لتنهي هذا الجدل العجيب وتلك الڤضيحة التي جمعت حولها سكان الحارة كما يجتمع النمل على قطعة السكر ايوه .. اه ..زي ما قالك كده ..يبقى إزاي هتجوز حماد بيه .. بقى ده ينفع !..
تطلعت هناء لهما في شك وأخيرا هتفت في خيلاء وبنبرة يملؤها الكبر أنا برضو مكنتش مصدقة إن بابا ينزل للمستوى ده ..
وتطلعت حولها في نظرة تحمل اذدراء قبل أن تسقطها على صفية التي شعرت بمهانة مزقت دواخلها ولولا جميل حماد بيه الذي طوق به رقبتها مرة بعد أخرى لكانت استطاعت الرد على ابنته المتغطرسة تلك بالرد اللائق لأمثالها ..
ساد الصمت لتندفع هناء حتى عربتها مغادرة في سرعة مخلفة ورائها غيمة من غبار ودموع صفية التي سالت على وجنتيها وهي تندفع لداخل بيتها تكاد أن تنكفئ وهي تصعد درجات السلم المتأكلة لا ترى طريقها من غيوم دموع المڈلة التي تغشى ناظرها عن رؤية دربها ..
دخلت غرفة نومها تبحث عن حقيبة يدها التي تركتها بموضع ما لا تذكره.. تناولتها ما أن وقع ناظرها عليها تبحث فيها عن كيس نقودها..
فتحته مخرجة كل ما تملك من مال جاءت به من بيتها أو ما كان يوما بيتها ..فردت جنيهاتها القليلة أمامها على صفحة الفراش لتجد أنها لا تكفي حاجتها .. لم تكن يوما ممن يحمل للنقود هما أو يفكر أن للنقود قيمة عالية لهذه الدرجة إلا اللحظة .. مجرد أن تستشعر أن الأمان أصبح بالنسبة لك ينحصر في وجود بضع جنيهات بكيس نقودك لشئ مخزي .. لم يعد لمصطلح الأمان مكان بحياتها من الأساس .. أصبحت تقف وحيدة بمهب ريح المهانة والخزي .. مطلقة على مشارف الخمسين من عمرها .. لا تملك عائلا وليس لديها مدخور من مال يكون سندا لها على الأيام وتقلباتها الغير متوقعة ..
قلبت جنيهاتها القليلة بين كفيها لا تعلم فيما يمكنها استغلالهم ..كانت تود لو كان باستطاعتها شراء بعض المستلزمات التي تساعدها على صنع بعض من حساء ودجاجة لنيرمين ما أن تعود من المشفى ..اليوم أو ربما غدا ..فهي على قدر ما سمعت من حاتم زوجها أنها يتيمة الأم وأبوها رجل طاعن بالسن لا يقو على المجئ لمباركة حفيدته..
حملت جنيهاتها وقررت أن تتصرف كيفما اتفق.. فقد شعرت رغم ذلك ببعض الحرية.. أجبرت نفسها على النظر لنصف الكوب الممتلئ .. فتوفيق لم يكن يوما بالشخص الكريم معها ..لم يكن يترك لها حرية التصرف بأية أموال.. لم تمسك جنيها واحدا يمكنها التصرف به كما يحلو لها.. كان هو المسؤول عن جلب كل ما يخص المنزل من أطعمة ومشتريات غذائية وهي مجرد منفذ لرغباته فيما يجب طهوه.. كانت بارعة في ذلك والكل يشهد أن طعامها يملك حسا ونكهة لا تنافسها فيها أي من كانت ..
وجدت نفسها داخل تلك البقالة الحديثة التي كانت قديما محلا صغيرا لا يبيع الا بعض من جبن وزيتون وصابون ..
دخلت تنتقي ما اعتقدت أن ما تملكه من مال يفيه وزيادة.. لكن ما أن وقفت أمام البائع تسأله اسعار ما أشترت حتى تفاجأت أنها تجاوزت الجنيهات التي بحوزتها بمراحل .. تنحنحت في حرج هامسة تحاول إخراج نفسها من موقف لا تحسد عليه معلش .. شكلي نسيت الفلوس في الشنطة التانية.. ممكن تشيل بعض الحاجات بحيث تكفي المبلغ ده ..
هم البائع بتنفيذ ما تطلب إلا أن صوتا أمرا لا يخلو من نبرة مرحة هتف ينهاه متشلش حاجة يا