلم الآن من توبيخهم وغضبهم لكنها ردت بهدوء ونبرة معتذرة
_مكنتش قاعد يابوي فقولت لأمي وطلعت.. حقك عليا
_ أنا مش قاعد تبقى تاخدي أذن أخوكي وأن مكناش قاعدين متطلعيش
تدخلت إنصاف تدافع عن ابنتها هاتفة
_اخدت أذني يامنصر قبل ما تطلع وأنا وافقت مفيهاش حاچة راحت تطمن على صحبتها
صړخ بزوجته في عصبية
_ مفيش خروچ ودخول على الفاضي والمليان ومفيش طلوع لحالك كمان من إهنه ورايح
هزت خلود رأسها بالموافقة لوالدها واندفعت للخارج مسرعة ولحقت بها والدتها بينما علي فكانت نظراته عالقة على الباب يفكر بشك بالأخص بعدما شعر بأن هناك شيء ليس طبيعي بشقيقته وكان منصور على عكسه غاضب لكنه هدأ تدريجيا فور رحيلها من أمامه.
وقفت إخلاص أمام غرفة بشار وطرقت فوق الباب عدة طرقات خفيفة لتسمع صوته الرجولي وهو يقول
_ ادخل
فتحت الباب ببطء ودخلت فوجدته جالس فوق فراشه وكان قد ارتدي ملابسه ومستعدا للخروج فاقتربت منه وجلست بجواره هاتفة ببسمة دافئة
_ كيفك ياولدي
بادلها الابتسامة ورد عليها بود جميل
_زين الحمدلله ياما
سكتت إخلاص للحظة وهي تبتسم باتساع ثم قالت في حماس ووجه مشرق
غضن حاجبيه بدهشة وسرعان ما ضحك بخفة متمتما
_ بالسرعة دي لحقتي تلاقي عروسة
شاركته الضحك وهي تجيب بمرح لطيف
_امال.. أنت فاكر مرت عمك قليلة ولا إيه
اكتفى بضحكه دون أن يجيبها بينما هي فمدت يدها في جيب جلبابها وأخرجت صورة صغيرة ثم مدتها له وهي تقول بلؤم
_ چبتلك صورتها كمان شوفها وقول إيه رأيك
التقط بشار الصورة من يدها وراح يتمعن النظر في وجه تلك الفتاة لا يستطيع إنكار حقيقة أنها كانت جميلة وحسنة الوجه حقا تظهر معالم البراءة والهدوء واللطف على صفحة وجهها بوضوح وكأن وجهها كتاب مفتوح كشف عن كل شيمها.
ابتسم بمرارة فور تذكره لابنة عمته لكن إخلاص انتشلته من تفكيره بسرعة البرق وهي تسأله بفضول
_ هااا إيه رأيك يا بشار
تنهد الصعداء مطولا والټفت لزوجة عمه وابتسم لها ببسمة لم تصل لعيناه وهو يعطيها الصورة من جديد
_تمام ياما تمام
تهللت أساريرها وهي تعيد سؤالها بدقة أشد
_ يعني عچبتك وموافق
ابتسم على سعادتها العفوية وحبها الشديد له ليقول بإيجاب في حنو
_أيوة موافق
تنهدت براحة وهي تضحك وقالت
_مبروك مقدما عاد ياغالي أن شاء الله تكون من نصيبك
التزمت الصمت للحظة وظهور العبوس والخنق فوق صفحة وجهها وهي تهتف
_ عقبال ما أفرح بعمران كمان وانقيله عروستي بيدي.. بعد ما يطلق الحية بت چليلة دي
زفر بشار مطولا وتمتم برزانة باسما
_ياما متفكريش كتير عمران مش عيل صغير وهو عارف بيعمل إيه زين سبيه على راحته ومتضغطيش عليه هو بنفسه وقت ما يطلق مرته كيف ما قولتي هيرچعلك عشان تشوفيله عروسة
هدرت بعصبية وضيق حقيقي
_لا دي سحرت لولدي أنت مش شايفه كيف مبيحملش حد يقول كلمة واحدة عليها ولا يضايقها.. أنا خاېفة تلف على ولدي وتضحك عليه
قهقه بشار رغما عنه بصوت رجولي على عبارة زوجة عمه الأخيرة وتمتم بابتسامة يائسة
_شايف ياغالية شايف.. والصراحة بيني وبينك أنا حاسس أن اللي خايفين منه هيحصل
اتسعت عيني إخلاص پصدمة على أثر عبارته وسرعان ما احتقن وجهها بدماء الڠضب وصاحت به في غيظ
_ متقولش إكده قصادي يابشار.. أنا مش هسيبلها ولدي الحرباية دي لو حصل إيه
لم يتوقف عن الضحك وحاول وسط هذه الحالة تهدأتها وهو يردف بلطف
_طب خلاص متتعصبيش مكنتش اقصد
استقامت واقفة وقالت بوجه منزعج وهي توجه له الأوامر الصارمة
_حسك عينك تاچي تقولي مرة واحدة غيرت رأى ومعدتش موافق على الچواز فاهم
كتم ضحكته بصعوبة وأماء لها برأسه عدة مرات مطيعا لأوامرها وفور انصرافها عن غرفته اڼفجر ضاحكا من جديد...
