الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية سيدة الاوجاع السبعة الفصل الاول بقلم رضوي جاويش

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

مقدمة 
دفعت بخصاص نافذة حجرتها بقوة لينفرج معلنا عن دخول ضوء نهار جديد ..همت بأن تندفع مبتعدة إلا أنها توقفت متسمرة موضعها ما أن وقع ناظرها على النافذة المتربة قبالتها والتي لم تفتح منذ ما يزيد عن العشر سنوات .. 
تنهدت في هدوء عيناها لاتزل متعلقة بالخصاص المهشم نوعا ما من الإهمال وعوامل الزمن التي أصابته وخيوط العنكبوت التي امتدت تغطيه وقد نسجها صاحبها مطمئنا أن لا يد ستعبث ببيته.. 

كانت ترغب في غلق باب الذاكرة حول تلك النافذة وأصحابها لكن تلك الأغنية التي تناهت لمسامعها اللحظة أشعرتها بحجم المؤامرة المحاكة نحوها ابتسمت في سکينة وقد استسلمت لتدفق شلال الذكرى مع كلمات الأغنية الشجية المنبعثة من مذياع أبيها المرتفع الصوت دوما بردهة المنزل 
من حبي فيك يا جاري ..يا جاري من زمان .. 
بخبي الشوق وأداري .. ليعرفوا الجيران.. 
لحظات مرت كما الحلم لتترك موضعها أمام النافذة العتيقة متجهة صوب مكتبها الذي ما برح موضعه منذ تركت هذه الغرفة.. دارت حوله لتجلس خلفه وتنهدت من جديد وهي تفتح حاسوبها الشخصي على صفحة ناصعة البياض لتكتب معنونة إياها .. 
سيدة الأوجاع السبعة.. 
دقت أصابعها على أزرار حاسوبها وبدأت تخط أناملها الأسطر .. 
الۏجع .. ذاك الضيف الثقيل الذي لا يبرح موضعه أبدا.. حتى وإن غادر لابد أن يترك خلفه بعض من أثر اثقل من حضرته مكبلا للروح ومثبطا للهمة.. لكن على الرغم من ذلك .. أنا شاكرة له بحق .. شكرا أيتها الأوجاع لأنك خلقتي مني نسختي الجديدة .. شكرا بحجم المعاناة التي أذقتني إياها لأدرك أني بهذه القوة وأني استحق أن أكون أنا .. شكرا .. 
توقفت يدها عن الكتابة لبرهة ووقعت عيناها على نافذة الۏجع الأول من جديد لكنها ابتسمت ما أن تبدلت أغنية المذياع لآخرى جذبتها مرة أخرى لتغوص في لجاج الذكريات مع صوت أم كلثوم الشجي 
طول عمري بخاف .. من الحب.. وسيرة الحب .. 
وظلم الحب لكل أصحابه .. 
دقت أناملها من جديد بقوة على مواضع الأحرف في سرعة مخافة أن تتفلت الكلمات من بين حنايا مخيلتها هامسة في عزم ما من إمرأة إلا ودقت يد الۏجع على باب قلبها أو اقتحم يوما روحها عابثا.. ما من إمرأة إلا وذاقت مرارة الوجيعة ولوعة الألم .. تعددت الأوجاع .. ويبقى ۏجع وحيد ..ۏجع لذيذ .. تنتظره المرأة في لهفة لعله المنجي.. تمعني جيدا في الأسطر والصفحات القادمة وحتما ستجدين نفسك صورة لإحدى هذه الشخصيات وقد زارك ۏجعها يوما ..
لكن إذا ما كانت قد زارتك جميعها.. فأنت الأن حتما تحملين لقب .. سيدة الأوجاع السبعة.. 

الۏجع الأول 
 
بدأ الملل يتسرب إلى نفوس الجميع انتظارا لمن لا يأتي .. تطلع عامر ولدها إليها في اشفاق هاتفا مش خلاص بقى يا ماما نطفي الشمع! الوقت اتأخر قوي والبنات تعبوا وعندهم مدرسة بكرة. 
تنهدت في قلة حيلة هاتفة في تأكيد عندك حق.. ياللاه يا ولاد .. 
أشارت لولدها وزوجته وطفلتيه في إتجاه طاولة اعد عليها كعكة عيد ميلاد وبعض المشروبات والحلوى.. 
وقفت في أحد أطراف المائدة وتحلق الجميع حولها بعد أن أشعلت الشموع واطفئت الأضواء وبدأوا في الغناء في سعادة إلا أنها تطلعت عبر ضوء الشموع لذكريات عدة مضت جعلت الدموع تبرق بعينيها لتتراقص الشمعات أمام ناظريها وقد تنبهت أخيرا لنداء ولدها لتطفئها .. 
ابتلعت الغصات المتراكمة بحلقها وزفرت أنفاسها لتخرج معها بعض الضيق الذي كان يكتنف صدرها .. 
ابتسمت في شحوب مع تصفيق الجمع وشعرت

انت في الصفحة 1 من 5 صفحات