داخل حرم الجامعة كان بلال بطريقه لصديقه الذي ينتظره بساحة الجلوس الكبيرة الخاصة بالجامعة الكافتيريا كان منشغل بالنظر في هاتفه بتركيز شديد ولم ينتبه للطريق أمامه فاصطدم بفتاة دون قصد ارتد للخلف بسرعة وهتف معتذرا بأسف وإحراج
_آسف جدا مخدتش بالي
انحنت الفتاة والتقطت مذكرتها التي سقطت فوق الأرض ثم انتصبت في وقفتها مرة أخرى ونظرت له لترد بتفهم
_ولا يهمك مفيش مشكلة
تجمدت ملامح وجهه عندما رأى وجهها فقد كانت نفسها الفتاة التي يكن لها مشاعر الإعجاب والتعلق.. تسمر مكانه دون أن يتفوه ببنت شفة أو حتى يتحرك بينما هي فابتعدت عنه وأكملت طريقها وعندما سقط نظره على الأرض لمح الهاتف الخاص بها فانحنى والتقطته وكان على وشك أن يتجه خلفها ليعيده لها لكنه توقف وتبدلت معالمه للحيرة والقلق عندما رأى حور وهي تسير شبه راكضة للخارج وتبكي نظر لذلك الهاتف ولحور ولحسن الحظ أنه وجد صديقة تلك الفتاة كانت تلحق بها فأوقفها بنبرته المهذبة وهو يسألها
_أنتي صحبة الأنسة اللي هناك صح
نظرت إلى حيث يشير بعيناه وعادت له وهي تهز رأسه بالإيجاب في تعجب فمد يده بالهاتف وتمتم
_طيب أديها التلفون ده وقع منها
جذبت الهاتف من يده وهي توميء لها بالموافقة بينما هو فاندفع مسرعا يلحق بحور وعندما كان لا يفصله عنها سوى مسافة قصيرة هتف مناديا عليها
_حور!
توقفت والتفتت للخلف وفور رؤيتها له رفعت أناملها وجففت دموعها بيد مرتشعة وقف أمامها وهتف بريبة
_مالك في حد ضايقك
هزت رأسها بالنفي وقالت في عينان غارقة بالدموع وصوت مبحوح
_ماما تعبانة أوي وراحت المستشفى وبرن عليهم في البيت دلوقتي محدش بيرد عليا وأنا مش عارفة أعمل إيه
بلال بنبرة رجولية جادة
_طب تعالي اوصلك البيت وهناك هتعرفي توصلي ليهم وتتطمني عليها
هزت رأسها بالرفض وقالت بصوت يغلبه البكاء
_أنا من القاهرة وقاعدة هنا أنا واختي الصغيرة هي في الچامعة برضوا قاعدين في شقة بتاعتنا ومش عارفة هسافر إزاي دلوقتي وكمان أختي متعرفش حاچة
تنهد الصعداء وقال بلطف محاولا تهدأتها
_ طب